قلب المحيط ... تنزانيت

422 22 81
                                    


في ليلة هادئة تبزَغَ بنور البدر المتناغم مع مصابيح برج إيفل  ، كانت الرياح تتراقص مع نغمات الجاز الصادرة من مطعم إيفل بأجواء فخمة يعلوها رقي قاطينو المطعم ، كل ما تلقطه مسامعك داخله ، إما  بعض غزل حبيب لحبيبته او اسعار خيالية لشركات ضخمة  او محادثات غامضة  لكن بين ازدحامهم  كانت هناك طاولة تتوسط الجميع ... لم تسمع فيها سوى صوت تصادم السكين و شوكة بالصحن ... يتربع عليها إمرأة  تصرخ هالتها بالفتنة مقابل لها رجل يافع ذو جسم ضخم معضل ملامحه ممتزجة بين ملامح الهادئة و الحادة ، بشرته ثلجية خالية من العيوب سوى بعض نقاط سوداء كأنها نقاط لحبر على ورقة بيضاء حبر كان يصف جماله ،  مقلتاه تحمل محيط عميق داخلها ، قد غطتها خصلات ذهبية قصيرة ، تتربع وشوم صاخبة على يده اليسرى ... هالته غامضة قد توحي لك بالهدوء ... هدوء مخيف
وضع بهدوء  لقمة بفمه ثم رفع عيناه ليتشارك بالحديث مع شريكته في الطاولة ختم كليماته و هو يرفع كأس النبيذ نحو جوفه لكن فجأة إستوقفه الزمن حينما رفع نظره نحو الباب لتتصادم حدقتاه بها ....
جسد أنثوي مثير  يتقدم بهَوَادَة كأن خطواتها تتبع نغمات الجاز و خصلاتها تتراقص معه ،  تحجب مفاتنها بفستان حرير اسود يلتف حول خصرها كأنه يحضنه و هو يتمايل يمينا و يسارا ...  وقفت للحظات تبحث عن شخص ما حينما وقعت عيناها عليه تقدمت بهدوء و ثبات كانها ملكة تتقدم نحو عرشها
مرت بجانبه كنسمة سائدة حركت كل خلاياه بتمايل خصرها ناحيته
شعر ان العالم وهب له بعض لحظات  يسمح له بتمعن بها ، خاف لوهلة بأن يفضحه صخب قلبه و هي تمر قربه
تحركت عيناه معها تتعقب خطواتها و هو لايزال يحاول أن يوصل كأس النبيذ نحو ثغره دون إهدار قطرة 
بيقى يرمقها إلى أن وصلت نحو وجهتها التى كان بلفعل هناك شخص يرحب بها
ارتشف من كأسه الذي خمر منه برشفة واحد

تواصلت الأجواء الرومنسية داخل برج الحب ، الذي لم يخلو طيلة السهرة من نظراته الخاطفة نحو أسرته ، كان كلما رأى ابتسامتها رسم طيف ابتسامت لطيفة على ملامحه الهادئة ، كانت كالقمر تضيع ما حولها منذ دخولها اصبح المكان ينير فقط بها ، كان حريصا على حفظ ملامحها و حركاتها و ردات فعلها ، فعلا قد حفظ تفاصيلها في غضون دقائق قليلة .
بمرور الليلة شعر إنه حقا بحاجة لوقت مستقطع بعيد عنها حتى يفهم ما مر به منذ بداية هذه الليلة ، فإستأذن بأدب قبل أن يتجه نحو شرفة ، خرج يفتح زر سترته يستنشق الهواء بقوة تقدم نحو حافة الشرفة يطل على مدينة ساحرة مدينة الحب  يناظرها من أعلى ابراجها ... باريس

أخرج من جيبه علبة ثم تلتها قداحة إحتضنت شفتيه سجارة بينما هو يكور يداه يحاول إشعالها ، إستنشقها بشراهة كي ينثر سمها بعيدا و هو يضيق عيناه نحو السماء دفن يده داخل بنطاله بينما بقية وشومه تحتضن السجارة ...

لحظات كان يحاول ان يجعل قلبه يهدأ  لكنه كان يطالبه بالعودة ...  قلبه يطالبه بها ...
صمت ساد في المكان  ليقتل كل الضجيج داخله لكن و على حين غرة سمع صوت طرقات كعب أنثوي يقترب منه ببطئ  لم يأبى أن يلتفت بل ترك القادم يعرف نفسه ، فإذا بها تقترب نحو حافة البرج وقفت على مقربة منه تكور جسدها بيداها ناعمة تداعب كتفها برقة و هي تحدق نحو السماء
بلع ريقه بهدوء يمنع نفسه من إلتفات نحوها حرك لسانه يلعب داخل جوفه بغضب كي يكبح نفسه

TANZANITE Where stories live. Discover now