"الفَصْلُ التَّاسِعُ عَشَرَ"

721 22 0
                                    

رواية "بَراثِنُ الذَّئِابُ"
الجُزء الثاني من رواية "عَلَى ذِمَّة ذِئَبٌ"

"الفَصْلُ التَّاسِعُ عَشَرَ"

ظل على حالتــه تلك، لم يتحدث بـ أي كلمة، بل أخذ يُحدق في سقف الغُرفة البيضاء، ومازال قلبــه ينزف بغزارة، أغمض عينيـهِ وهو يبتلع تلك الغصة المريرة التي تقف في مُنتصف حلقـه، أغمض عينيـهِ بقوة أكبر مقاومًا هبوط دمعة من بحر دموعــه الحــارة، وضع يده على مكان موضع قلبـه مُستشعرًا دقاتـه العنيفة، قلبــه الذي يصرخ بأنـه على وشك الأنهيـار، أصدر شهقة ألم حاول كتمهـا لـ فترة طويلة، خرجت "روان" من المرحاض لـ تجده على تلك الحـالة، أقتربت منـه سريعًا وهي تسألــه بنبرة تلهف :
-مـالك يا طائف ؟؟.. أجبلك دكتور ؟؟..

لانت ملامحــه بـ درجة متوسطة، فتح عينيـهِ بـ بُطء مُجيبًا بـ هدوءٍ :
-مفيش حاجة يا روان، أنـا كويس .

هتفت بـ نفيٍ :
-لأ، أنا هجيبلك دكتور .

قـال بضجر :
-روان أنا مش نـاقص، قولت لأ يبقى لأ !!..

صمتت للحظات قبل أن تقول بـ حُزن :
-إنت لسـه مضايق مني ؟؟..

لم يُجيبهـا بل ظل صامتًا، تابعت هي :
-يا طائف إنت لازم تقدر إللي أنا فيـه !!..

لم تستمع إلى أي رد أيضًا، أضافت بـ تذمر :
-طائف، إنت لو كان ليك أُخت وأتقدملهـا عريس أبوه بيقتل وبيخطف وبيعمل الجرايم دي كُلهـا، كُنت هتوافق عليـه ؟؟..

أغمض عينيـهِ بـ قوة محاولاً التغلب على ذلك الألـم الحـارق الذي أتى على حين غُرة، تابعت "روان" بضجرٍ :
-طائف أنا مش عوزاك تزعل مني، بس إنت عارف كويس، أن جوازنـا مش هيبقى فيـه غير حُزن وتعب وكآبـة؛ بسبب أبوك !!!.. وكمان أنا مش مستغنية عن عُمري، وإنتوا دخلتوني حياتكُم بـ طريقة شيطانية، وأنا مش هسمح أن نهايتي تبقى نهاية سيئة .

صمتت للحظة واحدة قبل أن تُتابع بـ تأثر :
-أنا عايزة أعيش فـ أمــان، أمـان أنا أفتقدتـه من يوم وفـاة بابا وماما !!..

عـاد يفتح عينيـهِ وهو يقول بـ جمودٍ غريب :
-خلاص يا روان، أنا هبعد .

حدقت بـهِ بذات التأثر العالي لـ يُتابع بـ ذات الجمود المُريب :
-هتبقي مُجرد ذكريــات حـلوة، هتبقي ماضي بالنسبالي .

أغمضت عيناهـا واضعة يدهـا على صدرهـا، شعرت بـ ذلك الألم الذي يقبع بداخلهـا ولكن لا تقوَ على الصراخ، بينما أشـاح بـ وجهه للجهة الأُخرى محاولاً ضبط أنفاســه، ظل يتنفس بـ بُطء لـ يُحافظ على أنتظام أنفاســه المتوترة، وقد عزم أن يبدأ من جديد، أن يُغير شخصيتـه، يبدأ حيــاة جديدة بعيد عن والده وعن أعمــالـه تمامًا .

**************

أتسعت عينـاه في شئ من الذهول، صمت للحظات قبل أن تُظلم عينيـه بـ ظلامٍ دامس، أشتدت تعبيرات "عز الدين" قسوة مع تذكره أسم عدوه الثاني، عم الصمت على المكان قبل أن يهتف بـ غضب جامح :
-إنت إللي جبتـه لـ نفسك .

روايه علي ذمة ذئبWhere stories live. Discover now