الفصل الثالث عشر

344 20 2
                                    


الفصل الثالث عشر

نحن أحرار..

الحرية التي تغنّى بها الجميع، تغنى بها المحتل بلادهم من غرباء عاثوا به فسادا، تغنى بها الرجال داخل سجونهم، تغنت حتى بها الطيور داخل أقفاصها .. وما سبق لم يلاموا ولو للحظة لمطالبتهم بالحرية، لكنها وحدها المرأة التي وقف الجميع لمحاربة فكرها، الوحيدة التي خافوا من حريتها، أرادوا دحر قوتها في طلبها ..

ورغم أنها تغنت من أجل حرية أرض نفسها من هؤلاء المحتلين الذين عاثوا الفساد فيها، من أجل الحرية من هذا السجن الذي فرضته بعض العقول، من أجل التحليق عاليا خارج القفص..

مر العمر .. تغير الزمان، تعاقب الزمان وما زالت هي المُلامة، هي الجاني، هي التي أغرت آدم للخطيئة ..

(يخاف المجتمع من الحرية قيراط ويخاف من حرية المرأة أربعة وعشرين قيراطا وأكثر)

وهي حرة، بل اعتقدت أنها حرة ولا شيء يعيبها لا شيء ينتقص منها، هي الطائر المحلق في السماء معتقدا أنها بلا حدود أو قيود ناسية أن المجتمع يقيد الجميع ولا قانون هنا سوى قانونه !

وها هي ربما حان الوقت أن تلجأ لقانونه الذي أنكرته .. كرهته وانتقدته..

وهكذا هي الحياة يمر العمر منا نقاوم شيء ما حتى نُجبر بالنهاية ورغما عنا على الانقياد له دون مقاومة..

في غرفتها الهادئة كان هناك صوت واحد يعم هذا الصمت بينها وبين عائلتها، صوت معركتها وألمها المنبثقة من عينيها تواجههم بنظراتها الثابتة..

-إذا يا جدي ما هو الأمر الهام الذي جلبكم لي في هذا الوقت للتكلم عنه بينما أنتم هنا معي منذ دقائق دون حديث..

خرج صوتها مترقبا، جسدها لا يقوى على الحركة وذهنها ما زال مشوشا في تلك الطعنة التي سددتها لسليمان، تأرجحت نظراتها بين والدتها المحنية الرأس وهي من اعتادت منها المواجهة .. ووالدها بملامحه المرهقة ونظراته التي تحاشتها وهي من وقفت معها في صراع وتحدى دائما..

أما جدها فكانت جلسته الهادئة الثابتة بملامحه الراسخة بلا مراوغة بنظراته المسلطة عليها دون التفات عنها فتتهرب هي خشية منه..

-هناك قرار اتخذناه يا زهراء، قرار متعلق بكِ وجئنا لإخبارك..

ضيقت عينيها ملتفتة إلى والدتها مرة أخرى والتي لم تتغير جلستها علها تجد بين عينيها الجواب، عادت لجدها متحدثة بنبرتها الخفيضة وقدرتها على الثبات أمامهم تتلاشى:

-أي قرار ؟

توقفت عن الحديث وهبّت من جلستها هاتفة بنبرة متعبة لم يروها من قبل فيها:

-أنا متعبة ، أنا متعبة يا جدي ..

وكأنها ترجوهم التراجع عن قرار لا تعرف سطوره لكنها شعرت رغما عنها بقسوته من حالتهم..

واجتاحت ثنايا القلب ... أسماء رجائيWhere stories live. Discover now