اليَعسوب طويلُ الكتف

71 26 41
                                    



عادةً ما يرتبط مدى تفكير الشخص بحدود منطقته الجغرافيّة، ويصبح الأمر أكثر بساطةً حين يتعلق الأمر بالأطفال، حيث أن فكرَ بحر لم يتجاوز الستَّ طُرق التي نشأَ فيها:
١. طريقُ منزله.
٢. طريقُ المدرسة.
٣. طريقُ الأسواق.
٤. الطريقُ المؤدي للحقل.
٥. الطريقُ الذي يوصله للنهر.
٦. والطريقُ الذي عرفه حديثًا بفضلِ بَرق، طريقُ الغابة -وقد أسماها في نفسهِ: جنّة اليعاسيب-

مساء اليوم أوشكَ على أكتشافِ طريقٍ سابع؛ حين طاردته مجموعة بطّ حاول أطعامها فتات الخبز، وأنتهى الأمر بكونه أغضبهنّ من دون قصد.

توقف عن الجريّ حين وصلَ لطريقٍ لم يعرفه قبل، ولخوفه من الضياع الذي تجاوز خوفه من البط، بقيّ ساكنًا وأنتظر أحد الخيارين: أن يمّل البط منه، أو يأتِ شخص للمساعدة.

كان طفلاً قصيرًا، مجموعة البط كانت كفيلةً بأرعابه، غطى أذنيه جيدًا ليس بسبب الصوت المزعج المتكرر والمتزامن مع النقر المستمر، بل لأنه سمعَ سابقًا أن البط يستطيع قضم أذنه كاملة.

ولأنه يخفي نصف وجهه تحت يداه الصغيرتين، لم يسمع أو يرى جيدًا، شعر بتلك الطيور تبتعد عنهُ وتتوقف عن تجريحه، ألا أنها لَم تتوقف عن الأحتجاج بأصواتها.

عيناهُ مغرقةٌ بالدموع وقد رفعهما لظنّه أن الخيار الأول تحقق، لكن تفاجأ بحدوث الأحتمال الثاني وشاهد صبيًا لا يزيده طولاً يُبعد البط ببطوليةٍ مستخدمًا غصن شجرةٍ نحيل، توسطت يداه خاصرته ناظرًا بمجدٍ للطيور التي تبتعد.

"أنتَ مجددًا!"
رفعَ برق نبرة صوته بتفاجؤ، فهو لم يرَ هوية من كان يُدافع عنه.

"ما خطبك يا يعسوب، أتتركُ البط يتنمر عليك هكذا؟"
جلسَ القرفصاء ليكون بمستوى نظر بحر، الذي حملق به بأستغراب، مع عدم أبعاد يديه عن أذنه، كان ومن هذه المسافة؛ يستطيع ملاحظة عدد الجروح يزداد على وجهه.

"دم!

تعال لنداويها!"
أرتفعت نبرة الصوت المفعمة بالحيوية مجددًا، وشدّت يده على ذراعِ ضحية التنمر ليجتّره ويمشي به لأجلٍ غير مسمى.

___

"كيف جرحتَ نفسك؟"
سأل ذا الشعر الداكن بينما يضمد ركبته بحذر.

"تعثرتُ أثناء الركض.."

-"لأنك تهرب من البط؟"
أبتسم بسخرية واضحة، والأخير لَم يخجل من مشاركة مخاوفه

"نعم."

-"أنت حقًا يعسوب"

يَعسوبWhere stories live. Discover now