الجزء الاول من الفصل السابع عشر

236 26 7
                                    

الجزء الاول من الفصل السابع عشر من أشد قسوة

وصل أدهم الي المستشفى ومباشرة الي غرفة طبيب يريد ان يتحدث معه بشكل مفصل ودقيق الان ذهنه صافي ويستطيع ترتيب أفكاره لما في صالح عدنا .. بل بما في صالح العائلة ككل
ف حديثة مع سليمة ربت على قلبة ... مده بالقوة والثبات ... اعطاه القوة التي تجعله قادر على فعل المستحيل
جلس أمام الطبيب الذي بدء يشرح بعض الأمور ببعض التفصيل كالموانع والمسموح به في التعامل مع مريض HIV والذي كان يعرفها تقريبًا أدهم ... فخلال طريق العودة كان يستمع لفديوهات  طبيبة تشرح كل شيء يخص مرضHIV
وبعد حديث مطول بالتفصيل في كل نقطة قال الطبيب بإقرار:
-وجود أستاذ عدنان هنا هيخلي الموضوع يتعرف زي ما قولتلك قبل كده .. ف قدام حضرتك حل من اتنين .. لو فيه قدرة مادية نصنع ليه غرفة رعاية كاملة والممرضة اللي كانت معايا تتابع حالته أربعة وعشرين ساعة في الأربعة وعشرين ساعة وانا اتابع حالته يوميًا ... او الحل التاني انك تسفرة برة وأكيد حضرتك تقدر توفر ليه طيارة طبية خاصة وانا برجح الحل الثاني لأكثر مم سبب ... الأول  الإمكانيات اللي ممكن تتوفر ليه بره مؤكد أكثر بكتير من اللي نقدر نوفره ونقدمه ليه هنا ... كمان علشان السرية وان الخبر مينتشرش
كان أدهم يستمع له ويفكر في الحلول المقترحة أيهم أفضل ... كان له اسباب اخرى يفكر بها ... ف إذا بقى بالبيت ستعلم جدته وأخته بالأمر وهم الاهم بالنسبة له من اي أحد أخر
وإذا جعله يسافر الي الخارج ستكثر الأسئلة لكن ذلك أقل وطئة عليهم من معرفتهم بحقيقة الأمر
أخذ نفس عميق ونظر الي الطبيب وقال
-جهز  كل الإجراءات علشان سفره ... وانا هتولى أمر الطيارة ولو ينفع حضرتك ترافقه للخارج ابقا شاكر جدًا وباللي أنت تحدده طبعًا وسفرك وإقامتك على حسابنا
أبتسم الطبيب وهو يقول:
-متقلقش يا أدهم بيه ... خلال ٢٤ ساعة كل جاحة هتكون جاهزة
خرج أدهم من غرفة الطبيب وعاود الإتصال بعبدالله الذي أجابه بصوت ناعس:
-ايوة يا أدهم
بصوت جاد قال:
-انا في طريقي ليك ... انزلي
واغلق الهاتف ليشعر عبدالله بالقلق والاندهاش ... وظل ينظر الي الهاتف لتقول لبنى بقلق:
-في ايه يا عبدالله؟
-أدهم جاي وعايزني انزله .. صوته قلقني اوي
نظر لها وقبل جبينها وهو يقول بابتسامة صغيرة:
-ارجعي كملي نومك .. وانا هنزل اشوفه عايز ايه ... وربنا يستر
أومأت بنعم وعادت تضع رأسها على الوسادة وأغمضت عينيها مستسلمة لنوم هانىء بعد جوله حب وعودة عبدالله التي تعشقه لها من جديد
~~~~~~
وقف يستند على سيارته ينتظر صديقه الذي اقلقه ولا يتسطيع تخمين ما حدث والذي زاد من قلقه أكثر انه لا يجيب على الهاتف
لكنه بعد عدة دقائق اعتدل حين أقتربت سيارة أدهم منه وترجل منها بجسده الرياضي .. وهيبه لم تقل يومًا هيبه سببها وقار أدهم وملامحه الرجولية ... وفوق كل هذا لدية جاذبية لا ينكرها أحد ... لكنه الان يبدوا مهمومًا متهدل الأكتاف وكأنه يحمل فوق كتفيه جبل ضخم
حين وقف أمام عبدالله قال بشكل مباشر:
-عدنان عمل حادثه وعايز  اسفره بره
ليعتدل عبدالله وهو يقول بصدمة:
-حادثه وتسفرة بره!  هي حالته خطيرة للدرجة دي؟!
