14

17K 247 5
                                    


جمدت حركته للحظة وفكه متصلب وحدق بالوجه الصلب الذي كا يراه أمامه وبعناية قال "الآن سنعود إلى ويندتور ليندا،لاحقاً بإمكانك التقرير بما تريدين أن تفعليه ، فى هذه اللحظة انت فى حالة صدمة .انت بحاجة لبعض الراحة"
"لن يغير هذا من الأمر شيئاً "قالت بجفاف"فانا اعرف ماذا اريد الآن".
اوقفها جايك على اقدامها وشعرت بتصلب جسده بالغضب المكبوت لكنها لم تنظر إليه حين وقفت ومشت بعيداً عن الشاطئ وظهرها إلى البحر الرمادى.
إنطلقا نحو ويندتور بصمت، كانت هى غارقة خلاله بافكارها ويداها داخل جيب معطفها وتنظر أمامها مباشرة ووجهها جامداً.وهو كان يقود السيارة بطريقة آلية ويحدق أمامه ووجهه صلباً وكان غارقاً بأفكاره بدوره،وفى المرة الوحيدة التى كاد ان يصطدم بسيارة ظهرت فجأة أمامه أدار المقود بقوة فوقعت ليندا عليه إلا أنه أعادها إلى مقعدها وهويتمتم معتذراً لها.
.
فى اللحظة التى لمس جسدها جسده أحست بقشعريرة كالكهرباء داخلها لكنها استنكرت شعورها هذا ورفضته،فهى تريده ان يكون غريباً تماماً،لقد أتى إلى حياتها خلال تلك الفترة الفارغة المظلمة وعليها فقط أن تشعر بالشكر والعرفان له ولوالدته لأنهما أعتنيا بها وأمنا لها منزلآًآمناً كانت هى بأشد الحاجة إليه .
وبعد ان رأت نظرت لين المستحوذة والراغبة المتملكة التى نظرت بها إلى جايك أدركت بألم عميق ان من غير الممكن لجايك أبداً ان يكون لها نفسها.لقد اعتقدها لين وأخذها على هذا الأساس.كان من ملكية لين بالرغم من أنه يشعر بالاحتقار والكره الشديد لها.
تصلبت عضلات وجه ليندا ،هى لا تريد شيئاً كان ملكاً لأختها ذات يوم.أى علاقة لها مع جايك ستكون دائماً موضع شك...
فهى لن تعرف أبداً إذا كان يريدها هى ليندا أم يريد أختها لين،ولن تشعر بالاستقرار هى فى ظل هذه الحالة.
توجها إلى الموقف قرب الباب وأوقف جايك السيارة بحدة.
ظهرت السيدة فورستر على عتبة الباب وابتسمت ولوحت لهما.نزلت ليندا من السيارة واتجهت إليها وهى تبتسم بإشراق"لقد وجدنا لين ووجدت انا ذاكرتى الضائعة"وكأنها تلقى بنكتة ما .
نظرت إليها الوالدة بحدة وقالت"انت تبدين متعبة تماماً،تعالى وتناولى طعام العشاء ،لقد تساءلت إلى اين ذهبتما ،لقد غبتما لساعات طوال"
"كان علينا الذهاب إلى شكاربورغ"قالت ليندا وأحست بوصول جايك وراءها .
"شكاربورغ؟"قالت السيدة فورستر بدهشة "لماذا هناك بحق السماء؟".
"إنها قصة طويلة "قال جايك بإختصار "ليندا من الأفضل لك أن تذهبى للنوم تستطيعى أن تتناولى عشاءك وانت بالسرير ثم تنامين بعدها مباشرة"
"انا لست طفلة "قالت بنعومة .
.
"إفعلى ما اقوله لك "أمرها.
نظرت إليه وعينيها تلمعان وقالت "لا تلقى الأوامر على جايك!".
تنفس جايك بقوة ووجهه يحتقن بالغضب وقال"بحق الله أيتها الفتاة ،تبدين كالأموات،ليكن عندك بعض التعقل وافعلى كما يقال لك".
"سآكل هنا بالمطبخ شكراً لك".
واقترب منها قبل أن تعرف مذا يفعل وحملها بين ذراعيه ومشى بها عبر المطبخ وجسدها الرقيق يصارع وهى تصرخ "انزلنى جايك!انزلنى،آه يالك من متوحش ".
رماها على السرير واخذ ينظر إليها ويديه على خصره وخطر جسدي يحوم حوله وقال"غيرى ملابسك حالاً او انك تريديننى ان أفعل هذا لك بنفسي؟".
