الفصل التاسع والعشرون -٢٩-

17.3K 711 46
                                    

[ وخنع القلبُ المتكبر لِعمياء]
"الفصل التاسع والعشرون" -٢٩- "ما قبل الأخير"

مرّ الليل والصباح حتى منتصف النهار وهي تجلس في الشرفة تترقب عودته بقلب مكلوم مفجوع، أصبح وجهها باهتًا وعينيها غائرتان يُظللهم دوائر سوداء تُحيط بهم..

جذبها من شرودها صوت إغلاق الباب لتهرع بلهفة تجاهه لتقول بتلهف لزوجها عاطف الذي دلف بإرهاق يتلبسه:-
- عاطف .. لقيت راجح .. راجح فين؟؟

رمقها بغضب واشمئزاز أصابه بعد علمه بحقدها الدفين وإجرامها، أردف وهو يجلس فوق الأريكة بإرهاق:-
- إنتِ السبب .. إنتِ دمرتي عيالي كلهم..
عيالي اتعاقبوا على إجرامك..
إنتِ السبب في كل حاجة حصلتلهم...
راجح مش هيرجع لهنا تاني ... أنا واثق إن مش هيرجع لوكر القذارة ده تاني..
كسرتيه وخلتيه يحسّ بالعار...
أنا قلبت الدنيا على راجح وملهوش أثر وموبايله مغلق...
منك لله ربنا ينتقم منك يا مجرمة بسببك بعد غُربة ابني كل السنين دي اتحرمت أشوفه..
وبناتك حالتهم تصعب على الكافر، اتعموا واتشوهوا ... ودا بسبب قلبك الأسود...

كانت ترتجف بوجل وجميع جرائمها تمر أمام أعينها، لقد انقلب السحر على الساحر، وكيدها سقط عليها...
لقد حُرمت من ولدها للأبد كما فعلت هي من قبل وحرمت فتاة من والديها .. وأب وأم من ابنتهم..
رِفقة ليست أولى جرائمها، لقد سبقها يحيى ونرجس والديّ رِفقة...
السرّ الذي لا يعلمه أحد، السر الذي دثره الزمان...
من لدى والديّ رِفقة تبدأ الحكاية، حكاية حقدها وانتقامها...!

           <<<<<<بقلم/سارة نيل>>>>>>

لم تهدأ إلا بإبرة مُهدئة جعلتها تصمت بعد سقوطها..
تململت وفتحت أعينها التي انسحبت منها نور الحياة، أصبحت منطفئة زابلة وتنزلق دموعها بصمت مؤلم..
اعتدلت وهي تتحامل على نفسها بينما ألم قاتل يفتك برأسها وأعينها..

ساندتها نهال وألاء الصامتتان بقهر لأجلها، قالت نهال بلهفة:-
- رِفقة إنتِ كويسة..

لم تلقى منها سوى الصمت، تنظر أمامها وأعينها مثبتة عند نقطة ما في الفراغ، الكلمات التي سقطت على أذنها المكتوبة بالورقة عملت كإغارة على قلبها ... فأحدثت به نكبة...
لقد أصبح داخلها خراب...

دلف الطبيب وقال بهدوء وعملية:-
- مدام رِفقة لازم تكوني حذره ومتنسيش إنك لسه خارجه من عملية وانهيارك ده وانفعالك مش في صالحك خالص..
تقدري تخرجي وترجعي البيت بس لازم تطبقي التعليمات وتتغذي كويس وتاخدي علاجك في وقته...

لم يلقى منها أي رد، مازالت على حالتها نظراتها الخالية تطوف بالمكان..
أسرعت ألاء تقول:-
- تمام يا دكتور إحنا معاها متقلقش وهنطبق كل التعليمات..

خرج الطبيب، فأخذت كُلًا من ألاء ونهال ذراعي رِفقة وقالت نهال:-
- يلا يا رِفقة علشان تلبسي هدومك ونخرج..

«وخنع القلبُ المتكبر لِعمياء» Where stories live. Discover now