الفصل الأخير

351 39 141
                                    

{ماسة}

لم يعد تماماً كما كان.. لكنه تحسن بشكلٍ يجعل فكّي يؤلمني من كثرة الإبتسام.. لقد طال شعره من جديد.. ليس كطوله السابق لكن هناك شعر على رأسه!.. وجسده النحيل لم يعد نحيلاً.. يبدو أن إيلاف التزمت بوعدها بإطعامه.. لقد اكتسب بضع كيلوات وإن كان لم يستعد عضلاته التي بناها مع يونس في الفترة التي تسبق مرضه.. ثم أن لونه عاد طبيعي!.. والحياة تدبّ في عينيه ومعالم وجهه.. ليس الموت كما في فترة مرضه المؤلمة.. كنا نجلس في غرفة المعيشة نحن وعائلة عمي.. وأنا أرفض مفارقة جهته.. أرفض ترك ذراعه التي أتشبث بها منذ قدومه قبل ساعتين.. يونس يجلس على جهته الأخرى ولم يغادر إلى عمله في عيادة سيف.. ربما لن يغادر أصلاً هذا اليوم.. فمن منا يستطيع مفارقة رائد ونحن لا نصدق بأنه عاد بعد صراعٍ مرعب مع الموت.. الابتسامات ترتسم على وجوه جميع من يجلس الغرفة.. وعيون أمي لا تكفّ عن اللمعان بدموعها.. أبي وعمي تركا المطعم في أيدي العاملين ليكونا مع رائد اليوم.. وحتى ليالي التي لا تدخل بيتنا عادةً كانت تجلس بجانب والدتها وتتأمل رائد بفضول.. بحذر.. بإمتنان على عودته سالماً.. أمجد زارنا لساعة واحدة واضطر للمغادرة بسبب التزامه بعمله.. لكنه وعد بعودته مساءً مع زوجته وولديه.. لم أتوقع أن أعيش الفرحة مجدداً.. لكن ها أنا أكاد أطير فرحاً.. ها أنا أرى الدنيا مشرقة بعد سوادها الذي لم أتوقع أن يتبدّد.. لكنه تبدّد بعودة أخي.. تبدّد بعودته سالماً معافى..

*****


إنها بداية العطلة الصيفية.. وهناك الكثير من الخطط.. فأولاً سنزور بيت والد إيلاف للمرّة الأولى منذ عودة رائد.. وبعد شهر سنستقبل إيلاف في زيارتها الأولى للعراق.. وقد يخططا للزواج.. لم يتم الإتفاق كلّياً بعد.. فعلى كل الأطراف أن توافق.. وبالأطراف أقصد والدة إيلاف.. وفي نهاية العطلة سأحضر حفل خطوبة فرح.. الكثير من الأحداث المهمة في هذه العطلة.. الكثير من الأفراح والحمد لله.. 

كنتُ من جهة أساعد فرح بالتخطيط لحفلها ومن جهة أخرى أساعد إيلاف للتخطيط لتفاصيل زواجها بما أن رائد فاشل في ذلك النوع من التفاصيل.. وربما أنا أيضاً فاشلة.. لكنها اختارتني لأنني أكثر من يعرف رائد وما يحبه ولا يحبه.. ولم أتوقع أن أستمتع بالتخطيط لخطوبة أو زواج أحدهم.. لكنني وجدتُ أن الأمر أجمل ممّا كان في بالي.. إلا أنه كان يفتح جرحاً بين فترة وأخرى.. فأجد نفسي أتخيل تخطيطاً مشابهاً لزواجنا أنا ونائل لو أن الأمور لم تنتهي بيننا.. وأشعرُ بالإنكسار.. بالحسرة.. ثم أطرد تلك المشاعر وأواصل مهمتي بمساعدتهما.. 

أريتُ رائد صورة بطاقات الدعوة وقلت وأنا أقف بجانبه حيث كان يمشط شعره أمام مرآة غرفته:

ـ اتفقنا على هذا، شنو رأيك بيه؟

ألقى نظرة سريعة على الصورة ثم قال:

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Aug 27, 2023 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

اتكئ على كتفيWhere stories live. Discover now