3 | قلبٌ مُحطم!

2.2K 376 100
                                    

الفصل الثالث

فلسفةُ الحياة تجعلنا نسير على نهجٍ غريب، نكسر القوانين عمدًا؛ فَنتعاقب
نلهو ونغفل عن دراستنا؛ فَنرسب ونبدأ في البُكاءِ لاحقًا.. ولا ندري أن كُل خطأ نرنكتبهُ في حياتنا؛ يعود العقاب أضعافًا مُضاعفة!

خرجت رحمة مِن منزلها متنهدةً بغضبٍ وهي ترتدي فستانًا أسود بهِ نقِاط بيضاء صغيرة.. بالإضافة إلى ماسكٍ أسود طبيّ يحجبُ تفاصيل وجهها عدا عينيها القهوية، سحبت نفسًا عميقًا، ثم هبطت الدرج بخطواتٍ ثابتة حتى استقرت أمام باب منزل المدعو ''مؤنس" ، فابتسمت بشرٍ مِن أسفلِ الماسك، وأخرجت مِن حقيبتها زجاجةً بها سائلٌ لزج، وببرودٍ مُطلق وشرٍ نسبيّ؛ سكبت محتويات الزجاجة أمامَ بابه.. وخرجت مِن البِناية بهدوءٍ وكأنها لم تفعل أي شيء!

دقائق قليلة خرجَ مؤنس من بعدها مِن بابِ المنزل، فختلَّ توازنهِ بعدَ أن خطى خطوةً أخرى للأمام، ودعس على السائل، ثم وقعَ أرضًا يصرخُ ألمًا!

فيما دلفت رحمة إلى المكتبة التي تبعد عن مقرِ منزلها بقليل، تستغفر ربها وهي تقف أمام مُدير المكتبة لتُعيد الرواية التي قامت باستعارتها، ثمَ تمشت بين ممراتِ المكتبة تتفحص الروايات والكُتب بشغفٍ وحماس، حتىٰ باغتها مالك بقولهِ الهادئ مِن خلفها:

- « جربتِ تقرأي رواية زهور الخريف؟ »

إلتفتت تنظر لمَالِك الذي يعبث في الكُتبِ، محاولا عدم النظر لها.. فضيقت عيناها، وبحثت هي الأخرى في الكُتبِ نابسةً بِـهدوءٍ وخفوت:

« بتتكلم عن إيه؟ .. ولا أقولك لأ بلاش تقول، بدل ما تحرقها هي كمان! »

ضحكَ بخفةٍ وهو يغلغل أنامله بين خصلات شعره، ثمَ قال بنبرةٍ سلسة، وقدْ التفَ لها بعدَ أن سحبَ كتابًا بغلافٍ غريب لكنهُ مُلفت:

- « لأ متخافيش، بس الرواية حلوة.. لأول مرة دلوقتي أكتشف إن البطلة شبهك جدًا، نفس التصرفات وكُل حاجة، والبطل شخصيته جميلة، لدرجة إني حسيت وأنا بقرأها من مدة إن أنا البطل.. ده غير إن القصة مختلفة في إطار الرومانسية المنسية، والحُزن الخفيف، متأكد إنها هتعجبك. »

ضيقت عيناها، تنظر لهُ بريبةٍ لبعض الثواني، تشعر أنه يحاول قول شيءٍ ما، ولكنهُ لا يمتلك القوة الكافية لفعلها، حتى وجدته يمد يدهِ لها يُعطيها الرواية التي سحبها مِن الرفِ، ثم أردفَ بهدوءٍ وابتسامةٍ خافتة:

- « هستنى رأيك فيها، وفي شخصية البطلة اللي شبهك. »

التقطت الرواية منه، تتفحص غلافها المُبهج والممزوج بفنٍ حزين.. غلافًا متناقض جدًا! ، وكأنهُ يتحدث عن متناقضينِ، ليلٌ ونهار.. أسود وأبيض.. شمسٌ وقمر لا يجتمعان!

- « عارف أنتِ بتفكري في إيه.. متناقضين فعلا؛ البطلة سوداوية شوية، مفكرة إن بعد كُل السعي مفيش وصول لنتيجة مُرضية، أما البطل شخص متفائل.. مختلفين في كُل حاجة، بس هيبدأ الحُب مِن التناقض ده! »

مَالِك أون فايرWhere stories live. Discover now