الفصل الأول

95 4 2
                                    


ما هو أكثر شئ تتمناه فى هذا العالم؟
أتتمنى السلطة والمال...أم الهدوء والراحة...أم القوة والصحة...أم الحب؟
ماذا إذا كان عالمنا مجرد رواية أنت جزء منها ؛
كيف تعتقد أنها ستكون ؟
ومن تتمنى أن تصبح ؟
الشخص الطيب أم الشرير ؟
الظالم أم المظلوم؟
السيد أم العبد؟
بالطبع إذا كان لديك القدرة على الإختيار ستختار كل ما هو جيد ومريح السلطة ، الصحة والحب فهذه طبيعية البشر يريدون الحياة الميسرة بدون متاعب لا يريدون حتى الإجتهاد فى البحث عن هذه الراحة أبداً.
لكن عزيزى ؛
فى عالمنا لا نختار أى من هذا .
من نحن لنختار ؟
نحن بالكاد تم الإختيار لنا منذ قديم الأزل .
نحن وضعنا بداخل روايات مختلفة بقصص مختلفة ؛
ولكن القاسم المشترك بينهم كلهم هو نهايتنا .
كيفما كانت ووقتما ستكون ؛
نهايتنا هى الموت .
وهنا سيتساوي الجميع ؛
السيد والعبد ، الظالم والمظلوم.
فالموت أكثر شئ عادل فى العالم يحكم به على الإنسان .

❁❁❁❁❁❁❁❁❁❁❁❁❁

كنت أستمع لكلمات جدتى بحرص ككل مرة ؛ كم أنتظر قدوم هذا اليوم أسبوعياً ...حقاّ لطالما كنت معجبة بإسلوبها فى سرد الروايات والقصص ...حتى حديثها يجعلك تتمنى أن تصبح مثلها حتى تستطيع مجاراتها فى الحديث .
حتى ولو لتدخل معها فى أى نقاش على الأقل .
كم هذا رائع!
يقال أن جدتى هى المرأة الوحيدة المتعلمة فى عائلة والدى ...وأنها حتى الوحيدة التى تدعم تفضيل العلم على الزواج .
هى حقاً مثلى الأعلى فى الحياة ...حتى ولو فى الخفاء ...لكنها ستظل مثلى الوحيد .
فى عائلتى لا يسمحون للفتيات بالتعلم ، هم مؤمنين بأنهن خلقن فقط للزواج والإنجاب ليس إلا .
كم أكره هذا بحق !
أبى سعيد بكونه حاكم هذه المدينة وكل ما يهمه فقط مطامعه فى توسيع نفوذه أكثر فأكثر...حتى يصبح الملك يوماً ما.
بأى حال لا أعتقد أنه سيحدث ، بسبب أنانيته .
لم أحبه يوماً كما لم يحبنى هو أيضاً.
لطالما كرهني فزرع بداخلى كرهى الشديد له .
لم ترق له فكرة أنى الفتاة البكر ، فقد كان يريد صبى ليمسك الحكم من بعده ،
ومن أجل تعويض هذا فهو سوف يزوجنى لأمير ذا نفوذ .
سمعت أمى ذات يوم تخبر خالتى (أميليا) أن والدى ينتظر بلوغى ال16 ليبدأ فى إستقبال عروض زواجى وإختيار زوجى المستقبلى .
لطالما كنت أداة له فهو لا يرانى سوا نكرة دون جدوى ، لم يعاملنى أحد بحب أو إحترام قط مثلما فعلت جدتى العزيزة.
لا أعلم لماذا لم أخلق صبى ...لا أقصد أن حياتهم مرفهة ، ولكن على الأقل لعُملت بإحترام أكثر ولتغير الكثير والكثير فى عالمى .

