" 3 " آثار الحُزنِ لا تَزُول

161 27 41
                                    


‏"َقُلْ لِمَنْ مَسَّتِ الأَوجَاعُ مُهْجَتَهُ
‏يَأوِي إِلَىٰ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُؤْوِيهِ ."

______________________________________

كانت جالسة بصمت و عيون دامعة فوق الأريكة، صامتة تمامًا و دموعها تتساقط دون إرادة منها، نظرت إلى والدتها التي كانت تجلس بجانبها تُحيط ذِراعها وهي تربت عليه بين الحين و الآخر محاولة أن تقلل من حِدة بكاءها..

ألتفتت ياسمين بسرعة حين دخل والدها بملامح منزعجة و عابسة مرددًا بـضيق شديد و حِدة :
- اسمعي يا بت، بدر دا تنسيه خالص... وأنا أول ما هشوفه هقوله كل واحد يروح لحاله..

وسعت ياسمين عيناها بصدمة وهي تردد بـفزع :
- لا يا بابا بالله عليك! ليه كدا ؟ هو عمل إيـه..

أجابها بحدة و غيظ بعد أن نفذ صبره :
- أنا مش هستناه يعمل، الواد دا مش مناسب وأنا قولتلك الكلام دا من زمان... بس وافقت لما لقيت عندك قبول، بس أنا ميرضنيش بنتي تعيش في الشقا و الهم معاه و تشيل هم لقمتها حتى!

صمت قليلًا ثم تابع :
- دا غير أن أخوه اتقتل! عارفة يعني إيه ؟؟ يعني مبقاش في أمان هو لسه هيمر بإيه..

ردت عليه ياسمين بدموع و قهر :
- اسيبه عشان لسه مش عارفين هيمر بإيه؟ دا بدل ما أقف جنبه و اكون معاه اسيبه يا بابا؟ حرام عليك بدر ميستاهلش منك كدا..

زفرت والدتها بقوة بعد أن كانت تتابع بصمت، و هتفت بعدها بنبرة هادئة و آسفة :
- معاكِ حق، بس أبوكِ معاه حق برضو! هو خايف عليكِ و شايل هم مصلحتك... إيه اللي علينا نختار واحد يشيلنا هموم الدنيا! ما نصبر يمكن نصيبنا في الأحسن..

نظرت لها ياسمين بقهر وهي تبتعد من جانبها، ثم نظرت إلى الأرض بـعجز و هتفت :
- لا، بدر بيحبني من زمان و أنا برضو... ولو هو في مشكلة اقف معاه مش اتخلى عنه..

طالعها والدها بغضب شديد، ثم صاح بـحِدة و حِزم :
- دا قرار مش هتاخديه لوحدك يا هانم، أنا وافقت على الخطوبة رغم رفضي عشان تشوفي نتيجة اختيارك واهو طلع زي الزفت، لكن اسيبك لحد ما مستقبلك يضيع لا، ولا عايزة تتجوزي و تطلقي و تتحسب عليكِ جوازة!

طالعته بعيون قد اهتزت، و تمتمت بـرجفة ظهرت في صوتها :
- بدر مش اختيار غلط... الغلط اللي ممكن اعمله بجد لو سبت حد زيه..

طالعها والدها بـإستنكار شديد، ثم نظر إلى زوجته و هتف :
- عقلي بنتك، و أنا لما هشوف اللي اسمه بدر دا هفشكل الخطوبة الزفت دي...و ابقوا حضروا ليه شبكته، الدبلة اللي جابها..

أنهى جملته بسخرية شديدة و لاذعة، و خرج من الغرفة صافعًا الباب خلفه بقوة، لتشهق ياسمين بقوة وهي تردد إلى والدتها ببكاء :
- ماما... أنا بحبه مش عايزة اسيبه، هو بيعمل كدا ليه!

سِرداب الظـلامWhere stories live. Discover now