١

27.6K 254 7
                                    

الــفــصــل الأولــــــ
كان الرجل الذى دخل إلى الكواليس يبدو من النوع الغريب. ذكر فيكى بقزم متنكر فى ثياب رجل أعمال من منهاتن, و على الرغم من حجمه, فقد كان يبدو عليه الثراء و الأهمية.
لم تكن فيكى تسمح له بالدخول إلى غرفة ملابسها. لكن إيفلين, التى كانت تملك نصف النادى, قد أوصلته بنفسها.
كانت إيفلين تحمى موظفينها بضراوةو على الرغم من ذلك, فقد كان القلق بادياً على وجهها.

اعلن الرجل بصوت نسائى أنه محامى و يدعى لاسلو روتش. كانت فيكى ما تزال جالسة أمام المرآة, بتبرجها الكامل مرتدية زيها. و من دون أن يُطلب منه ذلك, سحب الكرسى الوحيد فى الغرفة و جلس على طرفه. لا تكاد تلمس الأطراف الملمعة لحذائه الغالى الثمن ....... الأرض.
طلب من إيفلين بإلحاح أن تغادر الغرفة حتى يتمكن من التحدث إلى فيكى, فأمتثلت هذه للطلب و إستدارت فى كرسيها المتحرك و ما زالت تلك التعابير القلقة تلازم وجهها.
كانت فيكى مرتبكة لكنها كانت قد حزرت ثلاثة أشياء بشأن هذا الرجل القصير,
أولاً, أنه ثرى, ثانياً, لا يملك روح الدعابة, و ثالثاً, مهما ظن بها فهو مخطئ. بإمكان المظاهر أن تكون مخيبة للآمال و خاصة مظهر فيكى, لقد كانت امرأة شابة ذات أسرار, وكانت تحافظ عليها جداً. فى تلك اللحظة بدت له امرأة ثرية و جميلة, مثقلة بالمجوهرات, التى كانت فى الواقع, مزيفة. كان ماضيها معقداً, و كل ما كانت تريده, فى الواقع, مستقبل بسيط. لم تفكر أبداً فى الحصول على الشهرة.
لكن فيكى تساءلت عما قد يريده هذا المحامى منها. لم تكن إيفلين لتسمح له بالدخول إلى الكواليس لو لم تتأكد من أن أفكاره محترمة. كانت إيفلين و هى الأكبر سناً قد وعدت فيكى بأن تهتم بها, و قد قامت بذلك على أجمل وجه.
لكن لاسلو روتش يناهز الخمسين من عمره, أقصر و أكثر نحافة من فيكى. كان يرتدى معطفاً ثميناً من الكشمير و لم يخلعه. مع أنه بدا دافئاً جداً فى غرفة الملابس المكتظة, إلا أن عينيه , عندما نظر إلى فيكى, كانتا باردتين.
صوته النسائى الحاد كان أيضاً بارداً. "عندى عرض لكِ. قانونى صرف. بإستطاعتى تحقيق أكبر أحلامك. إننى أعنى ما أقول. أكبر أحلامك."
تساءلت فيكى, أى نوع من الرجال هو؟ لماذا أحضرته إيفلين إلى هنا؟
هزت فيكى رأسها و أبتسمت إبتسامة باردة. مهما كان الذى يريده, فهو لم يمسها بأى سوء. و كانت فيكى تريد أن تعلم ماذا تفعل الأحلام الكبيرة بأصحابها. كانت أحلامها صغيرة و هى تنوى الحفاظ عليها كما هى. كانت تؤمن أن تلك الطريقة هى الوحيدة للعيش بأمان.
كانت قد عاشت مع عمتها, رواندا, لسنوات طويلة, من المال القليل الذى تجنيه من عملها فى الإستعراض, و كانت تلك الحياة الوحيدة التى عرفتها فيكى. أحبت روندا هذه الحياة على عكس فيكى التى لم تحبها و ما زالت تكرهها حتى الآن.
أملت روندا طوال حياتها فى أن تصبح ذات شهرة. أما طموح فيكى الوحيد فقد كان أن لا تمثل إلا نفسها...و لا شئ آخر.
كانت حياتها بعيدة جداً عن الحياة العادية, و كانت تمضى ست ليال فى التمثيل كل أسبوع متقمصة شخصيات أناس أغنياء جعلوا من نفسهم أشخاص مهمين.
كانت فيكى, كما كانت روندا من قبلها, مشخصة محترفة بنادى غرينويتش الليالى الخاص بــ إيفلين.
بعد موت روندا قررت إيفلين بصحبة كلبها البولدوغ أن تهتم بــ فيكى. كيف أستطاع لاسلو روتش المرور عبر ذلك الحارس المتوحش؟
حولت فيكى انتباهها نحو المرآة, إنه ما زال ينظر إليها ببرود. و كانت تفك عقدها عندما كلمها.
"أريدك أن تذهبى إلى لاس فيغاس, و تزعمى أنك كاريسا و تتزوجى."
لم يرف له جفن و هو يقدم عرضه, ثم أخرج محفظة ذهبية من جيب معطفه و اعطاها بطاقة محفورة. لم تقم بأية حركة سوى أنها ألقت نظرة عليها.
و قال لها: "أنا الممثل القانونى لـ كاريسا. أريدك أن تذهبى إلى لاس فيغاس و تمثلى دور كاريسا و تتزوجى."
لم تكد فيكى تفقه ما قاله الرجل و صوت عمتها يعود إلى ذاكرتها من أعماق الماضى: أوهـ, يا فيكى, الحياة تمرّ و الكل يريد التقاط الحلقة الذهبية فإذا وصلت يوماً إلى متناول يدك فالتقطيها. من يعلم؟ قد تلتقطين معها آمال قلبك.
لم تكن فيكى تعلم ما ينبغى أن تفعل. هل تعتبر ذلك الصوت تشجيعاً أم تحذيراً. لذلك, حملقت بــ روتش متظاهرة بأنها لم تشعر إلا بالتسلية.

روايات احلام/ عبير:التظاهرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن