ترتيب الأوراد وتفصيل احياء الليل

725 4 1
                                    

كتاب ترتيب الأوراد وتفصيل إحياء الليل

وهو الكتاب العاشر [من ربع العبادات] من إحياء علوم الدين

 وبه اختتام ربع العبادات نفع الله به المسلمين

بسم الله الرحمن الرحيم

نحمد الله على آلائه حمدا كثيرا ونذكره ذكرا لا يغادر في القلب استكبارا ولا نفورا ونشكره إذ جعل الليل والنهار خلفه لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا ونصلي على نبيه الذي بعثه بالحق بشيرا ونذيرا وعلى آله الطاهرين وصحبة الأكرمين الذين اجتهدوا في عبادة الله غدوة وعشيا وبكرة وأصيلا حتى أصبح كل واحد منهم نجما في الدين هاديا وسراجا منيرا.

أما بعد فإن الله تعالى جعل الأرض ذلولا لعباده إلا ليستقروا في مناكبها بل ليتخذوها منزلا فيتزودوا منها زادا يحملهم في سفرهم إلى أوطانهم ويكتنزون منها تحفا لنفوسهم عملا وفضلا محترزين من مصايدها ومعاطبها ويتحققون أن العمر يسير بهم سير السفينة براكبها فالناس في هذا العالم سفر وأول منازلهم المهد وآخرها اللحد والوطن هو الجنة أو النار والعمر مسافة السفر فسنوه مراحله وشهوره فراسخه وأيامه أمياله وأنفاسه خطواته وطاعته بضاعته وأوقاته رءوس أمواله وشهواته وأغراضه قطاع طريقه وربحه الفوز بلقاء الله تعالى في دار السلام مع الملكالكبير والنعيم المقيم وخسرانه البعد من الله تعالى مع الأنكال والأغلال والعذاب الأليم في دركات الجحيم فالغافل في نفس من أنفاسه حتى ينقضي في غير طاعة تقربه إلى الله زلفى متعرض في يوم التغابن لغبينة وحسرة ما لها منتهى ولهذا الخطر العظيم والخطب الهائل شمر الموفقون عن ساق الجد وودعوا بالكلية ملاذ النفس واغتنموا بقايا العمر ورتبوا بحسب تكرر الأوقات وظائف الأوراد حرصا على إحياء الليل والنهار في طلب القرب من الملك الجبار والسعي إلى دار القرار فصار من مهمات علم طريق الآخرة تفصيل القول في كيفية قسمة الأوراد وتوزيع العبادات التي سبق شرحها على مقادير الأوقات ويتضح هذا المهم بذكر بابين الباب الأول في فضيلة الأوراد وترتيبها في الليل والنهار الباب الثاني في كيفية إحياء الليل وفضيلته وما يتعلق به الباب الأول في فضيلة الأوراد وترتيبها وأحكامها فضيلة الأوراد وبيان أن المواظبة عليها هي الطريق إلى الله تعالى اعلم أن الناظرين بنور البصيرة علموا أنه لا نجاة إلا في لقاء الله تعالى وأنه لا سبيل إلى اللقاء إلا بأن يموت العبد محبا لله تعالى وعارفا بالله سبحانه وأن المحبة والأنس لا تحصل إلا من دوام ذكر المحبوب والمواظبة عليه وأن المعرفة به لا تحصل إلا بدوام الفكر فيه وفي صفاته وأفعاله وليس في الوجود سوى الله تعالى وأفعاله ولن يتيسر دوام الذكر والفكر إلا بوداع الدنيا وشهواتها والاجتزاء منها بقدر البلغة والضرورة وكل ذلك لا يتم إلا باستغراق أوقات الليل والنهار في وظائف الأذكار والأفكار والنفس لما جبلت عليه من السآمة والملال لا تصبر على فن واحد من الأسباب المعينة على الذكر والفكر بل إذا ردت إلى نمط واحد أظهرت الملال والاستثقال وأن الله تعالى لا يمل حتى تملوا فمن ضرورة اللطف بها أن تروح بالتنقل من فن إلى فن ومن نوع إلى نوع بحسب كل وقت لتغزر بالانتقال لذتها وتعظم باللذة رغبتها وتدوم بدوام الرغبة مواظبتها فلذلك تقسم الأوراد قسمة مختلفة فالذكر والفكر ينبغي أن يستغرقا جميع الأوقات أو أكثرها فإن النفس بطبعها مائلة إلى ملاذ الدنيا فإن صرف العبد شطر أوقاته إلى تدبيرات الدنيا وشهواتها المباحة مثلا والشطر الآخر إلى العبادات رجح جانب الميل إلى الدنيا لموافقتها الطبع إذ يكون الوقت متساويا فأنى يتقاومان والطبع لأحدهما مرجح إذ الظاهر والباطن يتساعدان على أمور الدنيا ويصفو في طلبها القلب ويتجرد وأما الرد إلى العبادات فمتكلف ولا يسلم إخلاص القلب فيه وحضوره إلا في بعض الأوقات فمن أراد أن يدخل الجنة بغير حساب فليستغرق أوقاته في الطاعة ومن أراد أن تترجح كفة حسناته وتثقل موازين خيراته فليستوعب في الطاعة أكثر أوقاته فإن خلط عملا صالحا وآخر سيئا فأمره مخطر ولكن الرجاء غير منقطع