باشمو

184 7 0
                                    

سيطر الفزع على سكان القرية من المنظر الشاخص امامهم، كانت عائلة العمدة في حالة لا يحسدون عليها فها هو صغيرهم الذي لم يبلغ العشرة ايام مذبوح ومحشور ببطن والدته بطريقة بشعة، في تلك اللحظة سمعوا صوت امرأة تقول «ألم أخبركم، ألم اقول لكم،؟»  نظر الجميع نحوها وهي تنظر بغضب و اشمئزاز لرحمة وطفلتها واشارت بيدها نحوهما واكملت « هذه السيدة ساحرة وطفلتها ملعونة، انهما سبب ما يحدث بالقرية وما سيحدث ان لم تطردا حالا»
صاحت رحمة بها « هل جننت يا سناء؟! ما دخلي وطفلتي بما حدث؟»
«منذ ظهورك والمصائب تتوالى على هذه القرية، ألست محقة؟»والتفتت نحو الجموع تحثهم ليشهدوا لصالحها «ألست محقة؟ انت وابنتك الملعونة ستتسببان بهلاكنا جميعا»
« انت تهذين يا سناء»  ردت رحمة بغضب و قوة «انت تفترين عليّ، فمنذ قدومي وانت تتهميني بشتى التهم، اخبريني مالذي فعلته لك لتكونِ حاقدة و ناقمة لهذا الحد؟»
ردت سناء بقوة « لاني اعرف حقيقتك ايتها الساحرة لن تخدعيني ابدا،  وانتم»  ثم وجهت انظارها نحو الجميع « ان لم تصدقوني ستكون هذه نهايتكم جميعا،  ستذبح بناتكم و تعلق و يقتل اطفالكم وتقطع رؤوس رجالكم، هل هذا ما تريدونه؟ اجيبوني، هل هذا ما تريدونه؟»
بدأت النظرات تحملق برحمة وطفلتها وتتحول من نظرات شك الى نظرات غضب وتوعد، اقترب داوود من اخيه بدر وهمس له « بدر، انه وقت الرحيل، اهربوا»
همس بدر لاخيه« ماذا عنك، ألن تأتي؟»
«سأحاول ان اتبعكم لكن عليّ اولا ضمان سلامتكم و مروركم الامن، غادروا حالا»
هز بدر راسه وانسحب بهدوء بعيدا عن التجمع وغادر المكان،
علا صوت أنين العمدة نظر الجميع له كان جالسا على ركبتيه امام جسد كنته وحفيده بعد ان انزل الرجال الجثمان ثم هدأ صوته والتفت بغضب نحو رحمة وعيناه حمراوين من البكاء « انتِ، انا متأكدٌ آنٌكَ آنٌتِ آلَسِبًبً، لَقُدٍ آردٍتِ تٌوٌلَيَدٍهّآ وٌ طِردٍتٌکْ لَهّذِآ آردٍتِ آلَآنِتٌقُآمً مًنِيَ، آنِتِ آنِتِ قُتٌلَتِ حًفُيَدٍيَ»
صّرخِتٌ رحًمًةّ بًهّ «هّلَ جّنِنِتٌ مًآهّذِآ آلَکْلَآمً، لَآ آصّدٍقُ مًآ تٌتٌفوٌهّ بًهّ»
لَکْنِ آلَعٌمًدٍةّ صّرخِ بًهّآ بًقُوٌةّ « قُآتٌلَةّ قُتٌلَتِ حًفُيَدٍيَ»
فُيَ تٌلَکْ آلَلَحًظُةّ آقُتٌربًتٌ حًنِيَنِ مًنِ رحًمًةّ وٌهّمًسِتٌ لَهّآ « آذِهّبًيَ يَآ رحًمًةّ لَقُدٍ فقُدٍ عٌقُلَهّ آذِهّبًيَ وٌآلَآ صّبً غُضبًهّ عٌلَيَکْ»
آمًسِکْتٌ رحًمًةّ بًيَدٍ طِفُلَتٌهّآ وٌعٌآدٍتٌ لَبًيَتٌهّآ سِريَعٌآ.
