النظرة الخامسة:على قيد الحياة

6 5 2
                                    

لقد وصلت إلى محطة الإستراحة التي لن تُجلد فيها، أحضر لنفسك عصيرًا أو كوب قهوة.. والأهم من ذلك، ذهنك الصافي ثم اقرأ ما كتب لك.

الحياة هدية من الله سبحانه وتعالى ولكل مشكلة حل؛ لذلك قرر أن تعيش سعيدا.

‌                      د. ابراهيم الفقي.

في كل ثانية تمضي من حياتك، يولد أشخاص آخرون، ويموت واحد. مع كل روح تغادر إلى السماء تنزل أعداد أخرى غيرها. برأيك، ما المقصود من ذلك؟ أعني هل يعد الأمر صدفة ؟ أم أنه مدروس كأي شيء آ آخر في هذه الحياة؟

هل يعني أنك لا شيء ؟ وسيتم تعوضيك بأعداد تضاعفك فور
موتك ؟ أم أن كلفة الموت غالية جدًا، للدرجة التي يولد مقابلا لها الأرواح ؛ ليسد النقص الحاصل. ولا أقصد بالنقص هنا كعدد، بل كقيمة. عددا من  وعلى ذكر القيم ما الذي يجعل المخلوق البشري ذو قيمة؟ هل هي مبالغه البنكية؟ أعداد متابعيه ؟ عدد العاملين تحت إمرته ؟ شهاداته الجامعية؟.. أو الأشياء الأخرى التي يهواها البشر ويسعى كالكلب المسعور خلفها. أو أنها صلواته وأمواله المنفقة للفقراء.. ؟ كما . ا يدعي أهل التدين.
برأيي الشخصي، وما يجعلك ذو قيمة أولًا، أن تكون إنسانًا.
دعك من الخصال الإنسانية التي تقرأ عنها ولا تجدها بكثرة في محيطك، أنا أحدثك هنا عن الإنسان الحقيقي، لا المزيف. ذلك الكيان الموجود في كل مخلوق بشري أوجده الخالق. هل لازلت مشوشا؟ لا تدري من يكون؟
إنه الصوت المتمثل بـ « لا تفعل؛ ستؤذي نفسك!» عندما يطلب منك شخصًا تحبه أن تفعل أمرًا ما يؤذيك فعلًا. والهمسة القائلة «لكن هذا منافي لأخلاقياتك!» عندما تنوي فعل شيء ما ليس مدرجًا ضمن قائمة سلوكياتك. والصرخة المؤنبة «ما الذي فعلته!» حينما تتبع خبثك.

والندم الذي يأكل قلبك ما أن تؤذي غيرك. الضمير؟ لا يا صديقي لا تهتم لما يقوله الآخرون، فلقد أسمو نفسك الحقيقية بالضمير كي يجعلوك تظن أن هناك قائدًا يوجهك؛ فهم ينوون صنع أجيال من التابعين، مُجردين من كل أساليب القادة الحقيقيين الذي يجب أن يبدؤوا أولا وقبل كل شيء بقيادة أنفسهم. ربطو حقيقتك بكيان وهمي أوجدوه فيك، كي تظن بوجوب استشارة أحد قبل الشروع في إنجاز أمر ما. ذلك الأحد حتى لو كان أنت فعلًا، سيجعلوك تعتقد أنه ليس أنت وأنك بلا قيمة بدون شيء يمت لهم بصلة.

طالما أنك لا زلت تستمع إلى ذلك الصوت، وتشعر بتلك المشاعر.. صدقني، أنت على قيد الحياة! مهما بدت لك صحتك على وشك الإنهيار، مهما كان جسدك متضررًا، أو وضعك المادي والمعنوي متراجع.. الميت ليس ميتا فعلا إن كانت نفسه الحقيقية تتنفس لن تموت حينما تدفن تحت التراب، لكنك ستموت إن وجعت قلبا، خنت أمانة أهنت كيانًا أهملت تفصيلًا.. وكل تلك الأفعال تبدأ بك، وتنتهي عند الآخرين، فقلبك أيضًا يحتسب من ضمن قائمة ضحاياك إن لم تعرف كيف تعتني به وحرصك على جودة عملك دون اللجوء للأساليب الملتوية يعتبر صونًا للأمانة. وكيانك المُكَرَم والمصان يعتبر من الكيانات البشرية التي لا يجب المساس بها، كحال غيرها يا صديقي.. أنت كفلان وفلان مهم كغيره مهما بلغت اختلافات الأرقام الغبية بينكم.. الجميع واحد.
ماذا؟ اتعتبر نفسك ميتًا لأنك لم تحقق حلمًا؟ تحظى بأمنية؟ تلبس ثوباً؟ أو حتى أن تشتري غرضًا معينا؟ هل تعلم عدد الأشخاص الذين يحتاجون الآن لقناني التنفس ؟ كي يستطيعوا أخذ ولو نفس طبيعي واحد فيقطعوا به عدة أمتار من الركض خلف حلمهم، الذي ينتظر أو الأعمى الذي يتمنى أن يكون مبصرًا فيقرأ كما تفعل أو الأبكم الذي يتمنى لو كان قادرًا على الحديث بصوت مسموع؟ أو الأصم الذي يأمل طوال حياته أن يستمع لتغريدات العصافير صباحًا؟ أو ذلك المشلول الذي ينظر إليك ويتحسر لو كان قادرًا على الحركة كما تفعل أو ذلك الميت الذي يسمع خطواتك فوق قبره، ويتمنى بدل المرة مليارًا لو كان يملك مثلك دقائقًا للعيش؛ فيُلقي ولو نظرة واحدة على من يُحِب!
أو أولئك الذين فقدوا قدرتهم على الإدراك والوعي، وينتظروا أن يستيقظوا ممّا هم فيه؛ كي يستكملوا السعي خلف امجادهم التي لم تحقق بعد؟

وجدت ذاتي بمرآتي Where stories live. Discover now