part 10

16 0 0
                                    

{عالم المواعده}-{جثه؟!}
أريجٌ منعشٌ عبق باشجار الصنوبر العاليه والفراشات الملونه تطير مترنحةً بينها كانها عروسات شابات تزفها العصافير والسناجب والحيوانات الصغيره التي تقطن هنا.. كان سيغما يمشي برفقة المهرج نيكولاي يتقيان الحر و  لهيب الشمس فيستظل بهذه الظلال الوارفه وينعمان بالانسام البارده التي تداعبهما من حين لحين.. توقف سيغما ليرفع راسه مطالعاً السماء فاذا بالغيوم كانها حبات لؤلؤٍ متراصه شكلت عقداً لتزين السماء، بينما شغلت العصافير والطيور التي تحلق بحريه فكر نيكولاي وسلبته بعيداً الى خياله قبل ان يخاطبه سيغما قائلاً: (لم يتبقى لنا إلا الجزء الخلفي من هذه الغابه لنبحث فيه فبعده قصر عائله "روبينسون" النبيلة و تتوالى بيوت العامه والسوق المحلي بعدها.. اين يجب ان نبحث تالياً؟) اكمل نيكولاي مسيره ببهجه ليقول: (سنذهب عند ماريسا تشان! فقد اخبرتني بذلك قبل افتراقنا.. المكان.. امممم...  قصر الشوكولاه!!) نظر اليه سيغما بـ بلادةٍ ليقول في نفسه: (يبدو انه يقصد قصر اللوتس..)
توقف سيغما واضعاً يده على انفه ليقول مخاطبا نيكولاي بعينين جادتين وهو يتصبب عرقاً: (اشتمُّ رائحه دماء قويه تنبعث من الحفره امامنا..) تقدم نيكولاي لينحني نحو الحفره ثم يقول بابتسامه مريبه: (يبدو ان -ملك الجاذبيه- قد آذى رأسه)
هبط سيغما نحو قاع الحفره منزلقا بساقيه فوق الحجاره والتراب يصعب عليه التعرف على هويه صاحب الجثه، ما ان وصل مقربه منه حتى تبين له و بات واضحا من هو.. شعرُ برتقاليٌّ لوثته حُمرة الدماء يصل أسفل عنقه متجاوزاً إياه بقدر إصبعٍ وعيناه المفتوحتان على مصراعيهما لا يظهر فيهما الا اللون الابيض.. لابد ان تشويا قد فقد حياته منذ وقت ليس ببعيد، فالجثه ما زالت دافئةً بعض الشيء ولم يحدث لها تصلب تام حتى في الاطراف.. كما ان وضعيه الجثه.. انه انتحار بالتاكيد..
قرر سيغما العوده برفقه نيكولاي الى الموقع المتفق عليه (قصر اللوتس) لاطلاع ماريسا على اخر المستجدات بينما كانت تلك الاخيره قد عثرت على "تسوكي" تسير هائمه على وجهها في سوق المدينه.. لم يوقظ وعيها إلا رؤيتها ماريسا تبكي بحرقه بعدما تاكدت من رؤيتها صديقتها حيه ترزق، فقد كانت ما تزال في شك مما قاله غلوكشينيا عن انتقال الارواح بين العالمين بالموت لكنها الان ترى تسوكي ماثلةً امامها بشحمها ولحمها ولابد لها من التصديق المطلق لتلك الحقيقه.. و ريثما كانت الفتاتان تتكلمان كان "فيودور" واقفاً من بعيد يبتسم بتعالٍ بينما يراقبهما ليقول ذو البشره الشاحبه: (اقترب موعد اللقاء اخيرا.. يا شريك..~)
{قصر اللوتس}-{دازاي}
كنت امشي خلف اوداساكو اراقبه كيفما راح او جاء رغم ان قلبي يعتصر ألماً على موت تسوكي واشعر وكما لو انه قد ذبح لفراقها لكنني مضطرٌ الآن لملازمته والبقاء بجواره لئلا يرحل ويتركني ثانيةً.. فكرت في نفسي مسترجعاً لحظات وفاته بين يدي لتندَّ من عينيَّ دمعةٌ اخفيتها بجهدٍ بليغ لاقول بصوت خفيض: (نعم المعجزه عودتك يا صديقي...)
تابعنا مسيرنا حتى اصبحت حديقه القصر امام مرآنا.. رتلٌ من الازهار يمتد حتى يتوقف قُبيل ادراج بوابه القصر المذهبه و أشجار السنديان والصنوبر تصطف على الجوانب كحارسات صارمات لا تبرحن اماكنهن.. تظللن القصر نهاراً وتحمينه من الاعاصير والرياح ليلاً ..
