(صوت المطر يعلن ارتواء الأرض، سكون الشوارع التي يجعلك تُقسم بأنها فاقدة للأرواح، الظلام الذي يقتحمه ضوء القمر، صمت العيون، وعودة الأحلام، ذلك هو منتصف الليل في تلك البقعة فوق الأرض).

ولكن في وسط كل ذلك صوت تحاول إحداهم كتمه بداخلها وهو صوت بكاء يملأه قسوة الأيام، تلعن هذه اللحظات التي أفقدتها طعم الحاضر والمستقبل، بداخلها سؤال لا تعرف ما إجابته (لِمَ أنا؟)، كان هذا السؤال الذي يراودها منذ ما حدث من بضع ساعات، دقائق جعلت منها حطام أنثى فقدت كل ما بداخلها من حياة.

ذبلت (تناز)، وأصبح قلبها كالأرض الذي يدعسها الجميع دون إهتمام، فكانت يومًا زهرة تنشر عطر السعادة بين البشر، لكن اليوم، أمَر قدرها بتغيير مجرى الحياة، وإنتهى عطرها، وأصبحت فارغة، لا تعرف أين هي الآن، فقط ما تعرفه هو "الضياع".

(تناز)
فتاة جميلة، تجعل الجميع دون إرادتها يقع عشقا في ملامحها التي تُعلن برائتها الحادة، يُطلَقُ عليها (ذات الغابتين)، فكانت عيناها في جمال الغابات الخضراء المُحاطة ببحر أزرق يجعل الجميع يودون الغوص في داخله من روعته الخلابة، وبشرتها البيضاء وكأن الشمس لم تمسها مُنذ أن خُلقَت، وجسدها كلوحة فنية، أبدع الخالق في رسمها، كانت تلكَ بطلتنا تناز.

في يومٍ ما، كانت تناز تعيش وسط عائلة بسيطة من الأب والأم، وكان حالهم ميسورا، بيت كبير، وسيارة وشركة، كان هذا كله قبل أن تموت والدة تناز، ماتت والدتها وماتت معها الحياة، فقد والدها ثروته بعد أن قام ببيع منزله وشركته لتسديد إحدى الثفقات التي خسرها، وإنتقل إلى شقة صغيرة إشتراها بباقي الأموال، حاول مجاهدا أن يُربي ابنته أحسن تربية، ولكن من اليأس والحزن، ذهب في طريق الخطأ، ولجأ للخمور والسكارات، والمخدرات، وأخرج إبنته من المدرسة، وجعلها تعمل لتسدد له ديون الخطيئة التي ليس لها ذنب فيه، خسر والدها إبنته وخسر نفسه وخسر الحياة مبكرا.

بعد إنتهاء الليلة، التي إنتهت معها تناز، وإنتهى معها باقي ذرات الحياة داخل تناز، ننتقل إلى الصباح التالي..

استيقظ والد تناز ونظر بعيناه بصدمة لحال المكان الذي به، كل شيء مدمر كل شيء في الأرض، وكأن حربا صارت في الشقة.

خطى خطواته نحو غرفة تناز بصعوبة، ليدق بيمينه حتى يطمئن على ابنته.

جورج:
تناز إبنتِي، هل أنتِ بالداخل؟

لَم يسمع أي رد ليعيد قوله:
تناز،أخرجي يا إبنتِي إذا كنتِ بالداخل.

مازال الوضع كسابقه، ليقلق بشدة، وحاول أن يفتح الباب، ولكنه مغلق من الداخل، لينطق بخوف:
تناز، إفتحي الباب صغيرتي، لا تقلقي، الآن أنا يقظ، لن أضربكِ، أرجوكِ إبنتِي إن كنتُ ضربتكِ بالأمس أخبريني، أنا لا أتذكر أي شيء.

the light of dark "نور الظلام" Where stories live. Discover now