المُبهجة البائسة...

23 10 2
                                    


وبين فُقدان التواجد في مالم يُفقد والتشبث بعدم ما فُقد إنتهيت مرارا متتالية...🤎    
وميض ديسمبر

..............

_____فلاش باك_____

تصعد ذلك السُلم البائس ببطئ مُجهَد ونهدات بارده،

يحتل أركانها ذلك الإنهزام الكارثي وقد فقدت ملامحها الحُلوة كل المرادفات والمشاعر،

أصبحت لا مبالية تماما لأي شيئ،

تتقدم إلى الهلاك دون اكتراث ،

تبا ، كأنها انطفئت، كيف؟ وتُرى ما الذي حل بها وأوصلها إلى هذه النهاية المتكدره؟

أليست هذه فتاة المراسيل الملونة والكلام المُبهج الذي يُلهم الجميع؟

أليست ذاتها تلك الطالبة الضحوكة المرحة ذات الروح الطيبة؟

سبحان الله،

كأنها الآن قد تجردت أخيرا من تصنعها المرير وتلاشت ستائر التخفي عن كلها ، وصلت إلى الطابق الخامس في مدرستها الثانوية وأخرجت ملاحظاتها الملونه وقلمها المعلو بأحادي قرن ملون فكالمعتاد أدواتها  وكل ما يخصها ما كان له أن يوحي بأنها في الصف الأول الثانوي فلا زالت تلك الطفلة ذات الأربعة أعوام تفرض نفسها على التواجد في كل آن وحين وتتحكم غالبا  في كل رغباتها وانفعالاتها وحديثها واختياراتها،كأنها لازالت مختبئة في تلك القوقعة التي تُركت فيها مسبقا منذ ١١ عاما وشهران ويومان ... لا زالت تنتظر من ينتشلها من تلك الصرخات التي كثُرت  من حولها ويخفيها عن كل ذلك الضجيج المُبهم وربما عن الألم أيضا؟ أجل ذلك الألم البليغ الذي احتل جسدها بأكمله ، ترجو لو أن أحدهم يذهب إلى هناك ويحتضنها حتى ينتهي كل شيئ ولكن هذه غاية لا يقر بها المنطق أو العقل ، ليتها تدرك أيضا أن هذا قد انتهى وحل ما قد حل ويجب أن تهجر أزقة ذلك الكابوس المزعج وتتعايش مع  ما باتت عليه الان  ،

ها هي الآن تكتب على الملاحظة بثبات حاد "يبدو أنني لست بخير حقا "   ثم وصلت إلى حافة السور، لا يهتز لها طرف لا ترتجف كالعادة لا تتردد، متمسكة بموقفها لأول مرة ، ثم حملقت في ذلك الفتى المنعزل الذي يجلس مع كتابه كعادته المعروفة هادئ جدا وملامحه الجاده تجعلها تتعجب مرارا إلى سنة الصغير إلا وهو  ١٦ عام فقط ، دائما ما تراه رجلا وكل تصرفاته تبرهن هذا حتى صوته الأجش، أووه بئس الأمر متى درست كل تفاصيله بهذه الدقة في أيام معدودة   يبدو أنه قد أوقع بها بتلك السهولة ، ثم تبتسم هي الأخرى إبتسامة منهكة فور ملاحظة ثغره الضحوك، يبدو أن أحد أسطر الكتاب قد داعبت روحه الحلوة مجددا، وهي تهيم في غمازتيه المنغمستين في منتصف وجنتيه بقوة، ثم تغدق عينيها الغريرة وتبلل جفونها المتأرقه ورموشها الكثيفه، وارتمت في أحضان العدم بترحاب لتسقط سقوطا حرا وما عن قليل إلى والتصقت بالأرض غارقة في بحيرة دموية مُرعبة أعطتها ذلك المشهد المثير للبكاء  وهل هذه كانت النهاية؟ حتى وإن كانت غير منصفة؟ أو ربما هي منصفة لأنه اختيارها على أي حال ، وإن دفعها كل ما حولها إلى الانحدار كان عليها أن تتماسك ، ما كان عليها أن تضعف وتنسحب من الوغى لا يجب أن يتوقف بها الحال هنا ...

..........................

تغادر ذلك الكابوس المرعب وتعود إلى واقعها الأكثر رعبا ليرتجف جسدها بالكامل بينما هي في الصف  مما جعل كل الطلاب ينتبهون إليها وأدهش رفيقاتها الأقرب إليها ومن يجلسن بجوارها فُذعو حتى المدرس إنتبه فاعتدلت هي في جلستها ووضعت قبعتها السوداء المزخرفه بوجه قطة بيضاء  على رأسها محاولة التخفي وأخذت حقيبتها بلون اللافندر المزينة بدب صغير قطني ودببيس بلاستيكية ظريفة  واستأذنت من المدرس ليسمح لها بالذهاب إلى مكتب مدير المدرسة وأخذ إذن منه ليجعلها تذهب إلى المنزل لأنها تشعر بالتعب فسمح لها وانصرفت، ليبدأ الهمس بين الطلاب والغيبة والنميمة وذكرها بالسوء والحسن وأيضا بعض الضحك ونظرات الشفقة التي تقتلها مرارا ، دخلت المكتب بعدما استأذنت وإذا بالمدير ليس هناك وجدت بعض المدرسين فقط وأخبرتهم بما تريد فأخذو رقم والدها ليتصلو عليه ويعطوه علما ثم يسمحون لها بالرحيل ،ولكن وجدت المدرسون قلقون بشأنها يتساءلون عن ما يؤلمها ويتفحصونها بأعينهم وهي تخبرهم أنها بخير فقط بعض الإرهاق والصداع ثم جاءت معلمة الأحياء الحنونة تلك وذهبت إليها بلهفة شديدة وسألتهم ماذا بها ليجيبها أحد المدرسين بمزاح أن هاجر افتعلت مشكلة كبيرة وقامت بضرب أحدهم وإذا بالمعلمة تناقض الفكرة تماما وتدافع عنها بطريقة غير منطقية وتصفها بالخلق الطيب واللطف والود وأنها فتاة مسالمة طيبة نقية لا يمكنها إلا تقديم الخير للآخرين ويكأنها على علم بها منذ سنوات رغم أن ارتيادها لهذه المدرسة لم يمر عليه أسبوعان إلا أنها كونت كل هذه الشعبيه وصنعت هذا الانطباع لدى الجميع ، إبتهجت هاجر بكلام المعلمة وتزاحم المدرسون من حولها وشعرت أن هناك أشياء جيدة يمكنها البقاء لأجلها وإن كانت ضئيلة

بقلم ....وميض ديسمبر.

#هاجر سيد

إمبراطورية وميض...🦄🤎حيث تعيش القصص. اكتشف الآن