تعويذة زوئييس

40 4 4
                                    

هل لا يزال الناس يقومون بهذه الأمور؟ ظننت أنه بات قديم الطراز!

على كل حال بما أن الفرصة أتيحت أمامي لماذا لا أستغلها وأعبر عن ما يجول بخاطري؟ ما من سبب يمنعني! خاصة و أنني لم أملك الشجاعة لأبوح بحقيقة هذه القصة لأي أحد.

حسنا ،يدعونني ملاك ،القصة التي سأخبركم عنها حدثت لي بعد تخرجي بعام تقريبا .كنت أبحث عن عمل و لم يكن الأمر سهلا وهذا ما لا يخبرونك به في الجامعة عند تخرجك .أعيش مع والدتي في شقة مستأجرة في حي شعبي أقرب للفقير إذ نعاني من صعوبات مادية ،أما والدي فمنفصل عن والدتي منذ كان عمري 15 عاما لكنه رجل طيب و يأتي لزيارتنا بين الفينة و الأخرى لكن حتى أوضاعه المادية عادية جدا و أصبحت أسوء بعد أن تزوج مجددا.

المهم ،أنني كنت بحاجة ماسة للعمل كي أساهم في إيجار البيت. نسيت أن أقول أن والدتي تعمل في محل خياطة وهي من تدفع إيجار البيت ،أما في ما يخص مستلزمات البيت فوالدي يرسل لنا شهريا من النقود ما يغنينا من الجوع.

تعمل أمي من الصباح حتى الظهر ثم من العصر حتى العشاء اي التاسعة تقريبا. فكنت أنا أمضي يومي أبحث عن فرص عمل و أعطي ملفي الشخصي لكل الشركات التي كنت أحصل على معلوماتهم عن طريق الإنترنت.

كان الأمر مملا و مرهقا و محبطا لأبعد حد لكنها كانت حياتي و كان يجب أن أتقبلها.

في أحد الأيام قررت أن آخذ إجازة من البحث عن العمل و أن أبقى في الشقة و أنظفها بأكملها إذ أنها قديمة أصلا ولكن الغبار و قلة التنظيم جعلتها تبدو أكثر كآبة و وحشة.

بعد أن ذهبت والدتي للعمل بدأت مباشرة بالتنظيف .نزعت الستارة و السجادة و أبعدت الكنبات كي أعطي أفضل ما عندي و بالفعل نفضت الأثاث خارجا و نظفت الأرضية. كنت أشعر بحماس غير معتاد-أظن أنه تأثير التغيير!-.
وانا أمسح الأرضية لاحظت مربع صغيرا في الأرض كأنه باب صغيرا جدا. الأرضية من الخشب الصلب و تحته قرميد و هو حال أغلب البيوت في هذه المنطقة ،لماذا هذا هو الحال؟ لا أدري!

المهم حاولت أن أفتح المربع لكن لم أستطع إذ يبدو أنه لم يفتح منذ زمن قديم و في واقع الأمر أنا و والدتي انتقلنا لهذه الشقة منذ ثلاثة أعوام و لم يسبق لي أن لاحظت هذا المربع ،هل لأنه كان تحت الكنبة و نحن لم يسبق لنا أن حركناها من مكانها؟ نعم تماما.

ذهبت و أحضرت سكينا و بدأت أحاول فتحته به وقد نجحت بالفعل. ماذا كان تحته؟ حسنا...لقد كان كتاب يبدو قديما جدا لدرجة أن غلافه يبدو كأنه منصهر. أخذته و فتحت على أول صفحة به كانت الكتابة بالروسية على ما أعتقد.

من الطلاسم و الرموز بدا كما لو أنه كتاب شعوذة او ما شابه، لا أنكر أن شعورا بالضيق انتابني لذلك و ضعته في غرفتي كي أريه لوالدتي في ما بعد و أكملت تنظيف باقي المنزل.