نظرت إليه بترقب وهى تعلم تماماً أنه قادر على فعل هذا وصرخت"آه،اخرج من هنا ".
وهى تشعر بالذل لعدم مقدرتها على هزمه ،وأحنت رأسها وتدلى شعرها الطويل ليخفى وجهها عنه.
حدق جايك بها لفترة وتعابيره غامضة ثم خرج وصفق الباب وراءه بقوة.قامت بعد قليل إلى الحمام واغتسلت .كانت ترتدى ثياب نوم نظيف وتستلقى فى السرير حين دخل جايك وهو يحمل لها صينية الطعام.
نظرت إليه بهدوء بعد أن عانت من صراع كبير داخل نفسها قبل مجيئه وقالت بأدب"شكراً".
وضع الصينية فى حضنها وعيناه تخترقان عينيها وقال"غداً
نتكلم ليندا،الآن اخلدى للراحة والنوم ".
"لايوجد شيء لنتكلم عنه"قالت بهدوء وهى تبدأ بأكل الطعام ."كالجحيم لايوجد"قال بغضب لكن بعد قليل استداروابتعد بانزعاج وغادر الغرفة كالحيوان الجريح .
أكلت ما استطاعته ثم وضعت الصينية جانباً وأطفئت الضوء واستلقت لتنام .استمعت إلى صوت الرياح خارجاً وأخذت تفكر كم من الممكن ان تكون سعيدة فى ريمينى حين تعود إلى هناك،لكن هذا البيت اصبح جزءاًمن حياتها خلال الأشهر القليلة الماضية حتى صوت الرياح المنتحب فى الخارج كانت تجده صوتاً محبباً.تنهدت لا فائدة من التفكير بهذه الطريقة فهى لاتنتمى إلى هنا أنها تنتمى إلى ريمينى .
.
استيقظت متأخرة جداً صباح اليوم التالى وعرفت أنها تركت تنام فترة أطول مما اعتادته سابقاً وقبل موعد استيقاظها لمساعدة السيدة فورستر فى أعمال المنزل.
نظرت حولها وقالت أنهم يعاملونها كضيفة الآن وليس كأحد أفراد العائلة .
نزلت إلى المطبخ بعد نصف ساعة بعد أن ارتدت بنطال الجينز
والكنزة الصفراء واندهشت وتفاجأت حين وجدت جايك وحده فى المطبخ يقرأ ورقة ما.
نظر إليها من فوق الورقة ووجهه غير مقروء وقالت" صباح الخير،لقد تأخرت فى النوم ،على كل حال انت تبدين أحسن بكثر"
"انا بخير "قالت وهى تتحرك لتحضر لنفسها ساندويشاً .لم يبتعد من مكانه ليجعلها تمر فكان عليها أن تعصر نفسها لتمر من خلفه ولتشعر بانزعاج بقوة جسده حيث مرت من جانبه.
"اين والدتك ؟"سالته بعد قليل وهى تحضر السندويشة ،أنحنى جايك وصب لها كوباً من الشاى وأضاف له السكر بالرغم من تمتمتها بالاحتجاج.
"لقد نزلت إلى القرية ،تريد تبضع بعض الحاجيات"قال.
ونظرت ليندا بشك .فهو عادة من يشترى الحاجات لوالدته ولم هو يجلس هكذا فيما كانت عادته كل يوم ان يذهب إلى مرسمه فى الصباح.
جلست بعيدة عنه قدر المستطاع وأخذت تقضم السندويش وتحتسي الشاى .وضع الجريدة جانباً واتكأ على الطاولة بمرفقيه وأخذ يحدق بها مباشرة.
احمرت وجنتيها من نظرته المحدقة وغضب بصرها وهى تحرك الملعقة بعصبية .
"حسناً،والآن اخبرينى عن روميو!"قال بهدوء.
شعرت بالغضب وباللون الاحمر يعود إلى خديها فعضت شفتها وقالت"هذا ليس من شأنك".
"انت زوجتى"قال بجفاف"لا داعى لأذكرك بهذا اليس كذلك؟"
"انت قلت أن الزواج بإمكانه الإلتغاء بسهولة "ذكرته.
"إذا كان الطرفان راغبين بهذا ".
.
نظرت إليه ورموشها تهتز وقالت"ولكن كلانا يرغب بهذا".
"هل نحن ؟"قال وعينيه داخل عينيها "كما قلت ،أخبرينى عن روميو،ليندا".
نظرت إلى الأسفل وتوقفت قليلاً لتفكر ثم قالت "انه يعيش فى ريمينى".
"اعلم هذا من عنوان الرسالة "قال جايك.
