•••غَــرِيـــب •••

190 11 4
                                    

الفاتِحُ من ديسمبر

يتردّد حفيفُ الأوراقِ على مسامِعِها، وكذا صفيرُ الرِّياح، يبدُو أنّ الخَريف الغَيور يُريد إثباتَ وجودِه، والتّرحيبَ بمن ألقت بنظرِها للتّو على الأكاديميّة الأولى على مستوى البَلد، بل يُقالُ أنها تترأس العالم بأكثر المناهِج صعوبة وصرامة، و أعلى معايير إختيار الطلاب على الإطلاق! إنَّها أمامَ البابِ الحديدي المُزخرف بعدمَا لم يتكَلّل مشوارُها الدّراسِيّ بغيرِ النّجاح و التّفوق

ʚ♡ɞ ّأكاديمِيَّةُ الجُرمِ المُخملي

٭

أليسَ هذا شَاعِرِيّا بعضَ الشّيئ؟~

تقولُ في نَفسِهَا: "أنظُر لهذَا بِحق! إنّها بِلونِ البُنّ و الشّوكولا، تُحيطها الورود من كلّ النّواحي، أنظر لحَجمِ الأشجار!"
قطعَ حبلَ أفكارها ذلك العجوز الطّويل منحَني الظهر، يبدو أجنبيا،ظهر عليه إصفرار طفيف وملامح باردة وهزال شديد، يرتدي بِزّة سودَاء رسميّة،وكأنّهُ يرشَحُ كآبةً ، قال بصوت أجش: «أنا السيد سامويل أكرويد، المفتشُ العام للأكاديميّة،ما إسمك؟»
تنبِس طفيفةُ الإسمرار ذات العينين البنيتين الفاتحتين بصوت رصين لاحظَ هو شدَّة هدوئِه «مِينهَا... كِيم مِينهَا ! ~»
يردف:«حسنًا إذًا آنسة مينها تفضلي معي لأريكِ الأكاديمية من الدّاخل»
لترُد بلهجة محترمة:«بالتأكيد سيدي!»
لتكمل في نفسها: "كل هذا الجمال، ولم أتجاوز الباب! "
•طَفق السيد سامويل يجوب بمينها على طول الممر الحجري ذو اللون البني الفاتح، يبدو كُلّ ما خلف الباب كبريطانيا في العصور الوسطى، أم أنه شيئ ما كالعصر الفيكتوري!
ورود شديدة الجمال تُشِعُ باللّون البرونزِي و البُرتقالِي و غيرِهِما، فشرعَت تُعدِّد أسماءَها:

"رودبيكيا أنيقة و هيلينيوم فاتِن،أما ذات النّقوش هناك فهي زنبق سويدي، وتلك ورود الكمان، يلمَع الآستر بلونه الوردي منفردا وكذلك الكوبيه التي إجتمعت كالباقات!... لكن، سيسأل كُلُّ عاقِلٍ نَفسه... أين النَّحل مع هذا العدد المَهول من الوُرود!؟"

يقول السيد سامويل:«هنا ندخل رُدهة الإدارِيين، التي آمل أن لا تحتاجيها يومًا»

يدفَع البابَ برِفق لِيُصدِر صريرًا وصلَ لِنُقِيٍّ عِظام الفتاة، فترفع عينيها نحو ممرّ مُظلِمٍ طويل، شعرت مع كل نسمة تهب فيه بقشعريرة تسري في كافّة جسدها، ضمّت يديها مُعتصِرةً حقيبتها بسبب خوفِها، بينما إستمرت في تتبع المفتش ومحاولة إستيعاب كلماته، كانت هُناكَ رائِحة قوية لمواد التّنظيف.. ولكن مينها كانت تشم شيئا آخر، رائحة أُخرى مألوفة، لكن من الصعب تحديدها، مرَّت قُرب مَكتَبِ المُدير، يوجد صوت فحيح ما، أم أنه صرير؟ هالَةٌ سوداءُ محيطة بذلك الباب كُليّا، حتى أنها لم تجرؤ على التّوقف لإلقاء نظرة، يبدو أنه القلبُ النّابِض للرّعب!

أكادِيمِيَّة الجُرمِ المُخمَلِيّ ٭حيث تعيش القصص. اكتشف الآن