الفصل الخامس

139 3 1
                                    

الفصل الخامس
ترك يدها عندما دلف إلى غرفته وهو يمسح علي شعره بضيق و يطالعها بحنق فرمقتهُ بنظرة نارية هاتفة بامتعاض :
- علي فكرة أنت ووالدتك اللي غلطانين فيا، فبلاش البصة دي !
- أنت شايفه إنك مش غلطانة ؟
بتحدي أجابته :
- أيوة مش غلطانة.
جز علي أسنانه هامسًا بفروغ صبر :
- يا صبر أيوب.
طالعته بلامبالاة مصطنعة محاولة منها نسيان كلمات والدته الجارحة، جلست على الفراش بأريحية تنظر الي أظافرها المطلية باللون النبيذي ببرود شديد، زفر شهاب من برودها فجلس بجانبها وحاول أن يكون هادئ قدر المستطاع :
- اللي انتِ عملتيه غلط يا نارة أولًا ليكِ وبعدين لينا.
بإستنكار قالت :
- غلط في ايه بقا ان شاء الله!! مامتك أهانتني حتي لو أنا مش مراتك بجد بس كلامها وجعني دي شكت في شرفي فاهم يعني إيه شرفي؟
أجابها بسرعة وهو محنق أكثر منها من حديث والدته :
- ما عاش ولا كان اللي يهينك أو يوجعك وأنا موجود.. حقك عليا يا ستى.
ارتفع ناظراها إليه تحدق النظر في حبتي القهوة المتشبعة بنظراته الحنون فهامت هِ بحالمية متناسية تمامًا شعور الضيق الذي انتابها من والدته .. فاقت من سحر اللحظة علي أصابعه يطرقع بها أمام نظراتها الشارده بهِ فهمست بإرتباك :
- ها كنت بتقول حاجة ؟
تنهد شهاب بيأس منها، ومن ثم عاد حديثه مرة أخري هاتفا بجدية :
- بصي يا نارة أنت غلطتي لما كنت هتمشي دلوقتي والدنيا مش أمان والله أعلم كان ممكن إيه يحصلك وأنتِ في بلد غريبة ماتعرفيش عنها حاجة ولا تعرفي فيها حد.

أخد نفسًا عميقًا واسترسل يلقي على مسامع نارة التي تتطالعه بتركيز :-
- ثانيا كنتِ هتعملي لي مشكلة كبيرة أنا وعيلتي وهنا البلد صغيرة والناس ما بتصدق تمسك في فروة حد وتتبت ، ويا سلام بقا علي التحابيش والشطة اللي بيحطوها علشان يحلوا الحدوتة.

هتف آخر جملة ممازحًا وقد ارتسمت ابتسامة جميلة علي محياه أعطته جاذبية أكثر تحت نظراتها الحالمة .. نغزها في كتفها قائلًا بمكر :
- هو أنا حلو أوي كده لدرجة إنك بتسرحي فيه كل شوية.
ارتبكت نظراتها وارتعش جسدها من الخجل والتوتر معاً فهمست بتلجلج :
- أنا مكنش قصدي أعمل مشكلة بس كلام مامتك نرفزني بجد وخلاني مش شايفة قدامي.. سوري!
- حصل خير
صمت شمال المكان للحظات قبل أن تقطعهُ هي قائلة :
- شهاب ممكن الفون بتاعك أكلم اختي أطمنها عليا.
أومأ شهاب برأسه موافقا وأعطاها الهاتف والتفت يغادر الغرفة ليمنحها بعض المساحة لتتكلم مع اختها براحة.
نقرت علي شاشة الهاتف بأصابع مرتعشىة وانتظرت الرد ثوان وجاءها صوت أختها المُتسائل بعد لحظات؛ فأجابت بسرعة بلهفة :
- بتول أنا نارة ، عاملة إيه يا حبيبتي ومامي عاملة ايه ؟
بلغها الرد عبر الهاتف من أختها بلهفة هي الأخرى :
- نارة وحشتيني أوي ، أنا كويسة وماما بخير بس بابا قالب الدنيا عليكِ هو واللي ما يتسمى ، المهم طمنيني أنت عليكي أنت كويسة ؟
- أنا كويسة يا حبيبتي متقلقيش ، لو حصلت أي حاجة عندك أو عرفتي إنهم وصلوا لأي حاجة توصلهم ليا اتصلي علي الرقم ده علي طول تمام؟
- حاضر يا حبيبتي بس ابقي طمنيني عليكي ، متعرفيش أنا قلقانة عليكي قد ايه.
- متقلقيش يا حبيبتي أنا كويسة جدا وهبقا أكلمك أطمن عليكي أنت ومامي وماتنسيش اللي قولتلك عليه ، هضطر أقفل دلوقتي يا بتول عشان محدش يشك في حاجة ، لا إله إلا الله.
- تمام وخلي بالك من نفسك يا حبيبتي ، محمد رسول الله.
أغلقت نارة مع شقيقتها وهي تتنهد براحة لاطمئنانها على أختها ووالدتها باعدة تفكيرها تمامًا عن والدها الذي تسبب في حدوث جميع تلك المشاكل، سألت نفسها ماذا كان سيحدث لو كان أبًا مراعيا لقرار ابنتهُ محاولا الوصول إلى حل أوسط بينه وبين شريكه بدلًا من أن يرميها لابنه كالسلعة التي لا صاحب لها.

نارة (مكتملة) Where stories live. Discover now