"وهو يعمل بنفس الشركة التى اعمل بها وهناك التقينا ..أنه اكبر سناً بقليل منى ،انه إيطالى مثالى ،غامق البشرة ،وسيم المنظر وجذاب..."
أنحنى جايك على كرسيه وهويراقبها بعينين داكنتين وقال"انت تعلمين عن ماذا أسألك ،ليندا ..كيف تعرفت إليه هو شأنك انت!".
لم تستطع ليندا الإجابة للحظة .فعواطفها كانت تتصارع مع عقلها .ثم قالت بهدوء"روميو يريد الزواج منى "
لم يقل جايك شيئاً للحظة .ثم قال بقسوة "يا لروميو المسكين باعتباره سيعرف انك قد تزوجت منى ..."
احمرت ولم تستطع ان تقابل نظرته وقالت"فقط حتى نتمكن من الحصول على الطلاق".
"إنه إيطالى اليس كذلك؟"قال جايك بإستهزاء"وأغلب الظن كاثوليكي،والكاثوليكى لا يعترف بالطلاق لأنه غير موجود فى شرائعهم".
لم يخطر هذا الأمر على بالها .ونظرة خيبة سيطرت على وجهها .وحدقت بها دون أن تكون قادرة على التفوه بأى كلمة .
وقف جايك وغادر الغرفة دون التفوه بأى كلمة أخرى .
وبحركة آلية نظفت ليندا المطبخ ثم نادت سام وخرجت للتنزه
معه وعادت بعد ساعة لتجد السيدة فورسترتحضر طعام الغداء.
"أوه، كنت أنوى انا أن أفعل هذا،فلم اتوقع عودتك سريعاًهكذا"قالت ليندا.
"تستطيعين أن ترتبى الطاولة "قالت السيدة فورستر وهى تبتسم لها.
وبينما كانت تفعل أخبرها عن استرجاعها لذاكرتها والسيدة فورستر أسفت بتعاطف لموت والديها.
"أرى الآن لماذا تلك الأخت كانت تدعى أن كل عائلتها قد ماتت ".
.
قالت وتابعت"أظن أنها قد اعتبرتهم ماتوا منذ اللحظة التى تشاجرت بها مع والدك".
"أظن هذا قد حطم قلبه"قالت ليندا "كان قد أفسدها بالدلال وبالحب الكبير الذى كان يحيطها به ".
ولدرجة انه هو الذى جلب هذا الأمر على نفسه ،لقد جعلها على صورتها الحالية ..أنانية ،إرتدادها لنفسها ولاتأبه إلا لمصالحها الشخصية فقط".
تنهدت ليندا وأجابتها "نعم....والدى المسكين ،لم يستطع أن يواجه ما أصبحت عليه،كما اعتقد"
"يبدو لى وكأنها ليست وحدها السبب"قالت السيدة فورستر "فالرجل مهما كانت شخصيته كان بإمكانه التغلب على ما حصل .انا لا اتصور ابنى جايك يلتجيء إلى الشراب من أجل إمرأة" .
"ولا انا كذلك"قالت ليندا وهى تنظر إلى الطاولة ،فجايك كان قوى الشخصية ،صلب ومصمم،قد يكون لا يزال يرغب بلين لكن كبريائه يمنعه من الاعتراف بهذا.لكن إذا ظن انها ستكون راضية بلعب دور البديلة عن اختها ببقائها هنا فهو مخطيء ،مخطيء تماماً.
أتى جايك إلى الغرفة لتناول الغداء الذى تناوله بسرعة وغادربسرعة ايضاً دون أن ينظر نحو المرأتين .
"يا إلهى"قالت السيدة فورستر"إحدهم فى مزاج متعكرجداً "
لم تعلق ليندا بل نهضت وقالت"أظن اننى سأنظف النوافذ"كان هذا عملاً صعباً أرادت أن تغرق به لتشغل نفسها فى هذه اللحظة .
نظرت بتردد إلى المرأة الأكبر سناًوقالت بتلعثم"انا...انا سأغادر عما قريب ...سوف...سوف أعود إلى إيطاليا".
حدقت السيدة فورستر بها وفمها مفتوحاً من الدهشة وقالت "إيطاليا؟وهل أخبرت جايك بهذا؟".
"نعم"قالت ليندا وهى تنظر بعيداً.
"فهمت الآن "قالت السيدة فورستر بأسف.
.
