الفعالية ١٨: عنترة وعبلة.

46 8 2
                                    

في التراث العربي الكثير من قصص العشق والهيام، منها ما اختُتِم بنهاية سعيدة، ومنها ما وصل إلى طريق مسدود ومات الحبيب في نهاية الأمر بشكل مأساوي وهو لم يبل وصله، ولقد سمعنا بقصة قيس وليلى وجميل وبثينة ..وغيره.

اليوم سوف نتوقف مع أبرز ثنائيات الحب في التراث، عنترة وعبلة.

نشأ عنترة العبسي من أب عربي هو عمرو بن شداد، وكان سيدًا من سادات قبيلته، وأم أجنبية هي زبيبة الآمة السوداء الحبشية. وكون نسله غير عربيّ صرف جعل عنترة من مصاف العبيد، وعُرف بحدّة مزاجه وعناده وبطشه ومروؤته الحاضرة. ولما حانت الفرصة لعنترة في إحدى الغارات على عبس، أبدى شجاعة فائقة في رد المغيرين، وانتزع بهذا اعتراف أبيه به، واتخذ مكانه فارسًا من فرسان عبس الذين يشار إليهم بالبنان. الأمر الذي لفت انتباه عبلة وأنشأ الإحساس القويّ فيما بينهما.

تقدم عنترة إلى عمه يخطب إليه ابنته، ولكن اللون والنسب وقفا مرة أخرى في طريقه، فقد رفض مالك أن يزوج ابنته من رجل يجري في عروقه دم غير عربي، مهما برهن عن شجاعته وفروسيته.

ويقال إنه طلب منه، تعجيزًا له وسدا للسبل في وجهه، ألف ناقة من نوق الملك النعمان المعروفة بالعصافير مهرًا لابنته، ويقال إن عنترة خرج في طلب عصافير النعمان حتى يظفر بعبلة، وأنه لقي في سبيلها أهوالًا جساما، ووقع في الأسر، وأبدى في سبيل الخلاص منه بطولات خارقة. وبعد جهد جهيد، تحقق له في النهاية حلمه، وعاد إلى قبيلته ومعه مهر عبلة ألفًا من عصافير الملك النعمان.

ولكن عمه عاد يماطله ويكلفه بأمورٍ تعجيزيّة. ثم فكر في أن يتخلص منه، فعرض ابنته على فرسان القبائل على أن يكون المهر رأس عنترة.

وهنا تتضارب المصادر القديمة في تقرير نهاية قصّة الحب ما بين عنترة وعبلة. فمنها ما رأى بأن عنترة فاز بعبلة وتزوجها، ومنها ما رأى بأنه لم يتزوجها، وإنما ظفر بها فارس آخر من فرسان العرب.


وفي أغلب الظن أن عنترة لم يتزوج عبلة، ولكنه قضى حياته راهبًا متبتلا في محراب حبها، يغني لها ويتغنى بها، ويمزج ما بين بطولته وحبه مزاجا رائعاً جميلاً. وهو يصرح في بعض شعره بأنها تزوجت، وبأن زوجها فارس عربي ضخم أبيض اللون، فيقول لها في إحدى قصائده الموثوق بها التي يرويها الأصمعي:

إِمّا تَرَيني قَد نَحَلتُ وَمَن يَكُنْ     غَرَضاً لِأَطرافِ الأَسِنَّةِ يَنحَلِ

فَلَرُبَّ أَبلَجَ مِثلِ بَعلِكِ بادِنٍٍ        ضَخمٍ عَلى ظَهرِ الجَوادِ مُهَيَّلِ

غادَرتُهُ مُتَعَفِّراً أَوصالُهُ             وَالقَومُ بَينَ مُجَرَّحٍ وَمُجَدَّلاِ

بما أن نهاية عنترة وعبلة لازال مشكوك في أمرها، فإن افترضنا أن ختام القصة أصبح بين يديك، فكيف ستكون نهايتهما من وجهة نظرك؟

بتلات القمرDonde viven las historias. Descúbrelo ahora