أخذ أدهم نفس عميق والتفت ينظر الي الجهة الأخرى وقال بصوت واهن:
-لا الحادثة بسيطة الحمدلله شوية كسور على جروح لكن المشكلة مش هنا ... المشكلة أن عدنان مريض HIV وأنت فاهم طبعًا ده معناه ايه ... علشان كده عايز اسفره بره
ليشهق عبدالله واتسعت عينيه بصدمه ... وخيم الصمت على الصديقين لعده لحظات ... ظل خلالهم  أدهم يعطي لصديقه ظهره لكن عبدالله فهم الان ما يمر به صديقه ... شعر بالشفقة عليه لكن هذا ليس وقتها ... ليقترب منه ووضع يده فوق كتف أدهم وضغط عليه ببعض القوة كنوع من الدعم وقال:
-تمام يا أدهم انا هرتب كل حاجة .. قولي بس هو فين دلوقتي وكل حاجة هتكون جاهزة في اقرب وقت
لينظر له أدهم بحزن شديد وقال برجاء:
-مش عايز حد يعرف يا عبدالله .. حتى ظلال وشُكران ... مينفعش حد يعرف الموضوع ده ... إمبراطورية الخشاب هتنهار وتنتهي يا عبدالله محدش عرف الموضوع ده غير انت وسليمة إنتوا اكتر اتنين انا بثق فيكم
ليربت على كتفه من جديد وقال بتفهم رغم ان هناك الكثير من الكلام الذي يريد ان يقوله تعليقًا على ثقته في سليمة السريعة والقوية 
-فاهم يا أدهم متقلقش
ليومأ بنعم وتحرك في إتجاه سيارته وهو يقول:
-هبعتلك عنوان المستشفى واسم الدكتور علشان ترتبوا كل حاجة
صعد الي السيارة ليقترب منه عبدالله وهو يقول مستفهمًا:
-رايح فين؟
رفع عينيه لصديقة وقال بإرهاق واضح:
-على القصر عايز أمهد الموضوع لجدتي وظلال وأشوف كذبه مناسبة لموضوع سفره ده
أومأ عبدالله بنعم ليتحرك أدهم مغادرًا ليظل عبدالله واقف لعدة لحظات في مكانه يشعر بالهم ... ليهمس بدعاء
-الله يعينك يا صاحبي
ثم صعد الي شقته التفكير يفتك به .. كيف حدث هذا؟ صحيح عدنان له الكثير من المغامرات النسائية لكن ليس لهذه الدرجة التي تجعله يصاب بهذا المرض
دلف الي غرفته وعقله شارد بين الكثير من الأفكار
حتى انه لم ينتبه لان لبنى تجلس على السرير تنظر اليه بقلق
جلس على الاريكة بإنهاك ... والسؤال الاهم يدور في رأسه ... إذا كان هذا حاله حين علم بالآمر فما حال أدهم؟ كيف استقبل الخبر؟ وكيف سيكون حاله وهو يكذب على جدته وأخته؟
شعرت لبني بالخوف الشديد بسبب حالته تلك غادرت السرير وأقترب لتجلس جواره وهي تسأل بحذر:
-فيه ايه يا عبدالله؟ مالك؟ أدهم كويس؟
نظر لها لعدة لحظات بصمت ثم قال:
-عدنان ابن عمه عمل حادثة وحالته خطيرة وهيحتاج يسافر بره علشان كده أدهم محتاج مساعدتي في الإجراءات
-لا حول ولا قوة الا بالله ... ربنا يشفيه
اعتدل ليواجهها بكامل جسده ... ومد يده يمسك يدها وهو يقول باعتذار:
-انا اسف يا لبني بس انا لازم انزل أدهم لوحده ومحتاجني جدا ...و
