الفصل الرابع : أكرم

46 10 0
                                    


شقت أشعة الشمس الدافئة طريقها لتملىء الواحة والطرقات و تكسو اسقف المنازل بحلة ذهبية، لتتسلل خلال الستارة المنخفضة وتلمع في عيني، داعبتني بلطف قبل أن تدفعني إلى وعيي.
كانت الغرفة مليئة بنسمات الهواء النقي والأصوات الهادئة، فأنا لا أزال أستطيع سماع صوت الطيور المبتهجة خارج نافذتي.

أمسكت هاتفي لأرى الوقت، ولكن قبل أن أفعل، سمعت صوتًا مألوفًا يتردد في أرجاء البيت، كانت أختي روميساء. "أكرم، أكرم، انهض، لديك مدرسة!"، تسللت كلماتها إلى آذاني مع كل نبرة في صوتها المشرق.

استلقيت لبضع لحظات، محاولًا تجاوز حالة النعاس التي لا تزال تتحكم في جسدي ، لم اكن على استعداد لمغادرة فراشي ، من يكون هذا الجاهل الذي جعل من المدرسة صباح؟، ألم يحظى من قبل بصباح سعيد؟ .

ثم ببطء، بدأت بفتح عيني، مستريحًا تحت بطانية الصباح الدافئة. نظرت إلى سقف الغرفة للحظة قبل أن تتأكد عيناي من أن اليوم قد بدأ بالفعل.

"أكرم، أكرم، هل استيقظت؟"، تكررت كلماتها مجددا بصوت متسارع، فأردت الرد، لكن لم يكن جسمي مستعدًا بعد. "نعم" أجبت بصوت هامس متثاقل ، محاولًا استعادة وعيي تدريجيًا.

"عليك الاستعداد سريعًا، ستتأخر "، كانت همساتها مليئة بالحيوية والاندفاع، تعكس الروتين اليومي الذي نعيشه في هذا المنزل.

بدأت أحلام اليقظة بالتسلل إلى عقلي، وأنا أحاول تذكر اخر مشهد من ليلة امس ،تعرفون ذلك الشعور عندما تستيقظون وتشعرون كم لو انكم تلعبون لعبة، فتعيدون اللعب مرة اخر لأنكم لم تقوم بحفظ المستوى السابق ذلك الشعور بالضبط .

نظرت للمشهد المألوف للصباح، والنشاط الذي يبدأ به اليوم. فبينما تتباين الألوان الزاهية خارج النافذة، يبدأ النموذج اليومي لحياتنا بالتكون.

قمت من سريري....
شعرت ببرودة البلاط تحت أقدامي، ولكنها برودة مريحة تشير إلى قرب وصول الربيع.

أرى العالم خارج النافذة يتحول إلى لوحة فنية رائعة. الأشجار تتأرجح بلطف مع نسمات الرياح، والزهور تتفتح تحت أشعة الشمس الدافئة، مما يضفي لمسة من السحر على المشهد.

مجرد أن تمكنت من التحكم في جسدي واستيقاظي تمامًا، بدأت أخذ خطواتي نحو الحمام لأبدأ يومي بغسل وجهي وتحضير نفسي للمدرسة.

نزلت الطابق السفلي ، ويداي لاتزالان تفركان عيناي.
بينما يتدفق ضوء الصباح الناعم ملامس كل زوايا المطبخ ليتلألأ على سطح الأواني المعدنية التي تعكس بريقها بفخر. تتوسطه طاولةٌ خشبيةٌ صغيرة تقف هناك ببساطة ، حيث يزينها إفطارٌ متواضعٌ من مربى وحليب وخبز محمص، يتناغم مع الألوان الهادئة والأثاث البسيط الذي يتلاءم مع روح الفصل الربيعي ويعكس جمال الطبيعة المحيطة.

 The shadows of numbersWhere stories live. Discover now