2 - (الأوركيد)

126 21 23
                                    

الفصل الثاني.

في بعض الأحيان أشعر أنني كالأوركيد، ليست زهور الأوركيد الخلّابة ذات الألوان الزاهية والتي تأسر الأنظار بألوانها الرائعة وتخلب الأذهان برائحتها الذكية، بل نوع وحيد من الأوركيد الذي يمثلني ( زهرة شبح الأوركيد)
هي زهرة نادرة، لا بل شديدة النُدرة، ويرجع ذلك إلى أنها لا تتأقلم بسهولة أبدًا مع أي ظروف تحيط بها، ظروفة قليلة للغاية التي تجعلها تخرج من سباتها العميق وتظهر للعالم الخارجي، قد يرتبط بأذهاننا أن الأشياء النادرة دائمًا جميلة لذا فهي نادرة، لكن الحال هنا مختلف، فهي رغم ندرتها إلا أنها لا تتمتع بأي مظهر جمالي، شبكة عنكبوتية ليس لها أوراق ، بيضاء باهتة، لا روح بها.
من يراني مُنغلقة على  ذاتي، يعول السبب إلى أنني عبقرية، رائعة، أحتفظ بشيء لامع لنفسي، وما إن يبدأ أحدهم بالتقرب مني حتى يرى أنني كأي إنسان عادي، بل أقل من الجميع، فلا يعد يرى صمتي أو نُدرة تفاعلي جمال.. لذا فليس كل ما هو نادر جميل ورائع.



بعد بِضع عبارات من الحديث مع الفتيات، بدأت المحاضرة، دلف أستاذ المادة، صمت الجميع، وبدأ في الهرولة بسرعة إلى المقرر، أعتقد أنه أنهى خمسة فصول الآن، والسبب؟ أننا دائمًا متأخرون وأن الامتحانات على الأبواب وأنّ لا وقت للهو واللعب، رغم أن هذه هي المحاضرة الأولى، لكن بالطبع المبالغة هي من شيمنا.

واجهت صعوبة في كسر ذات الحاجز مرة أخرى، فبعد أن بصعوبة تحدثت إلى الفتيات قبل المحاضرة لم أستطع أن أفعل ذلك مرة أخرى عندما انتهت، ولم أعلم ما الذي يمكنني قوله مرة أخرى، لذا صمت، بعد دقائق خرج الجميع  حتى من تعرفتُ عليهم منذ قليل ولم يتبقى سوايي، يبدو أنني سأظل وحيدة، لا بأس..

اليوم لم يكن يوجد إلا محاضرة، فأخذت حقائبي واتجهت إلى منزل السكن، لم أخبركم بالتفاصيل.
عندما قدمت أوراقي إلى الجامعة بحثت مع أبي عن سكن قريب من الجامعة لأسكن به، نظرًا لكوني تأخرت على تقديم أوراقي إلى السكن الجامعي، وبعد بحث متواصل وجدت مكان ليس ببعيد، ولكن كما تعلمون بالطبع هناك من يسكن معي به، لو كنت في رواية غربية كنت سأخبركم أن مالك المنزل جعلني أسكن مع فتى غريب دون علمي وعلمه، واختفى فجأة وبالطبع لن أستطيع ترك المنزل لعدم توافر غيره ولا هو، فسنضطر إلى العيش سويًا رغم أننا لا نطيق بعدنا ونتشاجر دائمًا، وبعد ذلك نقع في حب بعضنا كالجرذان عندما تسقط من مكان مرتفع، ولكن لا يا إخوان، نحنُ لسنا بصدد التحدث عن رواية غربية، ولم يعد مالكو المنازل يجبرون اثنان على استئجار المنزل دون علم بعضهم ومن يؤجر منزله لأحد لا يختفي من الأساس فهو على رأسك يوميًا ليتأكد من أنك لم تحرق منزله بعد، لذلك دعونا نعود إلى النقطة التي تخصنا.
أخبرنا مالك المنزل حينئذٍ أنّ هناك ثلاث فتيات سيقمن معي، وسأراهم عند بداية الدراسة، وأنا لم أتي إلى المدينة التي بها جامعتي إلا اليوم، لذا لم أراهم أمس، فأنا فعليًا سأقيم مع أُناس أراهم لأول مرة اليوم.
لا أعلم للمرة الكم اليوم التي سأجبر بها على التخلي عن إنطوائيتي ومخالطة البشر.

بعد خمسة عشر دقيقة تقريبًا وصلت، قمت بطرق الباب، أظن أنّ هذه بديهيات وصلت فقمت بطرق الباب لا شك في ذلك، فتحت لي إحداهم وهي متجهمة، وتقول: أنتِ مين؟

حمحمتُ مجيبة: أنا علياء معاكم هنا في السكن.

قالت وهي تستدير تاركة ليّ الباب: ماشي، أدخلي.

-ما تكلمي البنت أحسن من كدا يا مريم ماتقفليهاش منك من أول مرة كدا.

هتفت بذلك فتاة كانت تجلس على الأريكة، وتتابع ما حدث.
ابتسمت ليّ بعد ذلك قائلة: تعالي يا علياء نتعرف الأول.

أغلقت الباب بهدوء ودلفت لأجلس معهم، كانو متراصين ثلاثتهم أمام التلفاز تقريبًا كانا يتحدثن وأنا وصلت فقطعت ذلك، حاولت أن أُزيل توتري، فهنّ بالنهاية لن يأكلوني، قالت ذات الفتاة: ليه ماجيتيش من إمبارح؟
-لما جهزت حاجتي كان الوقت أتأخر، فاضطريت أسافر الصبح بدري وخلاص.

عادت تبتسم مرة أخرى، وقالت: على العموم نورتي، أنا هدى.

قالت أخرى ترتدي نظارة طبية وذات ملامح هادئة ولطيفة: وأنا سلمى.

قالت الأخيرة بذات النظرة التي قابلتني بها: مريم.

قالت هدى وهي تقوم بوكزها: معلش هي مريم ناشفة شوية، أنتِ عارفة حوار إن الواحد يبقى جاي كلية مش حاببها فبيبقى متنشن كدا في الأول.

رفعت نظراتها من الهاتف وهي تقول باستنكار: بتبرري لها ليه أصلًا؟

-يابنتي لمي نفسك بقى.

ابتسمت بتوتر، يبدو أنني سأتجنب مريم من الآن وإلى أن أخرج من هنا.

تسائلت سلمى: بمناسبة الكلية، كلية أيه أنتِ بقى يا علياء.

-زراعة، وأنتِ.

-بنت عمنا يعني، أنا علوم.

قالت هدى بحماس: في واحدة هنا مننا زراعة زيك برضو خمني مين؟

قُلت وأنا أدعو بداخلي أن تكون هدى، فهي لطيفة وسأجد صديقة لطيفة أتي وأذهب معها إلى الجامعة ولن أكون وحيدة أثناء يومي الدراسي مرة أخرى: أنتِ؟

سقطت أحلامي عندما قالت نافية: لأ، مريم، أنا بيطري، تبقو تروحوا وتيجوا مع بعض بقى بدل ما كل واحدة لوحدها.

لا حقًا لما كل ما أتمناه يحدث عكسه؟ رضخت لأمر الكلية والحلم الذي تبخر وما إلى ذلك، ولكن لم هذا بالتحديد! أنا كنت أهتم كثيرًا بأمر الصحبة!

شعرت أن نظرات مريم كأنها تحذرني أن أقترب منها، وأن أنسى الكلمات التي سمعتها من لحظات.

دعوت الله في سري أن تمرّ الأيام القادمة على خير.

#مهلًا_لحظة
#مايا_هيثم

حاسين إن البداية لطيفة، ولا مملة أدوني أي ريأكشن😂

#مهلًا_لحظة#مايا_هيثم حاسين إن البداية لطيفة، ولا مملة أدوني أي ريأكشن😂

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.




مهلًا، لحظة! Where stories live. Discover now