أعددت الغداء بعدها. كنت أشعر بتعب شديد فقررت أن أسبق والدتي و أتناول حصتي و أترك خاصتها جانبا و هو ما فعلت بالضبط ،تناولت غدائي و غلبني نعاس شديد فذهبت لغرفتي و غفوت قليلا .استيقظت و كنت لا أزال أشعر بالوهن قليلا .اعتدلت في جلستي على السرير لتقع عيناي على أكثر شيء مرعب رأيته في حياتي كلها...

شرخ كبير في غرفتي! شرخ يمتد على الزاوية المقابلة لسريري و كانت تخرج منه هالة بنفسجية تميل للسواد وقد كان يزداد اتساعا ببطء شديد لكنه ملحوظ...

تجمدت في مكاني من شدة الصدمة و الخوف. أول ما خطر في ذهني كان الكتاب «ذلك الكتاب الملعون لابد أنه كتاب تعاويذ او ما شابه ،تبا!" >كان هذا كل ما يجول بخاطري عندها.

كان الكتاب موضوعا فوق المكتب و يفصله عم الشرخ مسافة قصيرة نسبيا .استجمعت شجاعتي و وقفت كي أخرج من الغرفة هذا كل ما كان يدور في عقلي، لم أرد لعب دور البطل كما نرى دائما في الأفلام!

وقفت و استدرت ناحية الباب وفور رفعي لرجلي لأخطو خطوتي الألى اتجاه الباب أصابني ثقل شديد في أطرافي كلها لا يمكنني وصفه، كأني قد أصبت بالشلل أسقطني أرضا. كنت مرعوبة بشكل لا يوصف لم أكن قادرة على تحريك أي طرف من أطرافي حتى رأسي ،بدأت ضربات قلبي تتسارع و حاولت أن أصرخ لكن صوتي كان ضعيفا جدا. بعدها حدث ما لم و لن أنساه ما حييت...

سمعت أصوات حادة و سريعة كانت خليطا من أحاديث و ضحكات و لكنها مزعجة إلى ابعد حد. عندما وقعت ارضا كان وجهي ناحية الباب أي في الجهة المعاكسة للشرخ لذلك لم أستطع النظر ناحية الصوت لكني كنت أعلم أنه يصدر من الشرخ اللعين .ما لبثت ان شعرت بالأصوات تقترب مني أكثر و أكثر ،كنت في حالة هستيرية من هول الموقف و أحاول جاهدة الصراخ لكن عبثا.

عندها رأيتها...كانت مخلوقات بيضاء بثلاثة أرجل بحجم كلاب آلاسكا تقريبا و برأس كبير جدا بحجم أجسامها مع الكثير من العيون و فم عريض و أسنان كأسنان القرش! نعم، لقد جاءت من الجحيم...كان أحد المخلوقات واقفا عند رأسي تمام و ينظر إلي ببرود ،و استشعرت وجود الكثير من هذه المخلوقات عند ظهري و قدماي؛ رغم انعدام قدرتي عن الحركة إلا أنني كنت أشعر بكل أطرافي تتحفز. و في لمح البصر أخذت هذه المخلوقات تلتهم ساقاي و أرجلي! كنت أشعر بأسنانها الحادة تغرس في جلدي و تنهش عظمي.

كنت اصرخ من شدة الألم لكن صوتي كان ضعيفا و كانت دموعي تنهمر دون توقف.
كنت أحاول بصوتي المبحوح أن أصرخ و اسمع اي احد عله يسعفني، و قد كانت هذه الأخيرة أشدة ألما بنسبة لي ،شعور أنك عاجز حتى عن طلب النجدة ...

بعد هنيهة شعرت بالمخلوقات تجرني من ساقاي -او ما تبقى منها- للشرخ وهنا عرفت أنها نهايتي. كنت أحاول أن أحرك يداي و أطرافي لمقاومتهم و بالفعل استطعت تحريك يدي قليلا كي أتشبث بأسفل السرير لكن المخلوقات اللعينة ظلت تسحبني بشدة لداخل الشرخ حتى أفلتت طرف السرير وبعدها لا أذكر غير السواد...

يتبع...

رسائل مهجورةWhere stories live. Discover now