١ | هل لإيطاليا اسمٌ آخر؟

163 20 82
                                    

«بسم الله الرحمن الرحيم.»

الفصل الأول: هل لإيطاليا اسم آخر؟

أجلسُ على فراشي والدموع تزين عيناي، حقًا أودُ القول أنّ التفكير الكثير، الذكريات التي تأتي لي كل يومٍ وجلد الذات هم غرائمي الأوليين منذ الطفولة؛ فـ كلما أحاول نسيان موقف مؤلم تأتي الذكريات، التفكير المفرط وجلد الذات لكي يتكاثروا عليّ ويدمرونني وفي النهاية أستسلم لهم وأقع صريعةً لأفكاري.

أيضًا من قال "أنتَ صديقُ نفسك" هو صادقٌ، أجل، أنت الوحيد الذي تستحق مصادقتها؛ لأنك وحدك الذي ستحافظ عليها ولن تؤذيها، ومقصدي من الأذيّة هنا هو ليس الأذيّة السطحية، وإنما الأذية الداخلية، الأذية النفس الداخلية، أذية المشاعر وكل الأشياء المتعلقة بها، على عكس باقي البشر يمكنهم أذيتك داخليًا وخارجيًا بكل وحشية ولن يهتموا، فهذه هي طبيعتهم.. مؤذيين.(إلّا مَن رحِم ربّي)

قررتُ الذهاب إلى المرحاض وغسل وجهي الذي أصبح مليء بمياه عيناي بعد جلسةِ بكاءٍ طويلة استمرت لساعات وساعات، بكاء كنت أجاهد لكي لا يخرج مني ولكن فلتخمنوا؟ لقد خرج وخرجت دموعٌ مني أكثر بكثير مما كنت أجاهد لعدم خروجهم، كنت أبكي بسبب اكتشافي كم كنت ضعيفة وتم خداعي بكل سهولة.

- كم أنتِ مغفلة، هيثير!
نبستُ بصوتٍ شبه واضح ناظرةً لنفسي في مرآة المرحاض بعدما دلفت وأغلقت الباب، ونبرة متحشرجة مستهزءة، حدقتُ بوجهي لبعض الوقت، الآن فقط اكتشفتُ أنه بعد أن كان يشع مرحًا وطاقةً إجابية لكل من يراه أصبح يزيد شحوبًا يوم بعد يوم؛ كما قلتُ لكم: الذكريات والتفكير المفرط يدمران النفس.

تنهدتُ بعمقٍ، أحاول عدم الإجهاش في البكاء مرة أخرى؛ لكي لا يتلبسني الجن الذي يسكن ذلك المكان ولا أعلم كم عددهم حولي، ثم مددت يدي لأفتح الصنبور وأغسل وجهي بقوة.

خرجتُ بعدما جففت يداي بالمنشفة الموجودة في المرحاض واتجهت إلى غرفتي.

جلستُ على سريري وأمسكتُ بدفترٍ فارغ لدي وقلم، بدأتُ بكتابة كل ما يؤرقني ويشعرني بالضيق.

أكتب العديد والعديد من الأسطر معبرةً عن كل ما بداخلي على ذلك الورق الذي بللته دموعي..

ومع كتاباتي كنت أدعو بأشياء كثيرة، وبالطبع لم أنسَ أن أدعي ربّي وأحدثهُ بكلِ ما يكمن في صدري، دعوتُ أن تعود الضحكة إلى وجهي، دعوت أن تغزو الراحة قلبي وحياتي بدلًا من التشتت، دعوتُ أن تحيا أوراقي؛ فإنني بشهادة نفسي أولًا وكل من رأوني ثانيًا قد كنتُ أشبه بالزهرة المتفتحة التي تحلّق فوقها الفراشات، الفراشات ذات الألوان المبهجة التي كانت تشبهني أيضًا، والآن أصبحتْ الزهرة ذابلة، متفتفتة الأوراق ولا يحلق حولها سوى الذباب العفن!

انتهيتُ من إخراج كل السلبيات التي بداخلي في الورق لأول مرةٍ، ثم نظرتُ لساعة الحائط المعلقة أمامي غير الواضحة، دعكتُ عيناي ووجدتُ أن عقرب الساعة يشير إلى الخامسةِ بينما الآخر الخاص بالدقائقِ يشيرُ للثالثة؛ فقررتُ أن أجهّز حقيبةَ جامعتي، وأن أذهب للتمشيةِ قليلًا؛ بما أن هناك وقت كثير متبقي على بدءِ محاضراتي.

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Jan 31 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

ريڤايل | RevileWhere stories live. Discover now