لو كنت رغيفا

14 8 3
                                    

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
.
.
.

لقد بزغت الشمس وأرسلت أشعتها لتدغدغ جفون النيام وتبعث الحياة في جميع أرواح الكائنات فيقبل كل واحد لعمله وكله حماس وآمال، حين فتحت مقلتاي لم تخلوا الأذكار من فمي عطرته جيدا وبقيت أنتظر أن يأتي الفلاح ومعه خرطوم الماء لأستحم بهناء وأشع من الضياء، بعد لحظات نهض الرفاق وتعالى صوت حفيف سنابل القمح وصوت نقيق الضفادع حين أقبلت عليها الابقار لتشرب من الوادي إلا أن المزارع لم يدعها وأرجعها لمضاربها وأخذ لها كل ما تريد من قوت لتشبع بطنها وماء لتروي ظمأها ، وفعل نفس الشيء مع الخيول في اصطبلاتها والدجاجات لخنها
إجتاحني شعور غريب عندما فعل ذلك لكنني لم أسأل لكي لا أتوتر أكثر، وعند الضحى تحديدا ضجيج ملأ المكان وأسئلة مختلفة خرجت من أفواه عديدة
مالذي يحصل!؟ ماهذا الصوت المزعج!؟، لم نستطع أن نرى لاننا مجرد سنابل ضعيفة إنتظرنا بفارغ الصبر لنعرف حتى أقبلت علينا شاحنة كبيرة تجر سلاسل وسكاكين حادة،  قطعت الحقل وكأنها تريد قتلنا وبدأت تسحبنا وتقطعنا صراخ النساء وبكاء الأطفال لم يكن يسمعه سوى خالقنا تناثرت أشلائنا ولطخت دمائنا كل مكان حين وصل دوري لم أستسلم وبقيت ممسكا الأرض لعلها تتركني وشأني لكنها بقيت مصرة إلى أن ادخلتني داخل أنبوب قاتم اللون أوصلني لإخوتي  كانت رائحة المكان فضيعة لدرجة لا يمكن وصفها، مضت الساعات ونحن في داخل ذلك الصندوق حتى أذن الآذان سمعنا أحدهم يحدث الآخر بأن يتوقف لأن الظلام أقبل على القدوم وعلمنا أنه كان آذان المغرب، تعبدنا خالقنا ودعوناه أن يغير حالنا لحال أفضل... من كثرت التعب تربع الكرى على جفوني وأخذني لعالمه رغما عني
...
لقد كانت اللحظات الأولى في حياتي التي أرى فيها أناس جدد سعدت كثيرا لكن ما كانت تخفيه تلك الأوجه موجع للقلب، قاموا بتجريدنا من ثيابنا ووضعنا في صناديق ثم ينثرون الماء علينا ويقطعوننا حتى صرنا أجزاء صغيرة حملونا في أكياس كبيرة وكانت وجهتنا المخبزة على ما أظن لأن أحد العمال قال: اليوم حافل في المخبزة...
صرت حافي الأحلام والشغف في لحظة خطفت من موطني وتجردت من ثيابي وتمزق حبل آمالي لا أعلم إن كنت سأستسلم  لقدري أم اقاوم وأحاول جمع شتاتي والهرب من هنا قبل أن أصبح رغيف ،وإن لم يحسنوا خبزي أجد نفسي ملقى في الشوارع والرياح تلعب بي كل من يصادفني يقبلني ويضعني على الرصيف لأترامى وتتوال علي الفصول وأنا أقاوم حتى أصير أكثر جفافا وصلادة كالاسمنت وهشا كقلب يفيض حبا وخيرا
هاقد وصلنا ولم تكن يدي أي حيلة سوى أن اتقبل واقعي وأسلم أمري لخالقي، بعض الماء والملح ومعه السكر والخميرة كل هذه المكونات كانت سببا لأصبح رغيفا طازجا، والآن أنا على الرف أنتظر أن يأتي أحدهم ويأخذني معه لمنزله وأنعم بالدفء قبل أن أصبح مصدرا للبناء المهم في كل الاحوال لي فائدة، هاهي فتاة صغيرة ولجت المخبرة وطلبت رغيفا ولحسن حظي إختارتني حملتني بكل حنان واتجهت بي إلى منزلها وفي الطريق صادفنا رجل فقير، فقامت بقسمي الى جزئين ومنحتني إياه وكان ذلك أعظم ما حصل لي وهو وأن يصلحني ربي ويصلح بي.

Вы достигли последнюю опубликованную часть.

⏰ Недавно обновлено: Dec 11, 2022 ⏰

Добавте эту историю в библиотеку и получите уведомление, когда следующия часть будет доступна!

لو كنت رغيفا Место, где живут истории. Откройте их для себя