2

8.1K 147 4
                                    


الــفــصــل الـــثـــان
سطع نور النيون عبر النافذة, إنما لا فيكى و لا إيفلين لاحظتا ذلك لأنهما كانتا معتادتين على رؤيته طوال الليل, قالت إيفلين و هى تنظر إلى فيكى عبر دخان السيجارة: "أنا قلقة بشأن موضوع رجل المغامرات هذا, يبدو و كأنك ستعيشين معه."
قالت فيكى: "أتمنى لو تقلعين عن التدخين. إنه مُضر بصحتك أنسى موضوع رجل المخاطر. أستطيع تدبر أمره. لقد ترعرت هنا, أليس كذلك؟"
نظرت نحو الحائط الرقيق الذى يفصلهما عن النادى.
كانت إيفلين تعيش فى شقة صغيرة ملاصقة للنادى, بينما فيكى كانت تعيش فى شقة أصغر فوق شقة إيفلين.
قالت إيفلين ثم سعلت: "إذا كان عليك الحظ نفسه الذى عندنا أنا و روندا ع الرجال, إذن عليك..."
فأكملت فيكى: "..... أن تبقى بعيدة عنهم." كانت تعرف هذا التحذير عن ظهر قلب, لقد سمعته طوال السنوات الست الأخيرة من حياتها و هو ما زال يتردد إلى ما لا نهاية.
و قالت: "ليس عليك أن تحذرينى فأنا لست مثل رواندا, لا أريد أن يهتم بى رجل. أريد أن أهتم بنفسى."
"آمين." قالت إيفلين بإقتناع تام, و هى تجر كرسيها نحو المطبخ لتسكب لنفسها كوب من القهوة. "كونى دائماً قادرة على الأهتمام بنفسك." ثم تابعت و هى تعود إلى الطاولة: "هذه أفضل نصيحة أستطيع تقديمها لأى كان. هذا....و أبقى بعيدة عن عالم الإستعراض . أتمنى لو أن أحداً أدى إلى بهذه النصيحة, يا إلهى, إننى حقاً أتمنى ذلك."
خلال حديثها عن وجوب أهتمام الإنسان بنفسه, لم تكن إيفلين بخير و كانت فيكى قلقة عليها. لقد أجبرتها نوبة إلتهاب الشرايين على ملازمة الكرسى المتحرك مؤقتاً, بينما الأطباء لا ينفكون ينصحونها بالراحة, و لكن إيفلين التى لم تعرف الراحة فى حياتها لا تعرف كيف ترتاح الآن.
وضعت فيكى كوعها على الطاولة. "مع أثنى عشر ألف دولار, قد أهتم بنفسى جيداً, قد أنهى دراستى , أدفع لدروس الفترة التدربية و كل شئ. أنتقل إلى جيرسى و أعيل نفسى حتى أنهى كل ذلك. يمكنك التوقف عن القلق بشأنى. و بإمكانك بيع حصتك من النادى و التقاعد."
تالقت إيفلين. "انا لا أحتفظ بحصتى فى هذا النادى من أجلك. أنا أحتفظ بها لأننى لا أجد شخص معتوهاً بما فيه الكفاية ليشتريها. لقد قلت لك ألف مرة ....أنت وحدك. تريدين نصيحة منى؟ حسناً. لكن أنا لست مسؤولة عنك....إنك المسؤولة عن نفسك. لا أهتم بك. أنت تهتمين بنفسك." رفعت ذقنها بكبرياء و عيناها المتعبتان تشعان غضباً.
"أعلم, أعلم, أعلم." قالت فيكى و هى تهز كتفيها بقلة صبر. لكنها لم تُخدع. كانت تخشى أن لا تبيع إيفلين حصتها من النادى قبل أن تتأكد من أن فيكى قد استقرت بأمان. كان على فيكى أن ترد لتلك المرأة جميلها, لكن ذلك قد يكلفها كثيراً من المال.
قالت فيكى مغيرة الحديث: :إسمعى قلت إن العقد يبدو واضحاً. لا نقاط ضعف فيه."
