لَمْسٌّ بالرَحيل

759 34 1
                                    



سَلاماً قُرَّتي
قُلْتُ باسِماً أَخُط قَدمايَّ حيثُها مُجالِساً إياها ذاتَ الأَريكَة وعلى جانبيَّ تَموضَعَ الشايُّ بكوبهِ يُزَينُ المِنضَدَةَ الخَشبية، أَرخيتُ ذاتي رامياً رأَسي المُثقل بأفكارهِ على صدرها مُحتَضِناً نعومَة خُصرِها الآسي

أَشتَقتُك..
بل مِتُّ شوقاً إليكِ..
نَبستُ بائِساً أَضُمني لدفئها أكثَرُ، إنَّها أُمي..
جوهَرتي الباهِته، نَبضي الذي تَلاشى مُذْ آخر أُحبك بيننا؛

آهٍ ما أَتعَسني بكِ، لا زِلتُ أرجوا الوصالَ قُرباً منكِ أَكثر؛
لا زلتُ أَبكي كلينا يا صَفيَّتي الواهِنَةُ، قُولي لي..كيفَ أَمضي عَتمَةَ الزوايا هُنا دونَ صوتُكِ؟
رَجيتُكِ لا تَرُدي سؤالي، فالحالُ من بَعدَكِ أَعتَمْ
ولا جوابَ مِنْ قُرَّتي، لا جَوابَ يُشفي داخلي المُهدَّم..
سَلبوا مِنْ أُمي صوتُها وروحها، أَغدوها دُميَّةً تُحدِّقُ باللاشيئ، وسَلبوا مني آخر ما عندي..
أَمسَّوني خاليَّ الوئامِ..

سَيدي الصَغير، أَنتهى وقتُ الزيارَةِ
قالتْ المُمرضَةُ مُقتَرِبَةً، تُمسِّكُ ذراعيَّ لتَرفع ثُقلي عن قُرَّتي؛ تُبعدني بَعيداً عَنْ دفئها ليُّعاود بَردَّ ماستريخت يَلِّمُ كُلّي

أَردتُ البُكاء كعَادَةٍ حينَ أَسيرُ خارِجاً مِنْ عندها، لكنَ شيئاً داخلي خُمِّد!
ولأَولِ مَرَةٍ سِرتُ دونَ وداعِها، كأَنني مِنْ العيش سُلّبتْ!

مشيتُ طَويلاً بينَ أَزقَةِ القَصر، أَحتَضِنُ اللوحاتَ المُعلَقة بأَيسَّري، أُراقِبُ التَماثيلَ المُعَلَقة على زوايا الجُدرانِ وهي تَمِدُ الأَصابِعَ ليَدي
وَددتُ لو أَنني أَستطيعُ لَمسها والعيشَ مكانِها..حيثُ لا وجودَ للوجود المُغَفَلِ
لَكنني وللأَسفِ الشَديد خُلِقتُ مُتَحَرِكاً وبينَ يداي أَحمِلُ الكونَ وما يُخفى عن مُهجَتي

هذا الوجودُ الرَثُ مُبتَذِلٌ، كعادَةٍ لا يَقتَنِصُها عابِدُ الديانة
سَخرتُ مُتَلَمِساً الكُتب المُتراصِفة خلفَ جِدارٍ كبير مُعظَمُها عن الدياناتِ وخُرفاتُ الوجود، وصوتُ الفَقير وظُلمُ اليَتيم

بَرَبكم..أَتقرأون عن شيئٍّ عُرفتُم بسَلبهِ!
مُضحِك..


إذاً سَيد ڤاسينبيرخ أَستُوافِق على صفقَتِنا؟

كمانٌ خائِب|TkWhere stories live. Discover now