لقد مرت سنتين منذ أن فارق إبني الحياة ، منذ ذلك اليوم ما عادت حياتي كما كانت ، فأنا منذ وفاته أشعر بفجوة في قلبي تؤلمني كثيرا ، كلما أردت أن أفرح فرحة لا يمتلئ قلبي بها ، و لا بد أن يتسرب ذلك الفرح من ذات الثقب الذي أحدثه الفقد بقلبي
فكيف تحلو الحياة بدونه؟ و كيف يطاوعني قلبي على الفرح و هو تحت التراب ؟!.أخذت نفسا أشاهد سرب الطيور من خلف النافذة ، و فكرت كيف توالت الأحداث منذ كنت في سن الثامنة عشرة ، من المؤسف أن يعيش الانسان حياته منتقلا بين حزن و آخر ، أن يكون منطفئ القلب لا يعنيه كل من حوله ، أن يرى جميع الوجوه مضيئة عدا وجهه ، من المؤسف أن يعيش الإنسان فاقدا لشغفه
طرق باب الغرفة بخفة ، و ألقيت نظرة من خلفي ، كانت تلك أمي في زيارتها الدائمة اليومية ، كنت في مصحة عقلية.
تقدمت أمي بخطاها تبتسم في وجهي قائلة « مابها إبنتي جالسة تتأمل النافذة ؟» حاولت رسم إبتسامة لطيفة لكن لم أقدر ، أتوقع أن عضلات وجهي ما عادت تعرف الإبتسام ، أو تدري معاني الفرح .
جلست والدتي بجانبي على الأريكة و نظرت لي بحنية ، ثم أمسكت يداي برفق و قبلتهما ، يداي اللتان كان عليهما آثار الشيفرة عندما حاولت قطع رسغي أول مرة .
« كيف حالك إبنتي ؟ » رفعت نظري من كفي إلى وجهها المستدير و أرغمت نفسي على إخراج بعض الإجابات « أحس أنني افضل الآن » كاذبة ، كاذبة كاذبة كاذبة ، يالي من كاذبة ، متى كنت أفضل؟ أحسست أن كذبتي إنطلت عليها عندما أشرق وجهها فجأة .
قالت بإبتسامة جميلة مرتاحة « سعيدة لسماع هذا ، مرتاحة لأني لم أجدك كما كل مرة » أتقصد إنهياراتي اليومية؟ بكائي الدائم؟ لا تقلقي أمي قررت تأجيلها لـ الليل ، ذلك سيكون مريح أكثر لكلتانا .
كسرت خيط الصمت الذي مر و أردفت « كيف حال اخوتي ؟ » أردت فقط تغيير الحديث عني ، لأنه يخنقني ، يحسسني بالضعف ، أدركت أنها فهمت ما أردته حينما أجابتني « إنهم بأفضل حال ، ينتظرون فقط حضوركِ » غصبت إبتسامة على الظهور لكن لم يجدي الأمر نفعا .
ضغطت أسناني أمنع لساني من نطق الجملة التي يصرخ بها عقلي لكن لم أستطع عندما همست بصوت خافت «إني أشتاق له» ، أحسست بنظرات أمي علي و خفضت رأسي أمنع دموعي من التكون على جفناي .
« أنا متعبة يا أمي ، متعبة من كل هذا ، أحاول الصمود أمامك لكن الأمر ينفلت من بين اصابعي ، مشاعري أصبحت تخنقني ، إن حزني يقتلني ببطء ، أنا لم أخبرك عن ألمي و لا الليالي التي لا ترى فيها عيناي نوما و لا راحة ، قدري أن أمتلك ذاكرة لا تمحى ، قدري أن أظل في الشقاء طول العمر » سالت دموعي بصمت ، و أحسست بالأشواك تلتحف حول حنجرتي ببطء شديد كعرض سينيمائي بطيء ، أحسست برئتاي تختنقان و عروقي توقف عملية ضخ الدم لجسدي
YOU ARE READING
اليوم الرابع و العشرين من غشت
Romanceلطالما كان اليوم الرابع و العشرين مهما في حياة جايلين ، كان دوما نقطة التحول الكبرى في شريط حياتها .. اليوم الذي زفّت فيه ، اليوم الذي إكتشفت فيه أنها حامل و اليوم الذي إلتقت فيه أكثر فتاة تمقتها و أخيرا اليوم الذي ودعت فيه أغلى ما لديها إبتدأت : ا...