الفَصلُ الأَوَل

1 0 0
                                    









بنظرات صماء خالية من أي تعبير يُذكر، وقف في بقعة طينية حتى أخذت شكل قدميه وركز نظره على ألسنة اللهب وهي تتصاعد من منزله تلتهمهُ بما فيه.

راقب المشهد بصمت وكأنه غريب لا يعرف المنزل ولا ساكنيه، أنفاسه الحادة المتسارعة هدأت وبدأ أخيراً يستعيد وعيه ويتذكر لحضاته في هذا المنزل قبل أن تشتعل به النيران و يحترق!

المنزل يحترق؟
لم يتوقع ولا حتى بنسبة قليلة أن الخيوط بين يديه قد تتشابك حتى تبتر أصابعه، لم يتوقع أن تتعقد الأمور لهذا الحد وأن ينتهي به المطاف بهذه الطريقة.

لمعت عينيه، وتسللت يده حاملة مفتاح المنزل نحو موقع قلبه و أعتصر القميص بألم وهو يتذكر أنهُ حاول إنقاذها، حاول الوصول لها قبل ان تلتهمها النيران، حاول لكن!

تنهد..
كان غائب العقل مع هذه الذكرى وبقي سارح في المنزل الجديد بلا أي وعي قبل أن يعيده للواقع نداء ابنه الأكبر بجانبه

"بابا!"
أبتسم سِوار بلطف لا شعورياً بعد ما أخذه الشرود للماضي بعيدا عنهم وسأل أبنه مستدركًا وقفته لوقت طويل وهو يخطو باتجاه المنزل.

"هل تعتقد بأنكم ستتأقلمون هنا؟"
نظر له ابنه متسائل بـ حَيرة

"ماذا تقصد؟"

"أنت وإخوتك .. أنا لم أعتد حتى الأن رغم  الأشهر التي قضيتها أهيئة لنا، و لكن أعتقد بأنكم أكثر حظا بالتأقلم، الأطفال دائما ما يحصلون على أصدقاء جُدد بلمح البصر"

ابنه الذي لم يكن بمزاج جيد بعد سفر طويــل على الطريق، لم يتكلف حتى بمحاولة المجاملة، لم يتجاوب واكتفى بالنظر إلى عيني والده، ثم تجاهل هذه المحادثة العبارة ليَقف بجانبه بصمت.

و والده الذي تحمل نظراته هذه لوقت طويل لم يكن مسرور بهذا التصرف، لكنه حاول تمالُك أعصابه لمرة أخيرة، وقال مُمازحًا له

"إلى متى؟ تعلم أنك ستضطر للتحدث لي عاجلا أم آجلا، لا أحد يعامل والدهُ الذي يحبه بهذه الطريقة"

أجاب الصغير "قُلتها بنفسك، الذي يحبه!!"

سأل سِوار "وانت لاتحبني؟"

"لا أريد التواصل معك، ولا أريد محاولتك هذه لِـستعطافي، نحن الأن في هذا البلد الغريب بين بشر غريبة، وتسألني إن كنا سنتأقلم أم لا؟ أتعلم كم تعبت أمي حتى حصلنا أخيرا على الراحة والأمان في المنزل الذي كبرنا فيه و اعتدنا عليه؟ لو أهمتك راحتنا ما كنا لنصل إلى هنا، كل هذا بسببك!"

رغم أنه رد على هذه الاتهامات من عدة أشخاص، إلا أنه تألم لتَفكير ابنه به أيضا بتلك الطريقة البشعة، وحقيقة أنه يلومه لما حدث.

"بسببي! حاولت.. تعلم أنني حاولت أن أمنع ماحدث!"

قاطعه دون أن يستمع له
"هذهِ هي المشكلة! أنك تحاول، وكل محاولاتك خطأ في أصلها، لو أنك تركت كل شي عندما طلبت منك أمي! ولو أنك صدقتها فقط .."

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 14, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

صَــانِع اللَذَاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن