00

132 23 5
                                    


في ذلك الطريق الموحش، حيث الظلام يعانق الأفق، تجد جيلين نفسها وحيدة، الصمت يتخلله صدى أقدامها الحائرة. تكمن الأسئلة بين ثنايا ذهنها، تتزاحم محاولةً البحث عن تفسير لكيفية وصولها إلى هذا العدم المطلق. الأضواء التي كانت ترافق ليلها قد ابتلعها ظلامٌ أكثر كثافة، والسيارات التي كانت تشاركها طريقها قد اختفت كأنها مجرد أوهام.

الخوف، ذلك الشعور الذي ينمو بداخلها ككائن حي، يقذف بجذوره في كل خلية من جسدها. الخطوات التي تسمعها ليست إلا صدى لتلك الرعشة التي تتردد في أعماقها. وما ظنته وهماً يحوّل نفسه إلى حقيقة عندما تقابل العينين اللتين تقرأ فيهما الغموض المطلق.

الرجل العظيم القامة، معطفه الأسود يلفه كضبابٍ كثيف، يطوق الهواء من حوله بطاقة تنذر بالخطر. تلك العينين، الواحدة رمادية كإعصار من رمادٍ بارد والأخرى زرقاء كجزء من السماء الممطرة، تربك الرؤية وتخلط بين الواقع والأساطير.

جيلين تجد نفسها مشلولة، الرجل يقترب بهدوء، يرسم خطواته كمؤلف يعزف سيمفونية مؤرقة على أوتار الليل الصامت. الملامح المفقودة تحت الغطاء، وتلك الابتسامة المرئية رغم عدم وجودها الجسدي تضفي إلى اللقاء طبقة أخرى من الرهبة.

الغموض يكثف الأجواء كضبابٍ يختزل كل الاحتمالات. الدخان الأسود يتصاعد كخيوط من العدم، يغلّف المشهد بستارة من السحر الأسود. وفي غفلة من لحظة، تتبخر الصورة كحلمٍ يتلاشى بين النوم واليقظة. يختفي كل من جيلين والغريب مع الدخان، ويترك الطريق للصمت ليعود لعرشه من جديد.

ما حدث لجيلين والشخصية الغامضة، هل هو تلاقي مصائر أم بداية ملحمة جديدة في قصة لا تزال تكتب فصولها الأولى؟ الغموض يلف الأحداث، والطريق المهجور يبقى شاهداً صامتاً على لحظة تحول قد تغير مجرى القصة برمتها.

عالقة برفقة شبح حيث تعيش القصص. اكتشف الآن