رحلتي مع القرآن (٢)

71 11 0
                                    

جاء موعد الكتّاب فارتديتُ ملابسى و ذهبتُ و انا أشعرُ بالسعادة، فها انا اعود الى ربّى؛ اعود الى القرءان،_ اللهم لا تحرمنى لذّة حفظه و تلاوته و فهمه_ دخلتُ و سلّمتُ على معلمتى و زميلاتى و جلستُ أحفظ و أراجع ما حفظته حتى نادتنى المعلّمة لكى أتلوا عليها ما حفظته..
كنتُ متوترة بشدّة فقد شعرتُ بأنّى نسيتُ كلّ ما حفظته و لكن معلّمتى بثّت فى قلبى الطمانينة و طلبت منّى البدء،، و بالفعل استرسلتُ التسميع و بدأتُ أتذكر الآيات و بدأ الأمل يُبثّ فى أوصالى من جديد.
انتهيتُ من التسميع و ذهبتُ للبيت بسعادة عازمة ان احفظ مقدارًا أكثر ممّا حفظته هذه المرة، و بالفعل بدأتُ أحفظ كلّ يوم عدد آيات أكثر من اليوم السابق؛ بدأتُ أحفظ صفحة ثمّ صفحتين ثمّ ثلاثة و هكذا بدأتُ بالتدريج حتّى وصلتُ لأن أحفظ ستّ صفحات فى اليوم الواحد؛ كنتُ أشعر بالرّضى عن نفسى و لما وصلتُ اليه، أشعر بأنّى اقتربتُ كثيرًا من الوصول لهدفى ألا و هو ( ختم القرءان الكريم ).

فى تلك الفترة بدأتُ أشعر بالراحة تستولى على قلبى، بدأتُ اثق فى نفسى اكثر من السابق و انظر لحياتى نظرة امل و تفاؤل، و الأهم من ذلك كله أنّى بدأتُ أستشعر آيات القرءان التى أحفظها لذا قررت ان اقرأ فى بعض كتب التفسير لأفهم تلك الآيات، بدأت أتقرب الى الله بالطاعات، فكنت أظلّ احفظ و اتلو القرءان ليلًا حتى وقت متأخر فأفكر أن اصلى قيام الليل قبل ان انام و هكذا داومتُ عليه و المزيد من الطاعات الاخرى، لم أكن أتغيب عن الكتّاب إلا لضرورة كأن كنتُ مريضة مثلاً، و كانت عزيمتى فى أوجّ نشاطها، إجتهدتُ بشدّة فقد كان لدى هدف اريد تحقيقه و قررت ان أحققه....

و لكن للأسف فالنجاح و الإجتهاد ليس بالدائم، يأتينا الخمول من حيث لا ندرى، أو لا نسمّيه خمولاً بل بمعنى أصحّ ( إنتكاسة )...

نعم كنت مجتهدة بشدّة، بدأتُ اتقرب الى الله اكثر بالطاعات و العبادات و السنن، و لكنى جئت فى فترة من الفترات و بدأتُ أشعر بأن الحفظ أصبح صعبًا و أن عقلى لم يعد كما فى السابق فقد قلّت طاقته كثيرًا حتى بدأتُ أشعر بعدم التركيز.. احاول اكثر من مرّة و لكن لا فائدة، بدأتُ أستسلم تدريجيًّا فقد شعرتُ لبعض الوقت أنى لن أستطيع أن اختم القرءان و احفظه كله أبدًا، و انه أمرٌ بعيد المنال...

بدأتُ بالإستهتار فلم اعد احفظ و أراجع القران كالسابق و أقول انّى سأكمل غدًا، و هكذا هو حالى كل يوم، بدأت عزيمتى تنفذ اكثر و اكثر حتى استسلمتُ تمامًا و لم أكن احفظ إلا القليل من الآيات و حتى إنى كنتُ أنساهم، لم يعجب الأمر معلّمتى فهى اعتادت منّى الإجتهاد و لكنى خيّبتُ أملها...

تلوتُ عليها الصفحة التى حفظتها اليوم و لم أكن احفظها بتمكن كما هى العادة، و بما أنها رأت أننى قد بدأتُ بالتراجع و التكاسل قررت ان تسألنى معلّلةً بأن السبب قد يكون بعض الظروف السيئة التى أمرّ بها أو انى مريضة أو أى شىء آخر و أخبرتنى" انتى حصلك ايه؟ ده انتى زمان كنتى بتحفظى بـ الستّ صفحات و تسمعيهم من غير ما تغلطى.. و دلوقتى بقيتى بتحفظى قليل جدًا و كمان بتغلطى كتير.. انتى مبقتيش زى الاول ليه؟"

_ مفيش.. اصلى كنت مرهقة جامد الفترة اللى فاتت.
أخبرتها فقط بأنّى أشعر ببعض الإرهاق يعترينى و لا أستطيع التركيز جيّدًا هذه الفترة، هزّت رأسها بتفهم و حثّتنى على الإجتهاد أكثر لأعود لسابق عهدى: شيدّى حيلك بقى كده و حاولى تجتهدى شوية ده انتى قرّبتى تختمى.
أومأتُ لها مخبرةً إياها بأنى "سأحاول"
_ إن شاء الله.. هحاول.
ابتسمت و هى تدعو لى: ربّنا يثبّتك يا حبيبتى و يثبّت القرءان فى قلبك قبل عقلك و يوفقك و إن شاء الله تختمى فى اسرع وقت.

ابتسمتُ لها متمنّيةً حقًّا ان يحدث هذا....

مرّت عدة ايام بل اسابيع و مازلتُ على حالى، بل إنى بدأتُ أتراجع اكثر و اكثر.. بدأ غيابى من الكتّاب يتزايد حتّى... حتّى إنتهت حالى بعودتى كما فى الماضى.. نعم؛ لم أعد أذهبُ للكتّاب، قلتُ فى البداية انّى سأحفظ وحدى فى المنزل و لكن هذا لم يحدث.. فإما أننى كنتُ أحيانًا أنسى او أتكاسل و احيانًا أخرى أقرأ فقط، و ليس بالكثير...
و هكذا كنتُ أسير بعيدًا عن ربّى دون أن أشعر..
و هكذا.. أصبحتُ هاجرة للقرءان..
استسلمتُ للشيطان و لنفسى الأمّارة بالسوء و تركتُ القرءان، و هذا ما لم اكن أتخيل حدوثه مرّة أخرى فى حياتى...
أصبحتُ هاجرة بمعنى الكلمة؛ تغيّرتُ كثيرًا، بل و حياتى أيضًا تغيّرت.. لا؛ لقد انقلبت رأسًا على عقب...
لم أعد الفتاة المرحة ذات البسمة البشوشة كالسابق.. أصبحت إنسانة اخرى.. كئيبة.. حزينة.. يائسة.. تعيسة... لم اكن أعلم ما سبب هذا الشعور؟! كنت احيانًا كثيرة أبكى بدون سبب! فقط اشعر بالإختناق و الضيق.. أصبحت حياتى تعيسة و امتلأت بالمشاكل و الأحزان.. كنت أبكى كثيرا دون سبب ايضًا.. و قد بدأت اخاف كثيرا من اشياء لم تكن تأتى فى بالى.. ام أعد متميزة فى دراستى كالسابق.... و المصيبة اننى قد بدأت أبتعد عن ربى شيئاً فشيئًا،، فقد تركت قيام الليل و صلاة الضحى و سنن الصلاة التى كنت اواظب عليها و أعتبرها جزء لا يتجزأ من حياتى، حتى صلاتى لم أعد أصليها فى وقتها و احيانا أجمعها معًا.... كانت حالتى صعبة...
قد ترون انه شىء عادى و لكن بالنسبة لى كنت كمن يعيش فى الجحيم.... كنت أبتعد عن طريق الحق و أسير فى طريق الضلال دون ان أشعر... كل هذا لأننى فقدت الامل... يئست.... استسلمت.....

يتبع...

صلوا على نبى الرحمة..
و لا تنسوا أذكار الصباح و المساء + وردكم اليومى.

أعانكم الله على الطاعة و فعل الخيرات💪

دُمتُم على طاعة الله ❤

وسام أحمد رجب.

اسكريبتات دينيةWhere stories live. Discover now