الأضداد بين النهاية والبداية

10 0 0
                                    

"الطابع الأول أنه رجل ميسور الحال، بل وقد فاض عليه الرزق وتوحش الوحدة فقرر تبني فتاتين صغيرتين. اصطحب كلتانا معه إلى كيوتو حيث كان بيته لا يتفق مع ملبسه...."

أنصت كوو باهتمام ولم يدع عربة مرحلة من مراحل حياتها تفوته لاتصالها الشديد بالعربة التالية ولتكدس بها صناديق الذكريات. عربات قطار حياة سيرافين كانت ملونة بألوان داكنة ما بدأت تتفتح إلا مؤخرًا. قصّت عليه كل التفاصيل بداية من تنافر ما رأت عينها مع ما وصف لها أصحاب الملجأ عما في منزل الرجل. فقد قيل أنه يمتلك ڤيلا من طابقين لكن لا ڤيلا ولا طابقين، بل هي شقة في بيت من دورين. قيل أن أثاث الشقة من أحدث تراظ مُزين بعدد من اللوحات الفنية، لكن لا لوحات ولا أثاث حديث، فقد كان الأثاث بالي بألوان عاتمة ومعدود على الأصابع. قيل، وقيل، وكذب، وكذب.

"حتى أكتشفت أنه بيدوفيليك." قالت تلك الجملة ببسمة فاترة ساخرة، حملت في طياتها ألم لا يقدر بوزن وكأن هذه الكلمة هي مفتاح كل الجروح التالية وبصمات الماضي عليها. نطقت المصطلح بتسليم لمعرفة الآخر له فتحرج كوو من السؤال لكن تعابيره لم تخف جهله للمصطلح وتساؤلاته، وبفراسة سيرافين استطاعت تخمين جهله مع معرفتها بقلة استخدام ذلك المصطلح فلم تنزعج وشرحته باختصار لكلا تزيد من سيل الذكريات المتدفق بالفعل "مريض نفسي ينجذب جنسيًا للأطفال من الإناث أو الذكور."

فنجال عينه مع ضيق بؤبؤ عينه فزعًا. وقع عليه الأمر واقعة الصدمة فعجز عن النطق أو حتى إزاحة عينه عينها، فقد أسفر معنى المُصطلح عما قد مرتا به الأختين. بالرغم من ذلك يبقى الواقع أنه ما من كلمات سوف تقولها سيرافين تاليًا قد تُنصف مشاعرها أو ما مرت به. كانت تروي بنوع من الهدوء لكونها مرة من المرات العديدة التي عاشت المشهد ثانية بسبب تذكره. لاسيما الكوابيس التي طاردتها لفترة ممتدة من عمرها.

"حسب ذاكرتي، بَلغت قبل تبنيه لنا بسنه تقريبًا لذا كُنتُ غنيمة له. وقد مرت ليالي لا أحصيها أدخل الشرفة حتى أبكي هاربة من سيرينا، لقد بذلت كل جهدي لكلا تتغير صورته أمام سيرينا فهي كانت طفلة. طفلة ذات ثماني أعوام يتيمة رُزِقت بأب أخيرًا وما مسها بسوء، بل كان يذهب بها للملاهي ويتنزه معها، يملأ البيت لها بالحلوى والسكاكير، وحتى يوم مرضت أصطحبها للطبيب. لم أكن لأحرم سيرينا من سعادتها حتى لو كان على حساب راحتي.

ظننت دومًا لمدة تفوق السنه أنه رأى فيها أنه رأى فيها براءة الطفلة وفضل الإبقاء عليها كأبنته. لقد قدم لها حنان وحب وعطف فجعلها في غاية سعادتها. ظننت أنه لن يمسها بسوء أبدًا دُمتُ مطيعة له. ظننت أنني هكذا أصونها منه. ظننت وظننت وللمرة الثانية بات كل شيء كذبة في ذلك العصر..."

هنا أنسالت الدموع أخيرًا وقد وصلت بحديثها أمام باب فحيم تمنى عقلها لو تفحم ما يكفي ليصبح رماد. لكنه كلما تفحم كلما زاد نضوجًا وطاردها.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: May 19 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

دمٌ فى غابة النازكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن