الفصل الثاني

205 20 11
                                    

~ لوعة وشقاء _٢ ~

نظرت دليلة من خلف زجاج السيارة إلى المبنى القديم الذي توقف السائق بسيارته أمامه وسألتهُ:
_ هو ده العنوان اللي في الورقة؟

أومأ مؤكدًا قبل أن يردف:
_ أيوة هو ده العنوان اللي في الورقه.

هزت رأسها، ثم شكرته وفتحت الباب وترجلت من السيارة وهي لا تزال تطالع المبنى الماثل أمامها بقلقٍ و وجل.

دخلت إلى الداخل وصعدت حتى الطابق الأخير حيث سطح المنزل، ثم طرقت باب الغرفة كما أخبرها حسين ووقفت تنتظر أن يُجيبها جمال.

عاودت تطرق الباب مرة أخرى ومع كل طرقةٍ تتضارب دقات قلبها المنكسر دون جدوى.

تشبّع فؤادها باليأس ولكنها أبت أن تستسلم؛ فعاودت طرق الباب بقوة أكبر وهي تقول بنبرة مرتجفة:
_ جمال، إفتح عشان خاطر ربنا، إفتح يا جمال إحنا لازم نتكلم.

لم يُجِبها أحد؛ فطفقت تبكي وهي تقول:
_ إفتح يا جمال في حاجه مهمة لازم تعرفها، جمــال... أنا عارفه إنك جوه ومش راضي تفتح لي.. مينفعش تتهرب مني يا جمال بعد ما علقتني بيك... جماال..

جففت دمعاتها وطالعت الباب بيأس، ثم عادت أدراجها ونزلت، تساقطت دمعاتها وتحطم ما بقى من قلبها وهي تعود كما أتت.. صفر اليدين !

❈-❈-❈

كان جمال قد أنهى عمله بعد يومٍ شاق، بدّل ملابسه وخرج عائدًا إلى مسكنه، دلف الشارع المؤدي إلى المبنى الذي يسكن به فرأى دليلة على مدد بصرهُ وهي تخرج من العمارة؛ فأسرع يتوارى عن الأنظار وعاد خطواتٍ سريعة إلى الخلف حتى لا تراه.

إختبأ خلف سيارة كانت تصطف بالشارع وظل يراقبها وهي تبتعد حتى إختفت من أمامه.

تحرك من مكانه على الفور وهو يلعن تحت أنفاسه ويقول:
_ يا إبن الـ*** يا حسين! بقا كده؟! أنا هوريك.

اتجه إلى أحد أكشاك البقالة الموجودة بآخر الشارع وطلب رقم هاتف منزل حسين، إنتظر لثوانٍ حتى أتاه الرد وقال حسين:
_ ألو؟

أطلق لجام لسانه سابًّا إياه بأقذع الألفاظ وتابع:
_ إنت إيه اللي يخليك تدلها على عنواني؟ أهي دلوقتي عرفت مطرحي ومش هتسيبني في حالي.

أجابه حسين بعصبية مماثلة وقال:
_ من غير غلط وطولة لسان يا جمال، اللي عملته ده هو الصح، دليلة كانت لازم تتكلم معاك وتبلغك باللي حصل عشان تشوفوا حل، الموضوع دلوقتي مبقاش مجرد علاقة أو نزوة زي ما إنت بتحسبها، لأ ده في طفـ...

هُنا قاطعهُ جمال عندما صاح بتشنج وعصبية بالغة وقال:
_ هو إنت هتديني محاضرة في الأخلاق؟ إسمع يا حسين أما أقوللك، موضوع دليلة ده صفحة واتقفلت، أنا عايز أشوف حياتي ومستقبلي ومش ناقص وجع دماغ، لو حصل وشوفتها تاني قدامي أنا مش عارف ممكن أعمل فيها إيه.

في غيابة الچُب " ندبات لا تشفى"Where stories live. Discover now