(اليوم الأول)

220 13 24
                                    



لا أتذكر أول مرة التقيت فيها ب R، كل ما أعرفه وأتذكره أن يومًا من أيام حياتي ظهر فجأة، كان داكن الشعر يلمع بزرقة غير طبيعية... هزيل يضيع في ثيابه حاد النظرة تكاد لا تدركها خلف نظارته ضعيفة الإطار، وتلك السلسلة الفضية التي تستريح على كتفيه تمنعها من السقوط، طويل السكوت لا يتحرك دون داع للحركة ولا أتذكر أني سمعت صوته أعلى من الهمس... حتى حينما كان يجيب على الأستاذ.

كان هناك فتاة... تحوم حوله دون توقف، يقال أنها أخته لكنها لا تشبهه لا من قريبٍ ولا بعيد فا M كانت مختلفة بالكامل، شعرها البُني بلون الكستناء لا يشبه خاصة R أبدًا، ولا عيناها التي تحمل شيء من الأمل بالرغم من قتامة المنظر، كانت هذه اللمحة تظهر في عينيها حينما تنظر نحو R فقط... كانت تبتسم في وجهه فلا يبادلها الإبتسام وتتحدث معه فلا يرد عليها بشيء كان أو ما كان، وأنا... لا أعرف لما... ولا متى... ولا كيف... لكني أتذكر أني كلمته... فرد علي ومن بعدها أصبحنا أنا وهو وM أصدقاء.

وحينها لاحظت أن R يتجاهل وجود M بالكامل... وأن له جرح في جبينه فوق حاجبه الأيسر بقليل وقد أندمل منذ سنين طويلة، وأن أنفاسه دائما ما تحمل رائحة مشابهة للأسيتون ولهذا هو يخفض من صوته ولا يكثر بالحديث، شعره ليس أزرق كما يبدو بل أنه يصبغه ليخفي لونه الحقيقي ولم أكن أعرف لما كان يفعلها وقتها، بالرغم من كل ذلك فإن M لم يبدو عليها شيء مما كان على أخيها كانت أكثر صحة وأكثر تهذبًا وأكثر ذكاءً، وبالرغم من أنها كذلك إلا أنها كانت معنا بذات الصف وقد كبرتنا بعامين، قالت لي بعدها أنها توقفت عن الدراسة لفترة... ولم تكثر الحديث عن الأمر ما أن أعطاها R نظرةً ساخطة فتوقفت، بالرغم من أنني عددته صديقًا منذ البداية لكنه لم يكن ذات الشيء معي... وبعدها عرفت لما كان كل ذلك.

كانت حصة الرياضة حصة R المفضلة وذلك لأنه لا يحضرها، كان ينام بالصف أو يجلس على إحدى الصفوف ليراقب المنظر من بعيد، وكثيرًا ما تروح عيناه صوب M ثم يرفع عيناه لسماء في ندمٍ لم أفهمه، حاولت اقناعه بأن يتحرك معنا كما كل من في عمرنا كان يفعل لكنه رفض ورفضه... كان منطقي فقد قال أنه لا يرغب بذلك وكانت صحته السبب، ثم بعدها استوعبت شيءً ما لا أعرف كيف غاب عني... أني لم أرى R يأكل من قبل، وان كان يفعل فهو لا يأكل شيء غير الذي يحضره من منزله ولم يكن بالكثير، وكل مرة قبل أن يفتح فمه ليدخل به شيء غير الهواء فهو يغيب لوهلة ثم يعود ولم أكن أكثر السؤال فهو لم يحب الإجابة عن أي شيء من قبل، كانت علاقتنا غريبة... فقد كنا أنا وM نتحدث دون أن نسكت... لكن R يستمع الينا فقط، ولم تكن علاقته معي هكذا فقط... ولكن مع أخته أيضًا فكان ينظر اليها اذا اراد شيء فتفهم ذلك دون أن يتحدث وهي بالمقابل تبدو ممتنة لتلك النظرة كما لو أنها حسنةٌ ألقيت صوبها وسط دوامةٍ من القحط والجفاف.

كان R ينتظر M بعد المدرسة... ولا يتحرك دونها أبدًا مهما كان، قال أن أمه أوصته بذلك ولهذا هو ينتظرها كل يوم، لكنه كان كاذبًا فلقد كنت أعرف أمه... قبل أن أعرف أنه أبنها ف J جراحة مشهورة... بخفة يدها وسرعة بديهتها... وزوجها الذي طلقته واقتلعت ثروته كلها من بين يديه دون رحمة ثم سرقت مركزه بتلك المشفى التي إشترياها سويًا ثم تخطفتها من بين عينيه... لم تكن من النوع الذي يهتم أن كان أبنيها رجعا سويًا أم سبق أحدهما الأخر... ولا أب في منزلهم على ما أعتقد لكن R كان يفعل كل ذلك من تلقاء نفسه وM كانت تقدر له كل ذلك.

إحتضار RTempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang