2

14 4 1
                                    


She
استيقظت في الصباح الباكر لتتجهز للمدرسة، لبست حذاءها وخرجت قبل أن تشرق الشمس،مشت بخطوات منتظمة وهي تنظر أرضا، دست يديها في جيب سترتها وانكمشت على نفسها من شدة البرد، كانت الأرض زلقة بسبب الأمطار التي تشاقطت بالأمس لذا كانت تخطو بحذر خشية أن تلوث حذاءها الأبيض المفضل والوحيد نسبيا.ذ وصلت للثانوية لكن لم تدخلها بل تجاوزتها وأكملت طريقها إلى أن وصلت لبنايات سكنية شبه مهدمة، جلست على عتبة إحدى العمارات ومدت رجليها لأقصى حد وراحت تنظر للمكان أمامها تتأمله في صمت، كان الهدوء هو كل ما احتاجته في تلك اللحظات. بعد مدة انهارت بالبكاء مخرجة كل ما كانت تكتبته داخلها طوال ذلك الوقت، كانت تشهق بقوة وتنتحب بصوت عال جدا، كان بكاؤها من البشاعة لدرجة أنها بدت كأنها أنثى حيوان فقدت إبنها الوحيد. هدأ صراخها بعد مدة وبدأ جسمها بالارتعاش وبدأت تتمتم بكلمات غير مفهومة. مر كلب شارد وتأملها بتعجب قبل أن يهرب مسرعا

"لا يوجد مخلوق يمكنه تحمل الدموع ". فكرت

ساعة من البكاء المتواصل وهاجمها الصداع، لكنها لم تهتم للأمر، كانت تنظر  للفراغ طاردة كل الأفكار من رأسها بدندنة أغنية كرتون كانت تشاهده في طفولتها. اشمأزت من نفسها، كيف لها أن تكون ضعيفة وتبكي؟ لم لم تحبس دموعها؟
فكرت أنها لم تكن حزينة حقا سابقا، وإلا فأين ذهب الآن كل ذلك البؤس؟ كل ما تشعر به هو الفراغ بداخلها والألم الحارق في عينيها، وهذا الصداع الغبي.
تمددت وأخذت تنظر للغيوم وهي تتحرك وتغير من أشكالها إلى أن غفت.
حين استفاقت من غفوتها الصغيرة بدت مشوشة أكثر، احتاجت مدة لتستوعب ما الذي أتى بها لهنا. تنهدت ثم أمسكت هاتفها واتصلت بصديقتها، كان يرن لمدة قبل أن توضع على المجيب الآلي فتركت لها رسالة و حاولت مع بقية الأرقام في هاتفها، تحدثت مع الجميع حتى مع البائع العجوز والذي لم تدر لمَ رقمه محفوظ عندها، على أي حال لا تتعدى قائمة اتصالاتها العشرة أشخاص، أجبرت نفسها على الابتسام ومجاملتهم، لكن على ما يبدو كان الجميع مشغولا ولا أحد له الوقت لها، كل ما أرادته ألا تشعر أنها وحيدة، أو الأصح أنها حاولت إقناع نفسها بذلك. كانت تتمهل في الحديث خائفة من الوصول  لأسفل قائمة اتصالاتها.
تنفست بعمق قبل أن تضغط على آخر رقم لديها، حاولت مرتين لكنه لم يجب، كانت تملك من الكبرياء ما منعها من طلبه مرة ثالثة، لذا تركت له رسالة
"مرحبا~ أعتقد أنك مشغول حاليا، لا بد أن لديك محاضرات اليوم. أردت فقط الاطمئنان عليك والتأكد أن كل شيء على ما يرام. اهتم بنفسك:)"
رمت الهاتف داخل الحقيبة وشتمت بصوت عال جدا، هي فقط تكره ضعفها اتجاهه، الأمر يجعلها تبدو غبية جدا.
_____
ركبت الحافلة وجلست على المقعد بجانب النافذة تراقب الطريق قبل أن تنتبه كانت الحافلة قد امتلأت عن آخرها،  أخذت تنظر لسيدتين تتشاجران، لم تدر السبب لكنها حزرت أنه سخيف بلا شك، أخذت تراقبهما كحال أغلب من كان هناك، بعضهم كان يصور والآخرون يسخرون منهما، قلة فقط من حاولوا المساعدة إلى أن استطاعوا الفك بينهما، لكن لم يمنعهما الأمر من تبادل الشتائم ونظرات الكره. بعد مدة قصيرة كانت قد وصلت لمحطتها، نزلت لتمشي للمنزل قبل أن يستوقفها صوت يناديها
"لحظة بنيتي، هلا ساعدتني؟"
التفتت لتجدها إحدى المتصارعتين
"هلا حملت معي الحقيبة؟ إنها ثقيلة جدا"
حملتها عنها لتمشي وهي تسبقها بخطوات
"لقد شدت شعري بقوة، تلك الساقطة! لو لم تباغتني لرأيت ما كنت لأفعله لها. حقيرة!!"
هي فقط انزعجت كونها ساعدتها، طوال الطريق لم تتوقف عن الحديث عن شجارهما مستعملة ألفاظا قذرة مقنعة نفسها أنها المنتصرة، حين وصلا لبداية الحي ناولتها حقيبتها
"لقد وصلت للمنزل"
"احمليها لي حتى منزل قريبتي، أنا متعبة من السفر الطويل"
كانت مصدومة من جرأة تلك الريفية، ليست فقط ثرثارة وبذيئة بل لا تعرف الحياء أيضا.
"لا أقدر على الذهاب بعيدا"
"ليس بعيدا، فقط في نهاية الحي، كما أنك شابة وتتمتعين بالصحة، لما لا تساعدين هذه الأجوما؟"
قالت متصنعة الطيبة محاولة إثارة شفقتها بعينيعا الذابلتين، علمت أنها لن تتركها أبدا وإن حدث وذهبت فبعد افتعال فضيحة وستنجح في قلب الأمور ضدها وجعلها تبدو بمظهر سيء، فهي رغم ادعائها الضعف والعجز حاليا إلا أنها شهدت بعينيها كيف قفزت على تلك المرأة في الحافلة وشدت شعرها بقوة رغم كون الأخرى أصغر سنا منها.
أكملت معها إلى أن وصلت لمدخل البناية، هنالك اصطدمت بجسم شخص ما
"آيغوووو، سونغمينييي لقد كبرت كثيرا"
صرخت الأجوما لترمي أغراضها وتسرع ناحيته لتمسك وجنتيه
" أجوما، مرحبا" قالها بصعوبة بينما الدموع كانت تتلألأ في عينيه البنيتين من الألم
وضعت حقائبها عند المدخل لتهم بالرحيل
" مهلا يا فتاة، إحمليها للداخل"
نظرت لها بذهول، كادت تتكلم لولا أن تدخل ذلك الشاب وعرض حمل الحقائب عنها، غادرت دون أن تتلقى ولو كلمة شكرا.
حين دخلت للمنزل وجدته غارقا في الظلام، مدت يدها لزر المصباح لكن الضوء لم يشتعل، تذكرت حينها فاتورة الكهرباء الموضوعة على تلفاز جدتها القديم منذ ما يقارب الشهرين، زفرت بملل لتصعد لغرفتها وترمي نفسها على السرير، لقد تعبت وشعرت بالملل من العيش مع هذه العائلة
- متى سأتخلص منهم؟ تساءلت قبل أن تغفو

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jan 09, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

Dear you ♡~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن