مجلس الدخول إلى الشام ‏

33 3 0
                                    

اللهم صل على محمد وآل محمد
.
.
.
مجلس الدخول إلى الشام  ‏

بقيّة آلِ اللهِ سوِّمْ عِرابها             
      فقدْ سلبتْ حربٌ نِزاراً إهابها
وشيعتُكُم ضاعتْ فحيثُ توجّهتْ       
  رأتْ نِوب الأرزاءِ سدّتْ رِحابها
فُنينا فقُم وانقذ بقيّة شملِنا             
    فقد أنشبتْ فِينا أعاديك نابها
أتسطيعُ صبراً أنْ يُقال أُميةٌ           
     أجالتْ على جِسمِ الحسينِ عرابها
وإِنّ برغمِ الغُلْبِ أبناء غالِبٍ           
   كريمتُه أضحى الدماءُ خِضابها
تُخاطبُ شجْواً حامليهِ نساؤهُ         
   وقد شبّ في أحشائِها ما أذابها
أيا حامِلاً في الرمحِ رأساً بحملِهِ       
    لوتْ ذلّةً ابنا لؤيٍّ رقابها
أتعلمُ ماذا قد حملت على القنا       
    وأيّ بني وحيٍ تُقِلُّ كتابها
أتنسى وهل يُنسى مُصابُ حرائرٍ       
    أصابك ما يوم الطفوفِ أصابها

أتنسى وهل يُنسى وقوفُ نسائكم         
  لدى ابن زيادٍ إذ أماط حِجابها
وعمّتُك الحوراءُ أنّى توجّهتْ             
   رأتْ نائِباتِ الدهرِ تقرعُ بابها
لها اللهُ مِن مسلوبةٍ ثوب عزِّها             
  كستها سياطُ المارقين ثيابها

گوم يبن العسكري ما تنهضم         
   تنسى وقعة كربلا أوعينك غفت
تنسى وقعة كربلا اوجدك ذبيح         
  ظل ثلث تيام علرمضا طريح
يمتى تنهض سيدي أوبيها تصيح     
      يالثار احسين وأصحابه الغدت
يا لثار احسين جدك ولصحاب           
  علثرى أمست أو مسلوبه الثياب
ليت حاضر سيدي اتشوف الرقاب       
  دون عزها احسين كلها اتقطعت

التمهيد للمصيبة ( گـوريز):

عن جابر الجعفيّ، أنّه قال: لمّا جرّد أبو جعفر عليه السلام أباه عليّ بن الحسين عليه السلام ثيابه سمعته ينشج2 فأمهلته إلى أن فرغ، فقلت له: يا بن رسول الله ممّ بكاؤك وأنت تغسل أباك، أكان حزناً عليه؟

1- القصيدة للسيّد عبد الحسين شكر رحمه الله، من قصيدة له يخاطب بها الإمام المهدي  عجل الله تعالى فرجه الشريف.
2- نشج الباكي ينشج - كضرب يضرب - نشيجاً:غصّ بالبكاء في حلقه.

قال: لا يا جابر وإن عزّ عليّ فراقه، ولكن يا جابر لمّا جرّدت أبي ثيابه، رأيت آثار الجامعة1 في عنقه، وآثار جرح القيد في رجليه.

وهذه الآثار في عنقه ورجليه لمّا حُملوا إلى الشام أسارى، وقد صادف دخول الصحابيّ سهل بن سعد الساعديّ إليها..
قال المجلسيّ في البحار: عن سهل بن سعد الساعديّ قال: خرجت إلى بيت المقدس حتّى توسطّت الشام، فإذا أنا بمدينة مطّردة الأنهار كثيرة الأشجار، وقد علّقوا الستور والحجب والديباج وهم فرحون مستبشرون، وعندهم نساء يلعبن بالدفوف والطبول. فقلت في نفسي لا نرى لأهل الشام عيداً لا نعرفه نحن، فرأيت قوماً يتحدّثون. فقلت: يا قوم ألكم بالشام عيد لا نعرفه نحن. قالوا: يا شيخ نراك غريباً؟! فقلت: أنا سهل بن سعد قد رأيت محمّداً صلى الله عليه و آله و سلم. قالوا: يا سهل ما أعجبك السما لا تمطر دماً، والأرض لا تخسف بأهلها. قلت: ولم ذلك؟ قالوا: هذا رأس الحسين عترة محمّد صلى الله عليه و آله و سلم يُهدى من أرض العراق. فقلت: واعجباه يُهدى رأس الحسين والنّاس يفرحون، قلت: من أيّ باب يدخل؟ فأشاروا إلى باب يُقال له: باب الساعات.

1- الجامعة مؤنث جامع: الغل، لأنها تجمع اليدين إلى العنق.

المصيبة:

قال: فبينما أنا كذلك إذ الرايات يتلو بعضها بعضاً، فإذا نحن بفارس بيده لواء منزوع السنان، عليه رأس، نعم أتدري لمن هذا الرأس؟ وجهه قمريّ أزهريّ كأنّه بدر طالع أشبه النّاس بأمير المؤمنين عليه السلام وهو رأس قمر العشيرة أبي الفضل.. ثمّ نظر سهل أمام المخدّرات فرأى رأساً آخر يشرق النور منه، وله مهابة عظيمة ذو لحية مدوّرة، قد خالطها الشيب والريح تلعب بلحيته الشريفة يميناً وشمالاً، كأنّه وجه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فلمّا تبيّن سهل وإذا به رأس الحسين بن علي عليه السلام ريحانة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم.

مشين أُسًارى خلف رأْسٍ مُعلّقٍ         
   على الرمحِ لا وعيٌ لهنّ ولا صبْرُ
قد اضْطرمتْ أكبادُهُنّ من الأسى       
   وحلّ بِهِنّ الموتُ والرُّعبُ والذُعْرُ
سبايا وهلْ تُسْبى بناتُ محمّدٍ           
    وهُنّ بتاجِ المجْدِ أنْجُمُهُ الزُّهْرُ

لمّا رأى سهل النساء المسبيّات مقيّدات بالحبال (قال سهل): فدنوت من أولاهنّ فقلت: يا جارية من أنت؟ فقالت: أنا سكينة بنت الحسين.

آنه العگب عزّي اودلالي       
   أوجمعت هلي أوذيك الليالي
ما بين گوم أنذال تالي         
  يسيره أو زجر صاير الوالي
يا ذلّتي او يا ظيم حالي

فقلت لها: ألك حاجة إليّ، فأنا سهل بن سعد ممّن رأى جدّك وسمع حديثه؟ قالت: يا سهل قل لصاحب هذا الرأس أن يقدّم الرأس أمامنا، حتّى يشتغل الناس بالنظر إليه، ولا ينظروا إلى حرم رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم.
قال سهل: فدنوت من صاحب الرأس فقلت له: هل لك أن تقضي حاجتي وتأخذ منّي أربعمائة دينار؟ قال: ما هي؟ قلت: تقدّم الرأس أمام الحرم، ففعل ذلك فدفعت إليه ما وعدته.

وسرتْ ومِنْ رأسِ الحسينِ أمامها               
ثغْرٌ يضيءُ لها الدُجى وجبينُ
بأبي المشيّعِ فوق أطرافِ القنا                 
  ولهُ عويلٌ خلفهُ ورنينُ
تصفّر منهنّ الوجوهُ فإنْ بكتْ               
   تسودُّ منها بالسياطِ متونُ

(...) قال سهل: ورأيت روشناً عالياً فيه خمسة نسوة، ومعهنّ

1- الرونش: هي أن تخرج أخشاباً إلى الدرب وتبنى عليها، وتجعل لها قوائم من أسفل.

عجوز محدودبة الظهر فلمّا رأت رأس الحسين عليه السلام وهو على رمح طويل، وشيبته مخضوبة بالدماء قالت: لمن هذا الرأس المتقدّم؟ وما هذه الرؤوس التي خلفه؟ فقالوا لها: هذا رأس الحسين عليه السلام وهذه رؤوس أصحابه. ففرحت فرحاً عظيماً وقالت: ناولوني حجراً لأضرب به رأس الحسين، فناولوها حجراً فضربت به وجه الحسين عليه السلام، فأدمته وسال الدم على شيبته، فالتفتت إليه أمّ كلثوم فرأت الدم سائلاً على وجهه وشيبته، فلطمت وجهها ونادت: واغوثاه وا مصيبتاه وا محمّداه وا عليّاه واحسيّناه.

يا جميلاً كسا الوجود جمالا         
  وجهُك البدرُ نيّرٌ يتلالا
خاطبتْهُ مُذ بان يزهو هِلالا       
    يا هلالاً لماّ استتمّ كمالا
غالهُ خسفُهُ فأبدى غُروبا

وقيل: أنّ سهل قال للإمام عليه السلام: هل من حاجة؟ قال: يا سهل هل عندك ثوب عتيق؟ قلت سيّدي: ما تصنع به (أنتم تهدون إلى النّاس الثياب الثمينة وتسألني ثوباً بالياً)؟ قال: لأضعه تحت الجامعة فإنّها أكلت عنقي. قال سهل فناولته الثوب، فلمّا

.
.
.
اللهم صل على محمد وآل محمد

مجالس السباياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن