هدوءٌ

18 1 2
                                    

على عكس رد الفعل المتوقعة لكل طفل يرى شلال دماء.. كانت رد فعل التوأم عبارة عن صمت طويل..كان للحظات لا تتعدى الدقيقة لكنه كان بمثابة خمسين مليون سنة من العذاب النفسي.. لا أحد يعلم مدى علو ذلك الصمت في اذناي..فصمتهم كان ابغض من صوت الحمير وضرب الحديد بالحديد
لكن تماما مثلهم لم اصدق ما حدث وجل مامتمنيته في تلك اللحظة كان ان لا يكون حسام..بل يده او احد اطرافه..لكن الهدوء لم يكن ليخرج من مسامع طفل بُتر عضو منه..فجريت نحو الطاحونة فإذا بي لا أميز من حسام شيئا غير بعض فتات قميصه الازرق وقبعته الحمراء الي كانت هديتي له بعيد ميلاده الثالث..
تجمد الدم بعروقي، كان عقلي فارغا لا يفكر بشيء كغرفة دامسة الظلام، فغمست يدي فطريا في الدم بغرض التحقق من أن الدم ليس مجرد ملون طعام.. وصفعتني بها لعلني استيقظ او أستوعب ما جرى.. ادرك عقلي ما حصل بعد تلك الصفعة فبدأت وبدأ التوأم معي بالصراخ الهستيري الذي وصل لجل سكان الحي أو ربما البلد بأكمله لمدة خمس دقائق دون توقف دون بكاء كما اتذكر جثوتي على ركبتي ليس من الخضوع لكن من الارتعاد.. حال الاطفال كان اسوأ بكثير مع انهم لا يعرفون معنى الموت بل قلدوا صراخي واخافهم منظر الدم فقط.. غير حاملين اي فكرة عما جرى لثالثهم.

كرد فعل، حضر حشد كبير من الناس ليرو ما يحصل في مذبحة اللحوم..كان حتما اعتقادهم صحيحا بأن شخصا كان يعذب هناك او يقتل..للأسف تخميناتهم كانت منطقية وصحيحة،ميزت من ذلك الحشد صديق والدي الذي حاول التهديئ من روعي عبر هز كتفاي ولف وجهي والصراخ علي كي اوقف صراخي لكنه كان عقلي الباطن وليس انا.. لم اكن مسؤولة عن تصرفاتي فلم تكن انا..لو كنت انا لأخرجت الاطفال من غرفة الاعدام تلك حتى اتت الشرطة والاسعاف.. لم اتحمل الضجيج وهمسات الناس التي طالت فأغلقت عيناي بعدما خارت قواي..فحتى ركبتي اللتان جثوت عليهما قذفا جسمي ليستلقي.

~

بعد خمس ساعات بدأت استعيد قوى التفكير ففكرت بأشياء عشوائية مثل"ماذا سآكل؟ "ماذا سألبس؟ " "هل وعدت الاطفال بنزهة؟"
حتى فتحت عيناي بصعوبة فرميت نظراتي لكل مكان وبالطبع ذلك المكان لم يكن غرفتي، فور ان رميت عيني للأسفل قليلا لاحظت دماء على يدي اليسرى..فبدأت اربط الخيوط واستعيد الذكريات..لكن هناك امل بان يكون حلم صحيح؟؟ هناك أمل بأن تكون حالة متقدمة من متلازمة جوسكا؟؟ لم يلاحظ أحد صحوتي ففكيت كل الخيوط المربوطة بمكملات من جسمي فجريت حافية القدمين في ذلك الممر البارد أصارع رجفة قدماي وانكماشهما الذي اسقطني عدة مرات..

لمحتني ممرضة بدت عليها الصدمة هي الأخرى..هرعت اليها قبل ان تقوم هي بذلك فكان أول سؤال لها"ماذا حدث؟ "

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Dec 22, 2023 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

تعافيWhere stories live. Discover now