ساد الهرج والمرج في القرية واخذت سناء تألب الجميع على رحمة
«كفى يا سناء كفى لا اعرف سبب عدائك لرحمة»
قالت حنين بغضب ولكنها تفاجئت برد العمدة «انتِ من عليها التوقف والصمت»  ثم نهض من مكانه و اتجه نحو حنين وعيناه جامدة عليها بغضب «لما تدافعين عن تلك الساحرة، ماذا فعلت لك، ها، اجيبي»
صدمت حنين ولكنها صاحت به بقوة «لقد فقدت عقلك ماذا فعلت لي؟ و هل صدقت حقا كلام سناء ايضا وتسميها بالساحرة؟  انتم مجانين فعلا»
وقبل ان يتكلم العمدة مجددا اندفع زوج حنين وسحبها من يدها  قال للعمدة «نحن لا شأن لنا برحمة وطفلتها،  افعلوا ما تريدون»
وسحب زوجته وغادروا المكان،
تقدم داوود للعمدة وقال« اعلم انك مفجوع بما حل بك ولكن ما تقوله ضرب من الجنون» 
نظر العمدة بغضب لداوود لكن داوود اكمل « عودوا لاعمالكم وتوقفوا عن الكلام الذي لا طائل منه»
ثم نظر لبعض النسوة وقال« جهزا الجثمانين للدفن بينما نحفر القبر، سندفنهما سويا»
مرت الأيام ثقيلة على القرية كثرت الهمسات والشائعات عن رحمة طفلتها ولم تبخل سناء بنقل احاديث مزعومة عن جرائم حدثت في القرى التي سكنتها رحمة سابقا الامر الذي اثار رعب القرية وخوفها حتى علت الاصوات مطالبة برحيل رحمة وطفلتها. لم تكن رحمة بعيدة عن سماع هذه الشائعات و المطالب ولم تكن تنوي البقاء بهذه القرية بعد ما حدث فاولا واخيرا هي ايضا خائفة ان يصيبها ما اصاب عائلتي العمدة واياد ان لم يكن على يد القاتل فسيكون على يد اهالي القرية ، كانت تجمع حاجيتها و تتجهز في حال اضطرت لرحيلها المفاجئ وترانيم تراقب امها دون فهم ما يجري شعرت بالملل فخرجت من البيت تلعب في مكانها المعتاد بلعبتها المعتادة،
الرسم على الارض بخطوط غير مفهومة بغصن متيبس،،
«اسمعوني جمعيكم» قالت سناء وهي تقف وسط ساحة القرية حيث بدأ السكان بالتجمع حولها « لقد حذرتكم مرارا وتكرارا من هذه السيدة المدعوة رحمة ولكنكم لم تصدقوني»  وعلت ابتسامة سخرية وجهها « والآن يا سكان قريتي ستدفعون الثمن تباعا واحدا بعد واحد، بيتا بعد بيت،  ستذوقون الويل ان لم تتحركوا و تضعوا حدا لهذه الساحرة وطفلتها، ها قد انذرتكم»  ثم غادرت الساحة وهي تبتسم بعد ان رأت الخوف والقلق يعلو وجوه اهالي القرية فقد حققت مرادها اخيرا،،،
وعندما حلّ الليل كان الصمت والهدوء يلف القرية الغارقة بالنوم عدا بعض اصوات الحيوانات و حفيف الاشجار، كان هناك همسات بصوت مخنوق تتردد ببطئ يعود صداها مع هزيز الرياح ترددت كلمات
«اٹھو اور نئی قبر کھودو باشمو»*١
«اٹھو اور نئی قبر کھودو باشمو»
بقي الصوت الواهن المخنوق يتردد منبعثا من احدى المغارات القريبة من القرية، كانت سيدة كبيرة العمر بشعر رمادي وكحل اسود عربي سميك ورداء ازرق مسود تردد العبارات وهي تحدق بعينيها التي بدت كانها ستخرج من محجريها لشدة تركيزها على الشموع الحمراء امامها التي وضعت داخل رسمة نجمة رسمت بدم بشري فخادمتها لم ولن تبخل بدمائها لترسم سيدتها المزيد من النجوم الدموية على الحجارة وهي تستدعي خادمها الناري ( باشمو)،
في ارض القرية كانت الاقدام الحمراء تركض بسرعتها علا عواء و نباح الكلاب وسريعا ما تحول النباح الى انين واختبأت تلك الحيوانات مرتعبة من الوحش الذي وقف وسط القرية كانه يختار ضحيته التالية،،
كانت عائلة ايوب يدركون الخطر الذي يحدق بالقرية لكنهم حاولوا ان يبدوا طبيعيين امام صغارهم الثلاثة المنسجمين باللعب كانت والدة ايوب وهي سيدة مسنة تحيك بعض خيوط الصوف تصنع ملاءة بيضاء مطرزة باللون الاصفر للمولود القادم،، اقتربت رغد من ايوب وهي تحمل منشفة صغيرة تجفف يديها والقلق باديا عليها «ايوب،  ألن تعيد التفكير في قرارك؟»
«لا لن افعل،  فهذه قريتي لن اترك بيتي»  ثم نظر لها و اكمل «ثم الى اين تريدين ان نذهب بالكاد لدينا ما يكفينا فأين سنذهب» تبادلت النظرات الحزينه مع والدته التي توقفت عن الحياكة قليلا ثم عادت تكمل ما في يدها نهض من مكانه ووضع يده على كتفها يطمأنها وقال «لا تقلقي ستمضي الليلة كباقي الليالي لا تخافي» ثم استخرج نشابه و سهامه واتجه صوب النافذة المطلة على القرية وجلس يراقب الطريق، فمنذ ان بدأت الاحداث الدموية صارت العائلة تجتمع في غرفة واحدة، عادت رغد لعملها بالمطبخ وانشغل الاطفال باللعب،،  بعد بعض الوقت سمع ايوب نباح الكلاب كانها تتحدى مخلوق ما ثم تحول نباحها لانين ثم صمتت اقتربت رغد مجددا من ايوب