سطح البحيره الساكن يهتزُّ كلما لمسته نسمات الهواء البارد.. لقد كان الجو هادئاً وجميلاً..
اسرعت الخطى لأقف امام اوداساكو واساله عما يريد فعله في قصر اللوتس ولكنه تقدمني متهربا.. لم استطع سؤاله ولا التكلم اليه بشيء فانا متاكد تماما من انه لن ينصت الى كلمه واحده تصدر من فمي.. اعتقدت ان الحرس خارج البوابه سيوقفونه فهو لا يملك شريكه يدخل معها كما ان اسمه غير مسجل في قائمه الحاضرين، لكنهم ما لبثوا يرونهم حتى انفرجت اساريرهم يرحبون به بحراره.. يبدو ان اوداساكو يكسب قلوب الناس اينما ارتحل.. دخلنا من البوابه الكبيره لنمشي حتى وطئت اقدامنا شيئا قاسيا مختلفا عن بلاط القصر، كان اودا يتحرك بحريه وكانما يعرف المكان جيدا لكنه ظل واقفا في المكان ذاته حتى بتنا ننتظر دقائق قلال فاذا بالبلاط تحت اقدامنا يهتز ليصدر صوتا كانقشاق الارض.. ارتفع البلاط بنا ببطئ كملاءة سحرية ثم توقف بعدما جاوز بنا حوالي العشرة امتار.. نظرتُ للأسفل لأتحقق منه فإذا باسطوانات حديديه هي التي تحمله.. في الحقيقه لقد طمئنني ذلك بعض الشيء لارسل تنهيده خفيفه ثم اقول: ( يا له من قصر!!) لم اكد أنهي جملتي حتى امتد جسر من اسفل اقدامنا ما ان اتصلت نهايته بارضيه الطابق الثاني حتى تقدم اودا يمشي عليه دون ان ينظر الى الاسفل او يرف له رمش.. اما انا فلو نظرت الى الاسفل لكدت اقع بالتاكيد.. على كلٍّ، وجهت بصري قبالة الثريا مقابلي لأتجاوزه بخطوات سريعه.. كان قلبي يثب من مكانه عندما رايته ممسكاً بقطعه حديديه سوداء كانها زر تشغيل شيء ما.. خلتُ انها قنبله حتى سمعت صوت صراخ يصدر من القاعه الخلفيه للطابق الثاني.. فصلتنا لحظات عن تحول الطابق باكمله لحلقه دخانيه لتداهم الحضور نوبه من السعال اثر استنشاقه وخوف و ذعر ملاء القلوب للحظات كان الجميع يفكر: (هل هناك قنبله..؟)
لتظهر فتاه مجنحه من بين الدخان وتبدا بتهدئه الحضور.. كاد قلبي يقفز فرحا (انها ملاكي تسوكي!!) لكنني قبضت على قلبي بتنهيده صامته لاذكر نفسي بوفاتها.. لم ادرك الا وهي امام ناظريَّ بشعرها اللوزي الحريري وعينيها البنفسجيتين اللامعتين، نظرت الي لتقول مرتبكه: (عليك ايضا بالاخلاء يا سيد- دازاي! لما انت هنا؟!) لم تستطع تسوكي اكمال جملتها فقد فوجئت بدازاي يضمها بشده ويهمس لها بعدها: (ايتها الغبيه..) ردت تسوكي بصوت مضطرب: (بل انت الغبي! الا ترى حولك؟ الدخان يملأ المكان ولابد ان في المبنى خطباً ما .. كل الثنائيات اللاتي ارتدين سوار المورنوكس الغريب ذاك سقطت مغشياً عليها بعد انفجاره.. ثم هل اتيت وحدك؟) تلفت ذو الشعر البندقي ليقول وقد استبد به القلق: (لا.. لقد اتيت برفقه اوداساكو ولكنه كان يحمل شيئا يشبه زر التشغيل ايعقل انه الفاعل..؟) قالت تسوكي بجديه بعد ان هبطت بجواره: (لا ندري بعد ما مبتغاه.. ولكنني اشعر ان هناك عقلا مدبرا يقف وراء هذه الحادثه والحوادث قبلها من حين انتقالنا الى هذا العالم..) انهت تسوكي جملتها ثم اشار عليها دازاي باقتحام الدخان برفقته مع اخذ حذرهما فقد يكون الهاءً او تمويها لشيء اكبر .. تبعتهما ماريسا من الخلف تحمي ظهريهما بينما اختفى فيودور عن الانظار