❁❁❁❁❁❁❁❁❁❁❁❁❁

- إذاً فلنكتفى بهذا القدر يا أحفادى الأعزاء.
- جدتى (هرولت مسرعة تجاهها)
- ماذا هناك عزيزتى (مارسيل)؟
- أريد الحديث معكِ ...وحدنا.
- حسناً...هيا أعزائى ...أريد الحديث إلى (مارسيل) على إنفراد رجاءً.
قالتها جدتى وهى تنظر لأقربائى المدللين حتى يخرجوا .
وبالطبع تذمر علي البعض لكنى لم أبالى فقد أعتدت هذا بأى حال.
- ما الأمر عزيزتى؟
- لماذا ليس لى عمة؟
- لا أعلم عزيزتى ...لكنى كنت أتمنى أن يكون لى فتاة من لحمى ودمى .
- ماذا ستفعلين بفتاة وسط خمس صبية ؟
- سأجعلها مثلهم.
- ماذا تقصدين ؟
- كنت سأعلمها وأدللها مثلهم لم أكن سأفرق بينهم أبداً.
- حقاً؟
- أجل عزيزتى .
- أتعلمين جدتى...لطالما تمنيت أن أصبح صبى .
- (مارسيل) كونك فتاة لا يقلل من شأنك ..أنتى امرأة والمجتمع لا يعنى شئ دون المرأة ..نحن نكمل الرجال والرجال يكملونا ..لا يمكن لأى الجنسين العيش وحدهم على الأرض ...لذلك خلقنا الله عزيزتى.
- أتمنى أن أصدق هذه الكلمات يوماً ما جدتى.
- أعلم صعوبة ما تمرين به (مارسيل) منذ ولادتك ...لكنى أثق بك ...ستفعلين ما عجزت عنه نساء العائلة.
- لكنى كنت أتمنى أن أصبح مثلك ..لماذا لم يوافقا والداى على دخولى المدرسة... حقاً جدتى لولاك لكنت جاهلة لا أفقه شئ.
- يعنى ذلك أنكِ بحال أفضل ؟
- نعم أعتقد ذلك.
- إذاً لماذا تشعرين بأنك نكرة؟
- أبى المسؤول عن ذلك الشعور جدتى أقسم لكِ .
- أنا أكره كيف يفكر والدك ..وأكره تعلقه الشديد بالحكم ..ورغبته فى بيع أى شئ مقابل توسيع نفوذه حتى يصل إلى المُلك...ولكن عزيزتى جدك كان السبب وراء ذلك ..هو من رباه على هذا الفكر ..أعذريه .
- لكنك متعلمة جدتى وكاتبة كبيرة و سافرتى إلى العديد من المدن والدول .. وحقاً فعلت الكثير من الإنجازات فى عالم الأدب.
- لم يأتِ كل هذا بسهولة عزيزتى .
- أُقن ذلك جدتى ...سمعت ما مررت به قبل طلاقك من جدى. لكن لم تروى أمى لى كل شئ ....لا أعلم السبب حتى...ماذا حدث ؟
- أتعلمين ...أبى وأمى هم من كانوا دعمى الوحيد ف الماضى وبسببهم لما كنت أنا الآن...كنت أدرس وأكتب وسافرت المدن المجاورة لأتعلم المزيد والمزيد حتى قابلت جدك ..لم أكن أهتم به فى بداية الأمر لكن ما كان يفعله لأجلى جعلنى أغرم به ...لكانت أى فتاة فى سنى وقعت فى حبه منذ فترة لكن إصرارى على تجاهله هو ما أخر الأمر قليلاً ...ومع الوقت أحببته ولأنى كنت من عائلة نبيلة لم يتردد جدك فى طلب الزواج منى تعلمين فهو كان الحاكم الجديد لمدينة{دينانى} فى ذلك الوقت..لذلك لم أرى سبب لرفضى ذلك العرض ..رفض والداي فى البداية لأنهم أرادوا لى مستقبل مشرق وأن أشق طريقى الأدبى أولاً ومن ثم أفكر فى الزواج ...لكن بسبب لهفتى لم أرى الأمور بشكل جيد
فقط لأنى مغرمة حاربت الكل لأجله وظللت أصر على زواجى منه حتى وافق والدي فى الأخير ....حينما تزوجنا كانت أول شهور لنا حلوة كالعسل ولكن مع الوقت بدأ يعاملني بجفاء وتغير كلياً معى حينها بدأت أشعر بخيانته لى وعلاقاته السرية مع النساء كان يختبئ فى البداية وكان يحرص ألاَّ أعلم حتى بدأ لا يهتم بعلمى أم لا بل كان فى مرات يحضرهم لقصرنا أمام عينى ...حقاً مررت بالكثير ....وكنت أخرج كل طاقتى فى كتاباتى حتى بدأت مع الوقت ألاحظ إنزعاجه كلما رأنى أمسك قلم ما ..
ثم بدأت المشاجرات العنيفة وكان يضربنى كثيراً تلك الفترة ..أتذكر يوم عودتى من قصر والداى فوجدت كل كتبى وأوراقى تم حرقها ، حينها علمت أنها حرب بينى وبينه فأكملت مسيرتى ولكن فى الخفاء ومر على الأمر حوالى عشر سنوات حتى أنجبت عمك الأصغر (أرثر) وبعدها بشهر تماماً أكتشف سرى فهربت إلى قصر والداي وطلبت الطلاق وكنت أول فتاة تطلب الطلاق بإرادتها فى المدينة ...ومنذ تلك اللحظة وأنا لا أختبئ وأفعل ما أعتدت فعله ولكن فى النور بكل فخر وبدون خوف ولم أكترث لكلام الناس فهم ليسوا سوا مجرد جاهلون لا يفقهون شئ ...لذلك أصبحت ناجحة عزيزتى ...لقد عانت جدتك.
- جدتى أنا حقاً فخورة بكِ كثيراً..وأريد أن أصبح مثلك.....أتعلمين ...أنا حتى لا أريد الزواج.
- أنتِ دائماً تذكرينى بنفسى وأنا صغيرة ...أنت أذكى أحفادى عزيزتي.
- سأخبرك سر جدتى...لكن عدينى أنه سيصبح بيننا أنا وأنت فقط .
- أعدك ..ما هو عزيزتى؟
- أنا سأهرب من القصر يوم عيد مولدى ...وسأبدأ حياة جديدة بعيد عن سلطة أبى ..لا أكترث إذا أصبحت فقيرة حتى.
- لن أمنعك بل سأشجعك ...لكن أتعلمين ما أنتِ مقبلة عليه جيداً ؟
- نعم ...لقد درست كل شئ.
- إذا أنا أدعمك مثلما كنت دائماً.
- أحبك كثيراً جدتى.
- وأنا أيضاً عزيزتى (مارسيل).