شحب وجه غيفلين: "كيف لىّ أن أعلم؟ لست محامية. رجل المخاطر هذا يقلقنى. أن تذهبى و تعيشى لخمسة أيام مع رجل مثله؟ يا إلهى!"
عدلت فيكى من جلستها محاولة الظهور بمظهر المسؤول. "لا تقلقى بشأن رجل المخاطر. ما الذى قد أريده منه؟ قد يكون مليئاً بآثار أسنان التماسيح, و جروح السهام. علاوة على ذلك, ما قد يريده هو منى؟"
"ها هل تنظرين حقاً فى مرآة لسبب غير صبغ وجهك الجميل؟ أنت شابة جميلة. ما قد يريد؟ ها! ما الذى يريدونه كلهم؟"
فقالت فيكى بنفاد صبر: "لن يحصل على أى شئ منى. لقد رأيت الفوضى التى عمت حياة رواندا بسبب الرجال."
س
"الرجال و عالم الإستعراض." قالت إيفلين بصوتها الذى أبحه التدخين: "مزيج مريع, و من هو رجل المخاطر؟ لا شئ سوى رجل فى عالم الإستعراض. و من أسوأ الأنواع..... لعوب و غير مبالٍ. هؤلاء الرجال يجنون الكثير من المال. لا أريدك أن تجديه رائعاً .... أو ما شابه."
فقالت فيكى: "أرجوك!" دعيك من الأوهام....إنه آخر أهتماماتى. الشئ الأهم هو... هل أستطيع القيام بذلك؟"
تفحصت إيفلين فيكى من خلال الدخان المتصاعد. و بدت عيناها الساخرتان أكثر غرابة من قبل.
فكرت فيكى بحزن: أنها تشيخ, إنها مريضة و تعبة و لن تعترف بذلك. لو أستقيلت بنفسى قد تترك هذا المكان, تخفف من القلق و تتحسن حالها.
و أصرت منتظرة رأى إيفلين, و تشجيعها. "ماذا تظنين, هل أستطيع القيام به؟"
بدت هذه أكثر تعباً و تشاؤماً من ذى قبل, أخذت مجة قوية من سيجارتها. "صغيرتى, إنه عرض خطر....غريب. لن يكون مريحاً. لا أستطيع قول ما يجب عليك عمله. عليك أن تقررى بنفسك."
أرادت فيكى ان تحصل على دعم أقوى. و مع ذلك, فقد أحست و كأن إيفلين ترسل لها رسالة مختلطة.
لا تذهبى. قد يكون ذلك سيئاً لك...إنى قلقة, أذهبى, قد تكون هذه فرصتك الوحيدة. لن أبقى موجودة إلى الأبد للأهتمام بك...إنى قلقة.
و قالت فيكى بثقة لم تشعر بها من قبل: "سوف أقوم به, ما المشكلة.....ما لدى لأخسره؟"
بدت الريبى فى عينى إيفلين. "أنه خيارك, أنت التى....." و بدأت فى السعال.
نهضت فيكى و توجهت نحوها لكن هذه الأخيرة دفعتها بحركة من يدها طالبة كأس ماء. توجهت فيكى نحو الحوض. و هى تعض على شفتيها متذكرة تحذيرات الطبيب.
لكن إيفلين ما زالت تواصل التدخين و العمل القاسى كما و كأنها لا تتعب أبداً. و توقفت هذه عن السعال لكن الدموع الألم ترقرقت فى عينيها.
و تمتمت إيفلين: "كما كنت أقول. إنه خيارك, يا صغيرتى."
و فكرت فيكى. "لا...هذا ليس خيارى لكن علىّ القيام به لنفسى و لأجلك أيضاً."
هزت إيفلين رأسها. "أنا لا أحب فكرة رجل المخاطر هذا." قالت ذلك للمرة المئة.
فقالت فيكى بإصرار: "لا تقلقى بشأنه. من يفكر برجل كهذا؟ إنه يقع على رأسه لكى يكسب معيشته."

روايات احلام/ عبير:التظاهرWhere stories live. Discover now