قاسي

257 10 6
                                    


استيقظت فوجدت الغرفة مظلمة ، ونور القمر يطل من النافذة .

رفعتُ رأسي من على الوسادة ، وجلست انظر إلى النافذة محاولاً استيعاب ما حدث لي اليوم . لكن ما إن ابعدت نظري عن النافذه ونظرت أمامي ، إذ بذلك الشبح يتأملني ويبتسم !

خفتُ كثيراً وحاولت أن أصرخ لكني لم أستطع ! ، كنت اصرخ لكن بلا صوت ! لقد اختفى صوتي كلياً ! ، لم استطع الكلام أيضاً ، فعرفت أن ذلك لن ينفعني فنهضت من السرير بسرعة واتجهت نحو الباب .

أمسكت بمقبض الباب والتفت إلى الخلف لأرى إن كان ذلك الشبح يتبعني ، لكنه كان في مكانه ولم يتحرك ، بل حرك رأسه وبصره اتجاهي وأخذ ينظر إلي وأنا أمسك بمقبض الباب المقفل .

دمعت عيني ، وبدأ صوتي يتضح شيئاً فشيئاً ، وأخذت احدثه وأقول : أرجوك ابتعد عني ، أرجوك اتركني .

وجلستُ بجانب الباب وضممتُ ركبتيّ إلى صدري ، ووضعتُ رأسي عليهما وبدأتُ بالبكاء .

* * *

مرت بضع دقائق وأنا أبكي ، فرفعتُ رأسي لأرى إن كان الشبح موجوداً أو لا !! .

كان موجوداً بالفعل ، وكان ينظر إلى ولا يتحرك لكن هناك شيء تغير ! ، لقد اختفت ابتسامته تلك وأصبح ينظر إلي بحزن .

خفتُ كثيراً من ذلك فقلت له : لا تنظر إلي هكذا أرجوك لا تؤذني .

بعدما قلت ذلك وقف الشبح ووجهه أصبح حزيناً أكثر ، وأخذ يتجه نحوي ببطء .

تسمّرتُ في مكاني وأخذت انظر إليه بخوف ، اقترب مني كثيراً حتى أصبح يجلس أمامي بوجهٍ حزين .

في هذه اللحظة أطلقت بأعلى صوتي صرخةً كادت تمزق حلقي ، وما إن صرخت حتى اختفى ذلك الشبح ! . . . . . . .

سمعت صوت ركض أقدام تقترب من باب الغرفة ، فُتح الباب وإذ بالطبيب ومعه بعض الأطباء والممرضات .

أخذ الطبيب ينظر إلي والخوف قد اعترى وجهه ، وأنا اجلس بجانب الباب وانظر إليه ودموعي على وجهي وأنا أرتجف خوفاً .

جلس الطبيب أمامي وسألني عمَّ جرى ، لكني كنت اضم ذراعيّ ودموعي تنهمر على وجنتيّ وأنا اهز رأسي يمنةًَ ويسرة.

أمسك الطبيب برأسي وأخذ يسألني : هل رأيت شبحاً ؟
وهززتُ رأسي أن نعم .

وما إن تأكد الطبيب من ذلك قال لإحدى الممرضات اللاتي حضرنَّ معه : اذهبي واتصلي بوالدة الطفل ، نحن لم نعد مسؤولين عنه الآن.

قالت الممرضة بنبرة مليئة بالخوف : حـ ... حسناً .

وعندما ذهبت الممرضة ، وقف الطبيب ذاهباً ، لكني امسكتُ بمعطفه الأبيض الطويل ، التفت الطبيب نحوي قائلاً : ماذا تريد ؟

قلت بنبرة حزينة : أرجوك لا تتركني !.

دنا الطبيب مني وقال لي بنبرة قاسية وكلامِ جارح : أنا لستُ مسؤولاً عنك وعن ذلك الشبح ، والدتك ستأتي وتأخذك من هنا وتتحمل هي ما يحصل لك ، ما يدريني من تكون أنت ! ، ربما شبح ! .. هه .

وبعدها خرج الطبيب وتبعه الباقين واغلقوا الباب .

ظللت انظر أمامي ، وكلام ذلك الطبيب القاسي أخذ يتكرر في عقلي امسكت رأسي وذرفت عيناي وأنا أردد : لماذا ؟ لماذا ؟ . . .

* * * *

مرّت بضع دقائق . . .

توقفتُ عن البكاء ، وأخذتُ نفساً عميقاً وأنا أقول في نفسي : اهدئ ... اهدئ .
وبعدها نهضت من على الأرض وجلست على السرير ، وما إن جلست حتى سمعت صوت أمي والطبيب يرتفع شيئاً فشيئاً في الممر ! .

نهضتُ ووخرجت من الغرفة ونظرتُ للخارج وإذ بالطبيب يقف في نهاية الممر ومعه ممرضتان ، وأمي تقف أمامه وتصرخ في وجهه قائلة : أهذا هو عملك ؟ أنت لا تستحق أن تكون طبيباً أبداً و.............

قاطعها الطبيب قائلاً بغضب : يكفي ، لقد تعديتي حدودك ، اسمعي ... ابنك مجنون ، وهذا ليس مشفى للمجانين ، وأنا لستُ مسؤولاً عنه .

امتلأت عينا أمي بالدموع وقالت : ابني مجنون !؟

وبعدها صرخت قائلة : ابني ليس مجنوناً ، و أنت طبيبٌ جبان ... جبان ، لقد امنتك على ابني والآن تقول أنك لست مسؤلاً عنه !! أنت لا ضمير لك حتى .

رفع الطبيب رأسه للأعلى وقال : آه ، ماذا افعل يا إلهي ؟
وبعدها اغمض عينيه وإلتفتَ إلى الخلف ومدّ يده اليسرى كهيئة المرحب ، ويده الأخرى في جيبه وهو يقول : فلتذهبي ولتسألي ابنك ما الذي حصل له ؟ وما الذي يراه ؟ .

وما إن فتح عينيه حتى رأني اقف في نهاية الممر المقابل .

تسمّر الطبيب في مكانه ، لاحظت أمي ذلك ونظرت إلى ما ينظر إليه الطبيب ، فرأتني اقف هناك ووجهي شاحب وعيناي متورمتان من فرط البكاء .

انهمرت دموع أمي على وجهها وهي تتجه نحوي وهي تقول : بُني ، أنت لستَ مجنوناً !! لستَ مجنوناً !!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

توقعاتكم للفصل القادم + رأيكم + تعليقاتكم على الفقرات .

هل جُن حسان فعلاً ؟

ما الذي ستفعله أمه نحو هذا ؟

تفاعلكم = الفصل القادم.

جُنّ جنوني | Jen crazyWhere stories live. Discover now