الفصل السادس ❤

34 0 1
                                    

قراءة ممتعة  🧡

كان الجرح يؤلمه للغاية في هذا الوقت ينتظر أن يجري الدواء مفعوله ؛ بعدما أخبرته رهف بذهابهم لمنزل العم توفيق تحوّل لطفلٍ صغير يشتاق لِما وراء تلك الزيارة ، يودّ لو يسترجع ذكرياتهم معًا ويسهرا ليلة يتحدثان للصباح بحماس لا يخبي كما في طفولتهم .. جاءه بعدها بدقائق اتصال من طلال يتحدث بنبرة لا مبالاة لكن ظنّ أنه لا بد من اخباره بما حدث خلال الصباح الباكر ، تلقّى باهر الخبر بدهشة عارمة فمن أين واتت سندس الشجاعة لفعل ذلك .. ألم تقلق من أن يعلم الآخرين بمكانهم ! حاول مهاتفتها بعدما وقف فى نافذة غرفته وحاول أن تبدو نبرته جامدة لكن للمرة الثالثة لم تُجب وهي تنظر للهاتف في يدها اليمنى بينما اليسرى تلتحم مع كف ناصر .. ظلّت تنظر لكلِّ كفة للحظات حتى تقرر أيهما السائدة وبانتهاء نغمة الرنين للمرة الثالثة كانت حزمت قرارها بالاختيار ، أغلقت الهاتف بعنف كان مماثل لدواخلها ووضعته فى الدرج جوارها وبقت ترمق ناصر بشرود ، كيف أن يكون في حياتها بعدما دمرها للأبد بل ولم يبقي لها خيارًا غيره بالفعل حتي لو أعطت لنفسها فرصة الاختيار فبالأخير مجبورة على البقاء معه ، تنهدت بعمق وزفرته على مهل لتترك الغرفة وتغلق الإضاءة وتذهب لغرفتها بصمت أمام علامات الاستفهام من وجه عمار لكن لم تلقي لها بالًا .. أضاءت غرفتها واستلقت على سريرها بعدما التقطت ألبوم الصور الخاص بكل حياتها .. تتذكر تلك الصورة وما حدث فى ليلتها وكيف اختفت عن أنظار باهر لأربع سنوات ، لكن لن تضعف وتهبط دموعها الآن كما عاهدت نفسها ، أزاحت ظهرها للخلف وأغمضت عيناها ورغمًا عنها تاهت فى أعماق تلك الذكرى ..
كانت البسمة لا تفارق ثغرها وهو يضاحكها بمزاح لكن حينما نظرت لما خلفه ، فارقتها السعادة للأبد بل ولم تخرج منها شهقة تعبر عن مفاجأتها فكانت فقط ملامحها المرتعبة تعبِّر عن خلجات نفسها .. نظر باهر لما خلفه وسألها بضيق:
انتِ تعرفيه يا سندس ؟
رمقت باهر برعب حقيقي وهي ترى الآخر يتقدم منهما وعلى شفتيه ابتسامة انتصار تُشفي غروره ، وقف أمامها ببذلته الراقية التي تعبر عن مكانته وبذقنه الحليقة ونظرة الذئب تلك تكاد تلتهمها هي وباهر وقال في حبور والبسمة لا تزال تلوّح على شفتاه:
مش تعرفيني يا سندس على ضيفك .. تسمحلى يا ..
نظرًا لملابسه تلك التى تنبؤه عن شخصية مرموقة فشعر بالشحنات التي أثارت الجو من حولهم ، حاول التلطيف وأجاب بابتسامة بسيطة :
باهر .. الرائد باهر .
بلعت ريقها وهي تشعر أنها على شفا حفرة من فقدان الوعي وهي تري ناصر يصافح باهر ويا ليت باهر يعلم ما السر وراء ابتسامة ناصر الذي تشدق:
أهلًا بيك يا حضرة الرائد .. سندس كلمتني كتير عنك بس مجاليش الشرف أقابلك إلا بالصدفة دلوقتي .
شعرت بتلك النغزة في جانبها بعدما اقترب منها ناصر بجانبه الأيمن لتتنحنح وتقول بابتسامة مرتعشة:
أعرفك يا باهر ب .. بناصر ابن عمي .. شغال فى وزارة الخارجية.
أماء ناصر برأسه إعجابًا لتصرفها وقال موجهًا حديثه لها بنفس الابتسامة التى تثير بداخلها رعب حقيقي:
والدك بعتلي اللوكيشن وقالي أخدك فى سكتي علشان عايزك ضروري .
شعرت بجاثومٍ ما يقبض على نفسها الذي أخذ بالتباطئ فقامت مرة أخرى بارتباك وقالت لباهر بامتنان لكل لحظاتهما معًا وبداخلها صراع ما بين خوفها على باهر وخوفها على نفسها من القادم :
أشوفك مرة تانية يا باهر .. مضطرة أمشي.
أشار لها ناصر بالسير أمامه فودعت باهر بعينيها وبدأت الدموع تتجمع حابسة إياها فى شرفتيهما حتي وقت المغادرة .. بعدما ركبت السيارة جواره وتحركا لخمس دقائق توقف ناصر بهما على جانب الطريق  ، فلم تشعر إلّا بتلك الريح العاتية التى أذهبت بسمعها للحظات وتوقف التنفس لثوانٍ حتى عادت للحياة من جديد وهي تضع كفها على وجهها والتفتت تنظر له برهبة ولكن أكثر ما يجعلها تشمئز منه أنه لا يزال بنفس الابتسامة كأنها جزء من كينونته !
شهقت فجأة كمن كانت في عمق المياه فتسارعت أنفاسها تلتقطها بلهفة حتى تعيد دقات قلبها للعمل بالمعدل الطبيعي لتنتفض من على سريرها بغضب جم وذهبت لغرفته تنظر له بقهر وأخذت تصرخ فيه بوحشية كأنه أمامها يستمع لآناتها تنعي حالته وأين تلك القوة الذي يتحدّاها بها الآن ؟؟
دخل لها عامر فزعًا فلم يرى شقيقته أبدًا بتلك الحالة ولم يستطع ربط حديثها ذلك ببعضه لكنه ما استطاع إلا أن يضمها بشدة داخله حتى تفرغ ما بجعبتها على صدره وبداخلها قهر العالم أجمع !
______________

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Jul 25, 2023 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

لثام القدر  " الفراق قدرى 2 "Where stories live. Discover now