❁❁❁❁❁❁❁❁❁❁❁❁❁❁❁❁❁❁

سيدى القائد لقد تم الإستحواذ على مدينتا {موروشا} و {ناردير} مثلما أمر سمو الأمير .
- كم عدد الضحايا ؟
- حوالى 50 قتيل و 32 مصاب سيدى .
- يا إلاهى هذا كثير ... سيحزن سمو الأمير لسماع ذلك .
- سيدى لقد كان عددهم يفوق عددنا ... وما أنقذنا حقاً إستراتيجياتك سيدى لولاها لكان العدد أكثر من الضعف .
- حسناً...يمكنك الذهاب الآن.

إتجه قائد الجيش إلى الحديقة حيثما كان الأمير (تشارلى) يقرأ كتاب ما ،
فأقبل عليه بذلك الوجه العابس ففهم الأمير (تشارلى) ما هو مقبل على سماعه فتغيرت ملامح وجهه منتظر الأخبار الحزينة.

- ماذا أخسر جيشنا ؟
- لالا سموك أصبحت الآن مدينتا {موروشا} و {ناردير} تحت حكمك .
- هذا رائع... إذا كم عدد الضحايا ؟
- مع الأسف الشديد 50 قتيل و 32 مصاب .
- هذا محزن .
- لقد قاتلوا بكل شجاعة كالأبطال حتى النهاية سموك .
- بالطبع هم كانوا كذلك...هؤلاء هم شعبى .
- نعم سمو الأمير .
- من أجل هذا النصر سنقيم مهرجان مجانى ...كل شئ به مجانى...وسيتم عرض أى شئ به ... أبدأ فى التجهيزات من اليوم أيها القائد (فليب).
- حسناً سمو الأمير .
- وأيضاً أريد لائحة بأسماء الضحايا .
- أمرك أيها الأمير (تشارلى) ولكن أعذرنى... لماذا؟
- سأذهب لهم وحدى وأخبرهم الخبر وسأعوضهم .
- هذا خطر سمو الأمير !
- قل لى أخطر بقدر قتالهم للنهاية؟
- لا سموك .
- لا تقلق أيها القائد (فليب).
- كما تريد سمو الأمير .

❁أنتهى البارت❁

مارسيل Where stories live. Discover now