وضعت يدها على فمه وقال بلوم:
-مش محتاج تعتذر ولا تبرر ... يا عبدالله انا قولتلك انا مش عايزاك تفضل قاعد جمبي لا انا بس عايزاك تقسم وقتك وقت لشغلك ووقت ليا ولولادك ووقت حتى لنفسك ... وبعدين دلوقتي صاحبك الوحيد في مشكلة طبعًا لازم تكون جمبه وتسانده
ليقبل يدها برقه لتكمل كلماتها وهي تساعده على الوقوف:
-قوم خد دش على ما اجهز لك الهدوم
ليومأ بنعم وتحرك الي الحمام لتفتح الخزانة واخرجت ملابسه ووضعتها على السرير ثم توجهت الي المطبخ تعد له إفطار خفيف فهي تعلم جيدًا انه لم يهتم بتناول اي شيء طوال انشغاله مع صديقه
~~~~~~~~~~
عادت شُكران الي وعيها لكنها مازلت غير قادرة على التحدث او الحركة ... لذلك لم يستطع مراد ترك ظلال بمفردها وظل معها بالقصر
كانت هي تجلس أرضًا جوار جدتها
ويجلس هو على الأريكة المقابلة يقاوم النعاس  بشق الانفس لكن في النهاية أستسلم للنوم لتبتسم ظلال وهي تتوجه الي غرفة جدتها وعادت من جديد وهي تمسك بين ذراعيها شرشف خفيف وضعته فوقه لكنه لم يشعر بها فقد كان يومة شديد الإرهاق ف أستسلم لسلطان النوم سريعًا
عادت تجلس جوار جدتها بعد ان عدلت الغطاء فوق قدميها أراحت رأسها على قدم جدتها وأغمضت عينيها واستسلمت هي أيضًا لسلطان النوم
دلف أدهم من باب القصر ليصدم بما راه لكنه ظل واقف في مكانه يحاول تحليل الآمر لكن عقلة لم يكن في حالة جيدة ليستوعب اي شيء
أقترب من اخته وجدته وجلس على إحدى ركبتيه وهو يهمس:
-ظلال ... ظلال
فتحت عينيها بتثاقل وحين اتضح وجه أدهم لها قالت بلهفه:
-عدنان كويس؟!
أومأ بنعم ... ثم قال باستفهام:
-هو مراد بيعمل ايه هنا؟!
اعتدلت في جلستها وقصت عليه كل ما حدث ليقول بقلق وهو ينظر الي جدته:
-طيب متصلتيش ليه كنا نقلناها المستشفى
-متقلقش يا أدهم انا كنت متابع مع دكتور صديقي وهو طمنا
كان هذا صوت مراد الذي أستيقظ منذ بداية حديث ظلال  وأدهم 
ليعتدل أدهم ينظر إليه وقال بإمتنان رغم عدم استساغته للموقف:
-شكرًا يا مراد على وقفتك مع ظلال وانك مسبتهاش لوحدها
ابعد الشرشف عنه واعتدل واقفًا وهو يقول:
-همشي انا بقا ولو احتجتم حاجة انا موجود وفي الخدمة
وقف أدهم ليحيه وجدد شكره من جديد ليغادر مراد القصر ليعود أدهم الي ظلال وساعدها في إدخال جدتهم الي غرفتها
وحين غادروها واغلق الباب وقف أمام ظلال وقال بهدوء قدر إستطاعته:
-عدنان محتاج يسافر بره ... علشان الكسر اللي في دراعه ميأثرش عليه وعلى لعب الملاكمة
لتمسك يده وهي تقول بتوسل:
-عدنان هيبقا كويس يا آبيه مش كده ... أنت مش بتكذب عليا صح؟!
