الفصل العشرون

4.9K 212 3
                                    

الحلقة قبل الاخيرة

( ارض زيكولا )

أشار خالد إلى حارس الزيكولا بأن يطلق سهمه الأخير.. واحتبست أنفاسه حين بدأت يد الحارس تجذب ذراع الزيكولا، حتى انطلق السهم الثالث فأصاب فخذ تمثاله الأيمن مرة أخرى .. فصاحت الألوف المتواجدة بأنه ذبيح زيكولا، ودقت الطبول من جديد وقد اختلفت دقاتها عما قبل المنافسة، وخالد ينظر إلى تمثاله في ذهول واحمر وجهه وزاد العرق على جبينه، ثم نظر إلى من يرقصون ويحتفلون وكأنه لا يصدق نفسه..
تتسارع أنفاسه، ويدق قلبه بقوة، ويضع يده حول رقبته يتحسسها وكأنها في كابوس يود أن ينتهي منه، أما أسيل فغادرت شرفة الحاكم على الفور بعدما لم يستطع خالد النجاة من الزيكولا، و قد أثار مغادرتها فجأة دهشة الحاكم وزوجته، و أسرعت إلى حجرتها تحدث نفسها: لو وضعت دروعك لتحمي فخذ تمثالك الأيمن لنجوت.. ماذا أفعل؟..سيُذبح غدا..
ودموعها على وجهها، وتسرع وعقلها لا يتوقف عن التفكير، وتتحدث الى نفسها مجددً ا بصوت مسموع :
أنا من سبّب كل هذا..
أنا من أخبرته عن مكان رأس المثلث..

أنا من تركته يدفع من وحداته الكثير دفعة واحدة دون أن أوقفه..
كان لي الحق أن أعترض على ذلك..
- أنا من دفعت به إلى الزيكولا..
ثم دلفت إلى حجرتها، وما زالت تصيح إلى نفسها:
- ماذا أفعل؟ .. ماذا أفعل؟ ..سيذبح من أحبه غدا..
ثم وضعت رأسها بين يديها، وصمتت وكأن أصابها الهدوء.

أصبح الطريق الممهد بين المنطقة الوسطى والمنطقة الشرقية مزدحما بالكثير من العربات والأحصنة والمشاة من أهالي زيكولا بعدما بدأ الكثيرون منهم ينتقلون إلى المنطقة الشرقية حيث أرض الاحتفال، وبينهم عربة بها خالد مُكبل اليدين والقدمين وأمامه قائد حرس الحاكم، والذي نظر إلى خالد وقال :
- ستبيت الليلة ببيت فقراء المنطقة الشرقية ..
فلم يرد خالد، وظل صامتا فأكمل القائد :
- عليك أن تسعد بما أنت به.. ستموت فداءً لمولود الحاكم..
- ترى كم ستجلب السعادة لكل هؤلاء الأشخاص ..
وأشار إلى خارج العربة، وصمت ثم أكمل بعد لحظات:
- أترى ذلك الزحام؟ .. إنه ليس الزحام الأكبر.. إن الكثيرين لم يحضروا الزيكولا اليوم.. هناك من خرجوا بعد فتح باب زيكولا.. ولكن مع شروق شمس غد سيُغلق بابها، وسترى كم من أهل زيكولا سيحتفلون معك بيوم عيدنا..
فصاح به خالد غاضبا:
- أريدك أن تصمت.. أريدك أن تصمت..

فضهر الغضب على وجه قائد الحرس، وتقوّس حاجباه ثم صمت، وتابع خالد نظره عبر نافذة العربة ..
***

مرّ الوقت، ووصلت العربة إلى المنطقة الشرقية مع غروب الشمس، ومرت أمام البحيرة التي طالما مكث خالد على شاطئها ثم أسرعت بأحد شوارع تلك المنطقة وتوقفت أمام بيت يتواجد أمامه الكثير من الجنود فنظر القائد إلى خالد في غلظة:
- هيا.. لقد وصلنا بيت الفقير..

مازالت أسيل بحجرتها بقصر الحاكم.. تجلس على أرضية الحجرة مسندة ظهرها إلى الحائط، وتنظر إلى أوراق خالد أمامها حتى نهضت، وأحضرت ورقة جديدة، وأمسكت بقلمها، وأزادت من إضاءة المصباح الناري ، وكتبت:
- سيموت من أحبه غدا..
- وأنا من سيحتفل ..
ثم توقفت يدها عن الكتابة، ونظرت إلى ما كتبته فمزقت الورقة ثم نهضت لتتحرك جيئة وذهابًا، والتوتر يكسو وجهها حتى نظرت خارج شرفتها فوجدت الظلام قد حل ، وبدأت الألعاب النارية تضيء سماء زيكولا، ثم سمعت صوت وصيفتها يأتيها من الخارج :
- سيدتي.. سيدي الحاكم يسألك إن كنت تودين الذهاب ضمن موكبه غدا إلى المنطقة الشرقية..
فلم تجبها ثم حملت أوراق خالد وأوراقا أخرى معها، وهمت لمغادرة الحجرة..

أرض زيكولاWhere stories live. Discover now