شُهبٌ من أمل

2.3K 160 295
                                    

::
::

ذاتَ إيلول
في تلكَ البيداء البعيدة
حيثُ كانت الغفور تتزاحم ،صدى صوتَ الرشاش والكلاشنكوف يدوي في الأفق .
صوتَ صُراخهم لازال يصدح في مخيلتي
نحيبهم ورجائهم ...
تُمرر الأصفاد على أيديهم وأرجلهم ويقتادون كالعبيد
يقتادون نحو المجهول.
كنتُ واحداً منهم.

جُلَ ما فكرتُ بهِ هو عائلتي أمّي وأخوتي.
نقلتنا شاحنةٌ كبيرة لم أرى مثلها سابقاً ربما هذا بسبب الجهل الذي نحنُ فيه كان الشغل الشاغل لحكوماتنا هو الحروب بعيداً عن التطور.

لمّ نتلقى العلاج لأصاباتنا ، كنتُ المحظوظ بين الجميع فأصابتي ليست بالشي الكبير أمامهم.

سلكتُ ذلك الممر المليئ برائحةَ العفن وقد اكتست الطحالب جُدرانه .

اقتادني جُنديان من جنودهم الجبانة .
هذا هو المكان الذي سأقضي بهِ باقي عمري
في هذه الزنزانة دفعاني وإغلقا الباب
_أنا أسير.
هذه الكلمات التي لم أستوعبها بعد ، الظلم و الألم شعوران باتا يقتُلاني ،
ألمً على مُستقبل سيضيع وشباب سيشدُ رحالهُ عني
وأنا لا زلتُ كما أنا اقبع في تلك الزنزانة الضيقة.

أنا أسير خسِرت جيوشنا في الحرب وها أنا أدفع الثمن .

ما زلتُ أذُكر أول يومً لي في الجُندية ودعت عائلتي بالدموع وقبلت أمي أطُمئنها بالعودة. ..
وصلتُ إلى المعسكر احمل حقائب الحماس والحزم
وفي صميمي كنتُ أردد :
_أنا هُنا إبي سأجعلُ منكَ رجلاًُ فخوراً.
لا زلتُ أذكر أول يوم تدريبٌ تلقيتهُ على السلاح من ضابط صارمٌ جداً ،صرخاتهُ الذي تصمُ الأذن.

لم أستمع الى صوتَ السلاح بقدر سماعي لصوت صُراخهُ.

كان يملكُ قلبٌ رحباً بالرغم من صرامتهِ وحَزّمهِ.

وكيفَ أنسى أول رسالةٌ تلقيتُها من عائلتي كتُبَ فيها أدق التفاصيل شعرتُ أنني معهم أشاركهم اللحظات .

إن تكون أسير يعني أن تعيش حياةٌ أشبهِ بالأموات تُلازم زنزاتك المظلمة وليسَ هُناك مخرج تُراقب بزوغ الشمس ومغيبها.

الآن ومعَ مرور فترة طويلةٌ من وجودي هنا أصبح كُل من حولي شيء طبيعي أعتدت عليه ،
أعتدت أن أقضي أيامي اتذكر تلكَ الليالي التي كنت فيها اتنعم بدفءِ الحياة في ظلال الألفه والمودة بين الأهل والأقرباء والأصدقاء والأحباء.

صورهم محفورةٌ في وجداني عالقةٌ في قلبي ولا أجد النسيان اليها سبيلا ولا يزيدني مُر الأيام إلا ثبوتا واستقراراً...
وفي موجةَ تدفق المشاعر،
اْحاسيسُ خالطتني لم أشعر بها يوماً الندمُ والحسرة لم يفارقاني .

أصبحتُ وكأنني اتلاشى مع الأيام ،وظل عني عقلي
بدأت الأيام تجُرني خلفها بسلاسل الوحدة والضياع
وبدأ الزمن يختبر مدى صبري ، فطوى الأسى حظي وتوطن سواه .

زنزانة  201حيث تعيش القصص. اكتشف الآن