بدأت ليندا بتنظيف النوافذ وحاولت إبقاء ذهنها فارغاً أثناء العمل المجهد،المساء كان يزحف بسرعة وكان الظلام قد سيطر منذ الساعة الرابعة بعد الظهر،فدخلت إلى البيت وظهرها يؤلمها بعد كل ما نظفته من نوافذ .وبعد أن اغتسلت ساعدت حماتها فى تحضير طعم العشاء .وصل جايك بعد هذا بقليل وصعد فوراً إلى غرفته .وعاد بعد لحظات مرتدياً بنطاله الجينز وقميصاً أبيضاً مفتوح العنق،ثم جلس لتناول العشاء.
"ماذا ستفعلين بشأن احتياجك للمال للوصول إلى إيطاليا ؟"سألت السيدة فورستربغير اهتمام وكأنها غير عالمة بتقطيبة جايك.
"لدى مبلغ محترم من المال فى جيبة المعطف الذى تركته سابقاً فى سيارة أختى "قالت ليندا "مبلغ يكفى مدة إقامتى هنا وبطاقة السفر إلى إيطاليا ".
"ألم ينقص هذا المبلغ حتى الآن؟"سألت السيدة فورستر .
ابتسمت ليندا وقالت"آه لا"رغم انها تدرك إنه فعلاً قد نقص وتابعت "سأعود إلى هناك فى عطلة الميلاد ورأس السنة.فالميلاد فى إيطاليا رائع،انا اتطلع بشوق حقاً إليه".
نظر إليها جايك نظرة قاسية ومتجهمة وقال"إخرسي".
نهضت السيدة فورستر ببطء وغادرت الغرفة بصمت .استدارت ليندا لتناديها وهى تشعر بالصدمة والخوف من تعابير وجه جايك المظلمة .
دفع كرسيها ثانية إلى الطاولة واقترب منها .
"جايك!"همست بإحتجاج.
لكنه سحبها عن الكرسي ورفعها بين ذراعيه وخرج بها من الغرفة ،وهى متجمدة وغير مصدقة وتحدق به بذهول.
عندما دخل بها إلى غرفة النوم التى تشاركانها يوماً أطلقت صرخة صغيرة وصارعته وهى تدفع نفسها بعيداً عن صدره "اتركنى جايك!...انزلنى !".
رماها على السرير حيث استلقت بذهول وعدم فهم ورأته يرمى بنفسه قربها ويمسك وجهها بقوة بين يديه .
"كفانى تعذيباً ليوم واحد"تمتم ثم أخذ يقبلها برغبة وقوة ولهفة وحاولت جاهدة ألا تتأثربقبلاته لكن مقاومتها سرعان ما تلاشت وأحست بنفسها تتجاوب معه بكل كيانها.
عندما ابتعد عنها ببطء قليلاً ،نظرت إليه وخديها مشتعلتين .ثم همست بألم"انت لاتريدنى جايك...انت تريد لين".
.
"لن ارغب بلين ولو قُدمت لى على طبق من ذهب "قال دون اكتراث وهو ينظر إليها بعينين تنتقلان على جسدها بلهيب مشتعل وتابع"آه يا إلهى ،ليندا كيف بإمكانك ان تكونى بهذا الغباء ؟أى رجل بلا عقل وإحساس يفضل أختك الفارغة العقل الفاسدة عليك؟فكرة قضائى لحياتى وانا محجوزاً داخل قفص الزواج مع لين تجعلنى أشعر بالإشمئزاز والتقيؤ .كيف بإمكانكما انتما الأثنتين أن تكونا متشابهتان لهذه الدرجة وبنفس الوقت مختلفتان ومتناقضتان ،هذه الفكرة تكاد تصعقنى ..."
لم تقتتنع بكلامه .فأزاحت وجهها للجهة الأخرى بتنهيدة وكتفيها ترتعشان من شهقاتها وبكاءها الصامت وقالت"انا لا استطيع جايك ،انا آسفة لكنى لا استطيع "سكن للحظة ثم أدارها بيدين قاسيتين وحدق فى عينيها .
"هل السبب هو روميو ؟ليندا إذا كنت مغرمة به من قبل فكيف كان بإمكانك أن تشعرى بالإنجذاب نحوى؟"كان هناك غضب متفجر فى نبرته.
تنهدت مطولاً وقالت"كلا،ليس السبب روميو ،بل لين ...انت ولين ...لن أعلم أبداً جايك ،ألا ترى ؟سواء اكنت ترغب بى وتريدنى ام ترغب بها هى وتريدها ؟انت تقول انك لا تريدها لكن كيف بإمكانى التأكد كيف؟".
استرخى وظهر ابتسامة على فمه وهمس بنعومة "لين خلعت كل ملابسها أمامى فى المرسم ولم أشعر بأى إثارة أو رغبة ولو للحظة بمشاركة السرير معاً

روايات احلام/ عبير: جحيم هواكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن