بزاويةً ما تبعد بضعة كيلومترات عن كُليتها، كانت تقف هي تُحاول الابتعاد عن الأنظار قدر الإمكان بينما تتلفت حول نفسها لكي لا يراها أحد. تفرك بكفيها وهي تسحب كُم البلوڤر التي ترتديه لتُصبح أصابعها فقط ظاهرة، ليأتي إليها هو بعد مرور دقائق من وقوفها تنتظره، رافعاً حاجبيه وهو يبتسم قائلاً بنبرة مرحة:
-" جيتي متأخر يا عيوشة، بس ماشي هعتبرك كنتي بتفكري، عارف أنا دماغ البنات وتفكيرهم".
لم تنظر له عيشة وهي تبتلع ريقها مُحاولة التحكم بتوترها ودقات قلبها المُرتفعة، لترفع يدها تمدها له تتحدث بنبرة سريعة لا ترغب بالنقاش:
-" هات إللي قولت عليه".
نظر خليفة إلى يدها الممدودة بعدما عقد حاجبيه، ثم رفع رأسه ينظر لها وهو يتساءل بعدم فهمٍ مُزيف:
-" إيه إللي قولت عليه!".
رفعت رأسها بتلك اللحظة تنظر له بعدما لفت انتباهها ما قاله، سُرعان ما تحدثت قائلة بجدية:
-" قولت هتديني حاجة أجربها الأول!".
عاد برأسه للخلف وهو يرفع حاجبيه بتفهُم عليها، ليعود بنظرها إليها وهو يُجيب على كلماتها بأخرى ساخرة قائلاً:
-" لأ ما خلاص بقى يا عيوشة، هو أنا أسعى وألف وراكي السبع قارات وفي الآخر تقوليلي عايزة تجربي وببلاش! طيب قدريني دة أنا متحايلتش على حد قد ما اتحايلت عليكي".
دُهشت مما قاله، ولكنها لم تُظهر ذلك أثناء مُحاولتها لتمالُك نفسها. تساءلت حينها بنبرة جامدة تقول:
-" بكام؟".
ضيق خليفة جفنيه وهو يتنهد بعمقٍ أثناء مُطالعته لها بتركيز، حتى رسم إبتسامة مُتسعة بعض الشيء على وجهه وهو يُجيب بنبرة مرحة:
-" ب ٥٠٠، بس علشان أول مرة هديهالك ب ٢٥٠، علشان بس عارف إنك هتلفي تلفي وترجعيلي تاني".
وللمرة الثانية تندهش من حديثه، لم تستطع التحكم بتعابير وجهها تلك المرة وهي تتحدث قائلة بنبرة أظهرت توترها واضطرابها:
-" بس دة كتير".
رفع كتفيه بطريقة أظهرت عدم اهتمامه، ثم غمز لها بعينه وهو يتأهب للذهاب قائلاً بنبرة غير مُبالية:
-" خلاص روحي لشيري بقى تجيبلك شغل مضروب".
ثم كاد أن يذهب من أمامها، ولكنها استوقفته عندما اقتربت منه تقول بنبرة سريعة:
-" استنى خلاص، بس هتاخد دلوقتي ١٠٠ جنيه، والأسبوع الجاي هجيبلك الباقي".
لوح خليفة برأسه وهو يلوي شفتيه بتفكيرٍ قبل أن يتحدث بنبرة مرحة:
أنت تقرأ
حارة اللحام.
Adventureتفاصيل صغيرة، وغير مُهمة، كحُلم أردته دوماً ولم تحصُل عليه، إنقطعت آمالك بمُطالبته مجدداً، كأن روحك أصبحت خالية من شعور التمني. تقف فوق رأسك بومة يأس، تبعث لك الشعور بالظلام، الذي إذا نفد، ستُحاول شرائه بماء العين. شعور بالغُربة وسط تكدس، كأنك تدور...