الفصل 15 : في بطنِ حوت !!

46 25 1
                                    

#عسى ربي أن يهدين
#الفصل 15
#الكاتبة الحالمة(إكرام)
ذاكَ أنَّ الدُنا
متاعٌ و لهو
ذاكَ أنَّ الدُّنا ما هي إلَّا كمين
و أمَّا نحن فوقعنا في الكمين
بِحُبِّنا لها و تلذذنا بشهواتها
و ما عرفنا أنَّها تزول
و ليسَ لنا إلا أحدُ الحُلول
ألا و هو طريقُ الله .
#إكرام
☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆

أطالَ الحاج "عبد الصَّمد" النَّظرَ إليه فهُوَ يعرفُهُ عزَّ المعرفة فهذا "صابر" الذِّي حدَّثته زوجةُ عن ظلمه ، فالحاج"عبد الصَّمد" تزوَّجَ أرملة أخ صابر و قد اعتنى بالفتيات و اعتبرهم كبناته من صُلبه و دمه .

بعدَ صمتٍ من الحاج "عبد الصَّمد" أثارَ حفيظة الآخر و قلقه ، نطق "عبد الصَّمد" أخيرًا :

- أهلا يا صابر ، إزيك ؟

أجابهُ صابر بينمَا يُحاولُ إِخفاءَ توتره و إحراجه فبعدَ كُلِّ هذه السَّنوات و بعدما كُلِّ ما بدر منه إتِّجاهه و إتِّجاه زوجته ، يشعرُ بالخجل و الحرج أن يُحدِّثه :

- الحمد لله يا عبد الصمد و أنت ؟

كانَ "عبد الصَّمد" يُدَّققُ في ملامح صابر يبحثُ عن نوايا الشَّر التِّي يُريدُها فحديثُ "صابر" إليه يعني أنَّهُ ينتوي على مُصيبة،  أجابهُ أنَّهُ بخير و الحمد لله و هنا قرَّرَ "صابر" أن يفتح الموضوع بدُون إطنابٍ و لا إطالة :
- عارف يا عبد الصَّمد إنك مش طايق تبص في وشي ، بس انا عايز أطلب منك طلب و أتمنى ما تردوش هكون ممنون ليك بجد .

حثَّه "عبد الصَّمد" على الحديث ليُكملَ "صابر" قائلا :
- أنا عايز أتكلم مع حرمك و بنات أخويا بعد إذنك .

تحدَّثَ "عبد الصَّمد" بهدُوء عكسَ القلق الذِّي ينهشُ داخله :
- و عايز منهم إيه يا صابر بعد السنين دي كلها ؟ و افتكر إنها على ذمتي مش أرملة أخوك و معندهاش رابط بيك و لا قلت إيه ؟

كانَ يعلمُ "صابر" أنَّ الموضوع صعب و لكنَّهُ يُريدُ أن يُكفِّرَ عن خطاياه و ذُنوبِه ليتحدَّث برجاءٍ و توسُّل بين يمسكُ كفَّي عبد الصَّمد كلتاهما:
- عارف يا عبد الصمد و انا هتكلم معاها و مع البنات قدامك ، مش بصفتي أي حاجة ، بصفتي ظالم عايز يطلب الصفح .

تردَّدَ عبد الصَّمد قليلا إلَّا أنَّهُ حسم أمره و قرَّرَ أن يأتيه منزله غدا . بعد الحديثِ مع "صابر" ، إتَّجهَ "عبد الصَّمد" لمنزله أينَ ينتظرهُ أحفاده هناك ليحكي لهم قصَّةَ "يُونس" عليه السَّلام ليُقرِّر أن يأخذَ قيلولةً قصيرة ثُمَّ يشرع في قصصه كعادته مع أحفاده ، و بالفعل ذلك ما حدث فتَجدُ الأحفادَ مُتجمعين حتَّى "تامر" الذِّي يبدُو أنَّ فترةَ عقابه إنتهت .

