رقصة جنية السـكر

قهـوة وبابونـج وشـاي

- يونجون -

لقد نمى بي هذا الشعور وتبرعم شيئًا فشيئًا، أكثر فأكثر ومن بذرة في تربة جافة إلى برعم صغير يُحارب سوء ظروفه، ومن برعمٍ صغير إلى وردةٍ تخافُ أن تُرهر وهاهي الآن... حديقة.

أعتقدُ إني كُنت أحمي نفسي بفرطٍ شديد والشيء الوحيد الذي توجب علي أن أحمي نفسي منه هو أصلاً...نفسي. كيف لي أن أفعل ؟ وإني أحمي نفسي من جسدٍ ناقص وجسدٌ ناقص يريد أن يحتمي من جنون الآخر.

ظللتُ خائفًا منذ وقتٍ لا أستطيع أن أتذكره تمامًا، أهي من تلك اللحظة التي زُجّ والدي فيها في السجنِ ؟ أو من خطواتي الأولى على أرض باريس؟ رُبما عندما ذهبتُ إلى تلك الحانة ... أو في جحيم نُزل دومينيك البائس، القبو الرطب، القطرات، الدلو التعيس والمقشة ؟ تعبتُ من كل المرات التي اشتقتُ وتاق قلبي بضلوعه للعودة إلى سانت كاليه قبل أن يحدث أي شيءٍ... أعلمُ الآن إنه لشيءٍ مستحيل الحدوث؛ فلم أعد يونجون الساذج أو الغبي والبريء الفضولي الجائع لإكتشاف العاصمة ... لا يوجد شيء بي كعهده السابق.

لستُ ساخطًا على ما قاله عمُ دافني إلي... لا أعلم، شيءٌ في قلبي كان يعلم هذا سلفًا، تلك الليلة صـفعتني بقوةٍ شديدة أو ربما سكبت الماء البارد على أكتافي حتى أدركت— أنا بجسدي الناقص لن نستطيع فعل أي شيءٍ وحدنا وأنه ربما... لا بأس اذا كانت هناك يدٌ تُساعدني، يدٌ تجعل من قلبي يُزهر لمرته الأولى.

حاولت وآملُ إني نجحتُ في تضميد هذا الجُرح كليًّا، بإني سأبقى دومًا جليس هذا الكُرسي... وماوافقتُ على رؤية الطبيب الآخر الا لأجل سُوبيـن. أريدُ فقـط ... أن أجعلهُ سعيدًا وراضيًا وكم ترهقني رؤيته مكسورًا بسبـبي وفكرة أن يشاركني في حمل هذا العبء معي  تؤرقني وتُعذبني.

عبئي وحدي وخسارتي وحدي ...

" هل أنت بخيـر ؟ "
جاء صوتُ كاي مقتحمًا سواد أفكاري، نظرتُ إليه وشيءٌ بداخلي صار يختـنق

" إني بخيـر ... أخبرني يا سوبين هل الجو شديدُ البرودة ؟ أشتهي الخُروج للفناء "
مضى وقتٌ طويل على آخر مرةٍ خرجتُ فيها لأي مكان...

" هناك نسائم باردة بين حينٍ وحين وأُرجح أن تأخذ معك وشِاحك اذا كنت ترغب بالخروج "
نهض وناولني وشاحي من الدُرج اثناء حديثه وبعد دقائق صِرنا نحن الثلاثة في الفِناء في ساعات الغُروب حيث تلونت السماء بالحُمرة القانئة ..أغمضتُ عيني وتنفستُ ملء قلبي، النسيمُ لطيف للغاية.