2

14 2 0
                                    

لم يكن الظلام وحده هو ما يضفي بخيوطه على الفتية الراكضين بين محاصيل قصب السكر، لا يستعينون بشيء سوى الضوء الباهت المنبعث من القمر في ذلك الوقت من الليل، بل ذاد الموقف حدة تلك الخطوات الكثيفة التي تحاوطهم وكأنها تسعى إلى تقييد حركتهم.
-ماذا نفعل الأن؟ يبدو أننا سقطنا في فخهم...
قال أحدهم وهو يلهث من جراء الركض المتواصل موجهًا كلامه لصديقيه:
-ولا يبدو أن هناك مخرج.
توقف صديقه عن الركض ثم أمسك بتلابيبه ونظر في عينيه بينما يتطاير منها شرر كفيل بإضائة الليل من حولهم قائلًا:
-لا تفقد الأمل لا مكان بيننا لجبناء، سنخرج من هنا...
فقاطعه الأخر متلعثمًا:
-إنه محق، يبدو أنك فقدت رزانتك وتحليلك للموقف، نحن محاصرون بأكثر من ثلاثمائة جندي، مائة منهم على الأقل يحملون أسلحة ثقيلة، كيف برأيك سنتمكن من الهرب بينما ما يفصلهم عنا بضعة أمتار..
-يبدو أنك نسيتم من أنا.
قالها بينما يده تتجه تلقائيًا إلى جيبه ليخرج خاتمًا، وقبل أن يضعه في إصبعه خرجت طلقة من بين أعواد القصب لتستقر في جبهته ثم تبعتها طلقتان أخرتان لتستقرتا في جبهتي صديقيه، ليسقط الثلاثة صرعى في نفس اللحظة بينما يحيطهم أكثر من مائة جندي يحملون أسلحة ثقيلة ومئتان آخرين يحملون تسليحًا خفيفًا.
-من أطلق الرصاص؟ قلت أريدهم أحياء، سيدنا يريدهم أحياء.
صرخ رجل يبدو عليه أنه قائدهم، فلم يجيبه أحد فلم يجد إلا إعادة سؤاله بنبرة حتى الشياطين تخشاها:
-قلت من أطلق الرصاص؟
لم يجيبه سوى انفراج الصفوف ليخرج من بين الجنود رجلًا ملثمًا كلما مر إلى جانب جندي يعطيه التحية واضعًا يده على صدره، حتى وصل أمام القائد ليعطيه القائد التحية، ثم يصمت الجميع إلى أن يتفوه الرجل الملثم بأول كلماته:
-أنا من أعطى الأمر بإطلاق النار فور رؤية الهدف.
-ولكن سيدنا...
-قدس الله سره، أنا عامله ويده اليمنى أظن أنني أعلم ما يريده سيدنا، قدس الله سره.
همس الجنود خلفه مرددين قدس الله سره بينما هو ينحني إلى حيث الجثث ويلتقط الخاتم من الأرض، بينما ابتسامة صفراء تتوارى خلف لثامه مدمدمًا:
-وقد حصل قدس الله سره على ما يريد.
-قدس الله سره.

شاهد حسنOnde as histórias ganham vida. Descobre agora