إبتدأَ الجدُّ حديثهُ قائلا :
- يونس عليه السَّلام هو من أنبياء الله تعالى و هو يونس بن متّى و ببيتسمى ذو النُّون و بيعود نسبه لسيدنا سُليمان عليه السَّلام و بيقول إبن الأثير إن متى إسم والدته ، فيونس و عيسى عليهما السَّلام هما الوحيدين من الأنبياء إللي تسموا بإسم أمهاتهم .

بدأت قصَّةُ سيدنا يونس عندما اختاره الله تعالى ليكون نبيًا يدعو الناس إلى عبادة الله و قد بُعثَ لأهل نيْنوى - المعروفة بأرض الموصل بالعراق - وهم قوم قد انتشر الشرك بينهم، فكانوا يعبدون الأصنام ويصلون لها وينكرون وجود الله الواحد الأحد و قد ظلّ يدعوهم ثلاثًا و ثلاثينَ سنَّة إلا أنهم أبَوْا تصديقه و لم يُؤمن منَ القومِ سِوى رجلين و لمَّا أصرُّوا على موقفهم ، غضبَ منهم و قرَّرَ مُغادرةَ القرية و ركبَ سفينة و في وسطِ البحر هاجت السفينة لذا قرَّرُوا أن يُلقوا أحدًا منهم فربما بسبب ذنبه حصل لهم ذلك و قد وقعتِ القرعة في كلِّ مرَّة على سيِّدنا يُونس "عليه السَّلام" فلذا ألقى يونس نفسه مُوقنًا أنَّ الله عزوجَّل سيُنجيه .

في هذه الأثناء و في قريةِ "نينوى" ظهرت بوادر العذاب التِّي وعدهم بها يونس بعد أن غادر القرية .

أتى أهل نينوى رجلًا شيخًا؛ ليسألوه عما يجب عليهم فعله فأرشدهم إلى طريق التوبة إلى الله تعالى. فجمعوا كبيرهم وصغيرهم وذكرهم وأنثاهم وحيواناتهم جميعًا، وقد خرجوا من القرية جميعًا ولبسوا المسوح - وهي ثياب من الشعر الغليظ - وغطوا رؤوسهم بالرماد تواضعًا لله، ثم أقبلوا في مشهد مهيب على الله تعالى داعين له أن يصرف عنهم العذاب ويتوب عليهم، فقبلهم الله تعالى وتاب عليهم وقبل إيمانهم بعد كفرهم وعنادهم، ولكن يونس (عليه السلام) لم يشهد هذا الحال منهم.

عندما قفز يونس في البحر إبتلعه الحوت و بمعجزة من الله ظلَّ آمنا و مكث في قلب الحوت و هنا دعا الله أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنتُ من الظَّالمين و قد استجاب الله لدعوته و ألقاه الحوت أمام شجرة اليقطين وقد كان منهكا .

عندما تعافى يونس بفضل ربه ورعايته ورحمته، عاد إلى قومه في نيْنوى فوجدهم مؤمنين خاشعين لله وقد تغير حالهم الذي تركهم عليه قبل أن يقرر الخروج وتركهم، و قد  أهل نيْنوى في انتظار يونس؛ لكي يعلمهم أمور دينهم وليأتمروا بأمره ويتبعوه.

في فجرِ الغد ، عندما توجه الحاج"عبد الصّمد" للمسجد إلتقى بصابر و قد أخذَ له موعدا بعدَ صلاةِ التَّراويح و بالفعل عندما قدمَ الوقت طُرقَ الباب و قد فتحهُ " تامر":
- مين ؟

تحدَّثَ صابر بإبتسامة :
- هو "عبد الصَّمد" هنا ؟

#عسى ربي أن يهدين
#إكرام
#الفصل 15

عسى ربي أن يهدين (مكتملة)Where stories live. Discover now