كاوداساكو تماما.. توقفت ماريسا لتتجه يمينا فقد رات للتو ثقبا كالخاص بغلوشينيا يفتح في تلك الزاويه! ما الذي يجري هنا بالضبط؟! اشارت ماريسا الى تسوكي ودازاي بيدها ليتبعاها بصمت فاذا بشاب في مقتبل العمر يخرج من الثقب برفقه غلوكشينيا.. عينان حمراوتان كالدم و شعرٌ اشقر ناعم تغطيه قبعته السوداء المتصله بمعطفه.. انه ويليام جيمس موريارتي! همس دازاي للفتاتين بصوت خافت فورما تعرف عليه: (عليكما الاحتراز منه فهو مبارز بارع.. وكان يلقب بـ "لورد الجريمه" في بريطانيا..) ران عليهم صمت ثقيل قبل ان يظهر فيودور ويحيي ويليام بشفره ما ثم يدخلا الثقب معا.. «القدره الخاصه: كروح تائهة في طريق الحريه» نطق بذلك صوت رقيق لفتاه ذات عينين ذهبيتين في الثانيه والعشرين من العمر لتنطلق نحو الثقب و تبدده بنصلها.. لم تكن تلك ماريسا بل دميه صنعتها بقدرتها وقامت بمضاعفه حجمها لتظهر كما لو انها هي.. لو راقبتها من بعيد لظننتها مجرد فتاه لطيفه ولاحببتها، لكن ان رايتها عن كثب و دققت في مفاصلها البارزه وملامحها الخاليه من روح البشر في الليالي الحنادس تحت ضوء القمر سيقشعر بدنك!
كان الهواء ثقيلاً و الدخان يعبث في المكان و ينتشر أكثر فأكثر.. ران على أولئكم الواقفين صمتٌ مهيبٌ ليتراجع فيودور للخلف و يختفي في السحابة الضبابية، بينما لم يتوقف ذو العينين الدمويتين عن مبارزة الدمية التي صنعتها ماريسا بقدرتها .. كان لا يزال يظنُّ انها ماريسا بعينها فهي تشبهها تماماً.. العينان الذهبيتان الباهتتان و الشعر الاسود القصير ذي اللمحة البنفسجيه.. الملامح الخالية من الحياة و الهالة الباردة التي تنبعث منها.. لو نظرت لكلتيهما في ذات الوقت لما استطعت التفريق بينهما!
التفَّت تسوكي لتتخذ موضعها خلف ويليام بينما بدأ دازاي يتحرك بصمتٍ نحو زاويه أشقر العينين العمياء.. كان ذلكما الإثنان يثقان بماريسا ثقةً صلبةً لن تكسرها الرياح العاتية و لن تحطمها اقوى القنابل و  النوويات.. بينما لم تُظهر لهما ماريسا أي تعبيرٍ إلى الآن فهي ما زالت تائهةً في مكان ما في روحها.. تائهةً في طريق الحريةِ التي سُلِبت منها لأمدٍ بعيد.. لم تعش ماريسا حياةً عاديةً منعَّمةً كباقي الأطفال .. فقد كانت يداها مغلولتين بأصفادٍ ثقيلة من قبل ولادتها.. كُتبَ مصيرها المشؤوم بالابتعاد عن عائلتها و تفريطهم بها و منعهم الحب و الدلال عنها لمجرَّدِ أنهم سيرمون قفل تلك الأغلال في يدٍ أخرى حالما تبلغ طفلتهم الرابعه من عمرها..
بَيْدَ أنها لم تنظر لأخيها التوأم "لويس" بعينٍ حاقدةٍ أو مستحقِرة.. حتى ومع أنه هو من اختير ليكون سليل عائلتها .. و مع كونه نَعِمَ بالدلال و الحنان منذ نعومةِ أظفاره بينما كانت ماريسا تُتركُ أحياناً لتنام مع آلام عينيها المخضلتين بالدمع.. و مع كثرة الأُسر التي تناقلت هذه الفتاة.. كان جسدها يشبه الأولاد إلى حدٍّ ما فـ أضاعوا جنسها فتارةً هي فتاةٌ و تارةً هي صبيّ.. كيف تبقى محافظةً على هُويَّتِها و هي تُجبر على ارتداءِ قناعٍ زائفٍ لشخصيةٍ ما.. ثم يُنتزَع منها لتُمنح آخراً ؟!

Bungou stray dogs: otome game!! Where stories live. Discover now