ليضمها الي صدره بحنان وهو يقول:
-متقلقيش يا حبيبتي كل حاجة هتبقى كويسة صدقيني
لكن بداخله يدعوا الله ان يسترها معه ... وان يمر كل شيء بخير ... ف هو يشعر انه لم يعد لديه طاقة لتحمل اي شيء اخر
~~~~~~~~~~~
هناك في وسط ذلك الظلام الدامس يشعر بأنه مقيد وكأنه مكبل الذراعين والساقين ... لكن بطريقة تجعل كل طرف من أطرافه في إتجاه ... وجسده معلق في الهواء .. لا يرى اي شيء ... لكنه يشعر بالخوف .. يشعر بالرهبه وهناك إحساس اخر لا يستطيع وصفة الان لكنه يضغى  على اي شعور أخر
كان يحاول استبيان اين هو وماذا يحدث معه؟ ومن فعل به هذا؟
حاول استجماع قوته حتى يحرر نفسه من تلك القيود لكن حين حاول التحرك سمع صوت قوي له صدى يهز القلوب يحمل الكثير من الغضب يقول بأمر:
-أثبت مكانك
توقف عن الحركة لكن رغمًا عنه أرتعش جسده بقوة ... رهبه وخوفًا ... ليعود الصوت من جديد يقول بصوته القوي صاحب الصدى:
-كنت فاكر إنك هتعيش حياتك بالطول والعرض وتستحل ما حرمه الله ... تستحل أجساد حرمت عليك الا بالحق ناسي ان ربنا شايفك ومطلع عليك وعلى أعمالك ... وان كل ده هيعدي من غير عقاب
انحدرت دموع عدنان وهو يقول بحزن شديد وأسف:
-عارف اني غلطان ... عارف اني زاني ... عارف اني استحليت المتع المحرمة وشيطاني غواني وضحك عليا ونفسي الامارة بالسوء سهلتلي الحرام
خيم الصمت الموحش على المكان ليزداد خوف عدنان وارتجاف جسده ... لتصدر تلك السلاسل صوت عالي ... ليعود الصوت من جديد هادرًا:
-أثبت مكانك
ليعود الصمت يغلف كل شيء ويسبب الرهبه في القلوب  ... ليقول الصوت من جديد في نفس اللحظة التي اشتعلت تلك السلاسل التي تكبل ذراعيه وساقية والنيران تتصاعد حتى كادت ان تصل الي جسد عدنان
-يا ترى أنت مستعد للحظة نزولك القبر والملايكة تسألك
ليهز عدنان رأسه بلا عده مرات والخوف يسيطر عليه بشدة خوف من احتراقه بالنار  وخوف من الله وحسابه ... ليعود الصوت من جديد وهو يقول:
-من ربك؟ ... ما هو دينك؟ من هو نبيك؟
ليصرخ عدنان بصوت عالي والنار تطول جسده تلتهمه جزء جزء ... ليعود الصوت من جديد وهو يقول:
-من ربك؟ ... ما هو دينك؟ من هو نبيك؟
ليصرخ عدنان بصوت عالي والنار تلتهمه بالكامل وصدى الصوت المخيف يتردد في أذنه
-من ربك؟ ... ما هو دينك؟ من هو نبيك؟
في وسط كل هذا كان جسده الموصول بالأجهزة ينتفض بقوة وكأن اصيب بمس كهربائي يسير في جسده بقوة كبيرة ... ليركض الطبيب الي غرفة الرعاية يحاول السيطرة على تلك الحالة الغريبة الغير مفهومة وبعد معاناه أستطاع تهدئه الوضع قليلًا
لكن عدنان كان مازال يعاني ... مستوى الأكسجين يقل ... وجسده مازال ينتفض حتى لو بدرجة أقل ... ويديه في  حاله تشنج كان الطبيب يحاول فتح عينيه لكنه يغلقهم بقوة شديدة ... وقبل ان يبتعد الطبيب حتى يحضر قناع الاكسجين فتح عدنان عينيه على اتساعهما وهو يقول بصوت عالي:
-ربي الله ... ديني الإسلام ... محمد بن عبدالله رسولي
ليبتعد الطبيب برهبه الي الخلف وظل عدنان لدقيقة كاملة يردد تلك الكلمات
حين استعاد الطبيب ثباته مما كان يحدث إقترب من عدنان وقال في محاولة لتهدئته
-اهدى يا عدنان اهدى انت لسه عايش ... ربنا كتبلك عمر جديد .. اهدى
لينظر له عدنان وعينيه تمتلىء بالدموع وهى يقول بصوت متهدج
-لسة عايش ... عمر جديد ... لسة عايش
ليخرج الطبيب من الخزانة الجانبية حقنه مهدئة ... وحقن بها عدنان وهو يقول له:
-اهدى ... كل حاجة هتبقى كويسة
لتبدء انفاس عدنان في الهدوء تدريجي وجفنيه في التثاقل حتى عاد الهدوء من جديد داخل غرفه الرعاية ليتنهد الطبيب ببعض الراحة
وتحرك بإتجاه الباب لكن قبل ان يخرج نظر مرة أخرى تجاه عدنان ثم خرج وهو يقرر الاتصال بأدهم ليخبره بكل ما حدث
فجسده مازال ينتفض بصدمة وخوف فما حدث بالداخل يثير الرهبه في النفس والخوف

أو أشد قسوةWhere stories live. Discover now