«ايوب،  ماذا يحدث؟»
« لا اعرف، ربما كان ذئبا او ثعلبا لكنه هرب»
تدخلت والدته وقالت « ايوب،  لو هرب فعلا لأستمر نباحها طويلا»  وضعت ادوات الحياكه جانبا ونهضت من كرسيها « بني، دعنا نغادر القرية،  انا ايضا اشعر بالقلق»
تنهد طويلا ثم قال «حسنا،  طالما اتفقت مع كنتك ضدي فلا حيلة لي غير السمع والطاعة، سنغادر القرية» شعرت المرأتين بالراحة وابتسمت والدته على عكس زوجته التي قالت قبل ان تغادر نحو المطبخ « لن اشعر بالارتياح حتى نغادر القرية»
نظر ايوب لامه وهز رأسه « يصعب ارضاء النساء فعلا»  ما ان انهى جملته حتى انتبه لملامح امه قد تبدلت و تجمدت عيناها من الخوف،  ادار وجهه نحو النافذة لم يرى شيئا
«ماذا هناك يا امي،  ماذا رأيتي؟»  وعاد للنظر مجددا في تلك اللحظة و من خلال النافذة قفز مخلوق  احمر دموي ذو مخالب وعيون سوداء و بضعة قرون  صغيرة ملتوية نبتت اعلى راسه واخر برز من حنكه واخذ يزمجر وانبعث البخار الحار من فمه و منخره، توسط الغرفة وهو يحدق بمن حوله ثم اطلق زمجرة مرتفعة ارعبت الجميع فاندفع ايوب بفأسة وهاجم المخلوق لكن المخلوق امسك بالفأس و احكم قبضته على عنقه و هو يحدق بعينيه كأنما يراقب انطفاء الروح داخل ايوب الذي بقي يصارع قبضة المخلوق دون فائدة اندفعت رغد نحو صغارها الثلاثة تحتضنهم بعد ان علا بكائهم،  قرب المخلوق ايوب منه بهدوء ثم فجأة هاجم عنقه وقضمه بقوة منتزعا قطعة كبيرة منه اندفعت دماء ايوب بقوة من شريان العنق كنافورة دموية، بعد لحظات القى بجثته  جانبا فصرخت والدته وهي ترى جثة ولدها و رأسه شبه مقطوع  تقدم نحوها بخطوات ثقيلة وضربها بمخالبه ضربتين مزقت وجهها وصدرها لتقع ميتة قريبا من جثة ايوب ثم استدار نحو رغد واطفالها كانت تبكي وترجوه ان يدعهم وشآنهم وانهم لم يفعلوا شيئ وبلمح البصر كان الشيطان يقف قبالتها وقد انحنى ليكون وجهه مقابل وجهها تماما اخذت تبكي وهي تكرر توسلاتها مد الشيطان يده بهدوء ولمس خدها وبسرعة وجه ضرباته لطفلين فقتلهما في حجر والدتهما و في ذات اللحظة سحب الثالث من ساقه وابتعد خطوات عنها ورفع الصبي في الهواء كانت رغد تصرخ بجنون وهي تحتضن جثث طفليها وزداد بكائها حين رات طفلها الاخر معلقا من ساقه بيد الشيطان، زحفت نحوه قليلا بعد ان ابعدت الطفلين الميتين جانبا « دعه ارجوك،  اقتلني انا، ولكن دع صغيري، ارجوك»  بدا الشيطان مستمتعا بتوسلاتها للحظات ثم كشر عن انيابه كابتسامة ونظر للصبي الذي لم يتوقف صراخه وبكائه  ولامه المتوسلة ثم رمى به للاعلى وما ان هبط الصغير حتى وجه له ضربه قسمته نصفين، علا صراخ رغد و وهي ترى مأساة عائلتها ثم تحول الصراخ الى حشرجة مكتومة،  نظرت لجثة زوجها والفأس القريب منه وباسرع ما لديها تناولت الفأس بكلتا يديها وهاجمت الشيطان وهي تصرخ ولكنه امسك بيديها و مزق بطنها مستخرجا جنينها والقى به ارضا ثم وجه مخالبه لوجهها بعدة طعنات مزقت رأسها تماما ثم قرب جثتها التي لازال يمسك بها من وجهه وغرس انيابه في رقبتها وقضمها بقوة، كان سعيدا بتدفق دمائها على وجهه وهو يحركه يمينا وشمالا ليغطى بالدم ثم رمى الجثة وسار مبتعدا وقد سحق الجنين بقدمه الكبيرة وهو في طريقه للخارج ،،،،،*
_________
*١ انهض واحفر قبرا جديدا يا باشمو

 لم تكن رحمة بعيدة عن سماع هذه الشائعات و المطالب ولم تكن تنوي البقاء بهذه القرية بعد ما حدث فاولا واخيرا هي ايضا خائفة ان يصيبها ما اصاب عائلتي العمدة واياد ان لم يكن على يد القاتل فسيكون على يد اهالي القرية ، كانت تجمع حاجيتها و تتجهز في حال اضط...

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.
طفلة الشيطان Where stories live. Discover now