والعفو من كرم الله منتظر فعسى الله تعالى أن يغفر له بجوده وكرمه فهذا ما انكشف للناظرين بنور البصيرة فإن لم تكن من أهله فانظر إلى خطاب الله تعالى لرسوله واقتبسه بنور الإيمان فقد قال الله تعالى لأقرب عبادة إليه وارفعهم درجة لديه إن لك في النهار سبحا طويلا واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا وقال تعالى واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا وقال تعالى وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ومن الليل فسبحه وأدبار السجود وقال سبحانه وسبح بحمد ربك حين تقوم ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم وقال تعالى إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا وقال تعالى ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى وقال عز وجل وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ثم انظر كيف وصف الفائزين من عباده وبماذا وصفهم فقال تعالى أمن هو قانتآناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون وقال تعالى تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا وقال عز وجل والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما وقال عز وجل كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون وقال عز وجل فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وقال تعالى ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه فهذا كله يبين لك أن الطريق إلى تعالى مراقبة الأوقات وعمارتها بالأوراد على سبيل الدوام ولذلك قال صلى الله عليه وسلم أحب عباد الله إلى الله الذين يراعون الشمس والقمر والأظلة لذكر الله تعالى كتاب الأوراد وفضل إحياء الليل الباب الأول في فضيلة الأوراد حديث أحب عباد الله إلى الله الذين يراعون الشمس والقمر والأهلة لذكر الله أخرجه الطبراني والحاكم وقال صحيح الإسناد من حديث ابن أبي أوفى بلفظ خيار عباد الله وقد قال تعالى الشمس والقمر بحسبان وقال تعالى ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا وقال تعالى والقمر قدرناه منازل وقال تعالى وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر فلا تظنن أن المقصود من سير الشمس والقمر بحسبان منظوم مرتب ومن خلق الظل والنور والنجوم أن يستعان بها على أمور الدنيا بل لتعرف بها مقادير الأوقات فتشتغل فيها بالطاعات والتجارة للدار الآخرة يدلك عليه قوله تعالى وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا أي يخلف أحدهما الآخر ليتدارك في أحدهما ما فات في الآخر وبين أن ذلك للذكر والشكر لا غير وقال تعالى وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وإنما الفضل المبتغى هو الثواب والمغفرة ونسأل الله حسن التوفيق لما يرضيه بيان أعداد الأوراد وترتيبها اعلم أن أوراد النهار سبعة فما بين طلوع الصبح إلى طلوع قرص الشمس ورد وما بين طلوع الشمس إلى الزوال وردان وما بين الزوال إلى وقت العصر وردان وما بين العصر إلى المغرب وردان والليل ينقسم إلى أربعة أوراد وردان من المغرب إلى وقت نوم الناس ووردان من النصف الأخير من الليل إلى طلوع الفجر فلنذكر فضيلة كل ورد ووظيفته وما يتعلق به فالورد الأول ما بين طلوع الصبح إلى طلوع الشمس وهو وقت شريف ويدل على شرفه وفضله إقسام الله تعالى به إذ قال والصبح إذا تنفس وقدحه به إذ قال فالق الإصباح وقال تعالى قل أعوذ برب الفلق وإظهاره القدرة بقبض الظل فيه إذ قال تعالى ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا وهو وقت قبض ظل الليل ببسط نور الشمس وإرشاده الناس إلى التسبيح فيه بقوله تعالى فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وبقوله تعالى فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها وقوله عز وجل ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى وقوله تعالى واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا فأما ترتيبه فليأخذ من وقت انتباهه من النوم فإذا انتبه فينبغي أن يبتدىء بذكر الله تعالى فيقول الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور إلى آخر الأدعية والآيات التي ذكرناها في دعاء الاستيقاظ من كتاب الدعواتوليلبس ثوبه وهو في الدعاء وينوي به ستر عورته امتثالا لأمر الله تعالى واستعانة به على عبادته من غير قصد رياء ولا رعونة ثم يتوجه إلى بيت الماء إن كان به حاجة إلى بيت الماء ويدخل أولا رجله اليسرى ويدعو بالأدعية التي ذكرناها فيه في كتاب الطهارة عند الدخول والخروج ثم يستاك على السنة كما سبق ويتوضأ مراعيا لجميع السنن والأدعية التي ذكرناها في الطهارة فإنا إنما قدمنا آحاد العبادات لكي نذكر في هذا الكتاب وجه التركيب والترتيب فقط فإذا فرغ من الوضوء صلى ركعتي الفجر أعني السنة في منزله حديث صلاة ركعتي الصبح في المنزل متفق عليه من حديث حفصة كذلك كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقرأ بعد الركعتين سواء أداهما في البيت أو المسجد الدعاء الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما ويقول اللهم إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي إلا آخر الدعاء حديث الدعاء بعد ركعتي الصبح اللهم إني أسألك رحمة من عندك الحديث تقدم ثم يخرج من البيت متوجها إلى المسجد ولا ينسى دعاء الخروج إلى المسجد لا يسعى إلى الصلاة سعيا بل يمشي وعليه السكينة والوقار حديث المشي إلى الصلاة وعليه السكينة متفق عليه من حديث أبي هريرة كما ورد به الخبر ولا يشبك بين أصابعه ويدخل المسجد ويقدم رجله اليمنى ويدعو بالدعاء المأثور لدخول المسجد حديث الدعاء المأثور لدخول المسجد تقدم في الباب الخامس من الأذكار ثم يطلب من المسجد الصف الأول إن وجد متسعا ولا يتخطى رقاب الناس ولا يزاحم كما سبق ذكره في كتاب الجمعة ثم يصلي ركعتي الفجر إن لم يكن صلاهما في البيت ويشتغل بالدعاء المذكور بعدهما وإن كان قد صلى ركعتي الفجر صلى ركعتي التحية وجلس منتظرا للجماعة والأحب التغليس بالجماعة فقد كان صلى الله عليه وسلم يغلس بالصبح حديث التغليس في الصبح متفق عليه من حديث عائشة ولا ينبغي أن يدع الجماعة في الصلاة عامة وفي الصبح والعشاء خاصة فلهما زيادة فضل فقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في صلاة الصبح من توضأ ثم توجه إلى المسجد ليصلي فيه الصلاة كان له بكل خطوة حسنة ومحى عنه سيئة والحسنة بعشر أمثالها فإذا صلى ثم انصراف عند طلوع الشمس كتب له بكل شعرة في جسده حسنة وانقلب بحجة مبرورة فإن جلس حتى يركع الضحى كتب له بكل ركعة ألفا ألف حسنة ومن صلى العتمة فله مثل ذلك وانقلب بعمرة مبرورة حديث أنس في صلاة الصبح من توضأ ثم توجه إلى المسجد يصلي فيه الصلاة كان له بكل خطوة حسنة ومحى عنه سيئة والحسنة بعشر أمثالها وإذا صلى ثم انصرف عند طلوع الشمس كتب له بكل شعرة في جسده حسنة وانقلب بحجة مبرورة فإن جلس حتى يركع كتب له بكل ركعة ألفا ألف حسنة ومن صلى العتمة فله مثل ذلك وانقلب بحجة مبرورة لم أجد له أصلا بهذا السياق وفي شعب الإيمان للبيهقي من حديث أنس بسند ضعيف ومن صلى المغرب في جماعة كان له كحجة مبرورة وعمرة متقبلة وكان من عادة السلف دخول المسجد قبل طلوع الفجر قال رجل من التابعين دخلت المسجد قبل طلوع الفجر فلقيت أبا هريرة قد سبقني فقال لي يا ابن أخي لأي شيء خرجت من منزلك في هذه الساعة فقلت لصلاة الغداة فقال أبشر فإنا كنا نعد خروجنا وقعودنا في المسجد في هذه الساعة بمنزلة غزوة في سبيل الله تعالى حديث أبي هريرة كنا نعد خروجنا وقعودنا في المجلس في هذه الساعة بمنزلة غزوة في سبيل الله لم أقف له على أصل أو قال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة رضي الله عنهما وهما نائمان فقال ألا تصليان قال علي فقلت يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله تعالى فإذا شاء أن يبعثها بعثها فانصرف صلى الله عليه وسلم فسمعته وهو منصرف يضرب فخذه ويقول وكان الإنسان أكثر شيء جدلا حديث علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة وهما نائمان فقال ألا تصليان قال علي فقلت يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله الحديث متفق عليه ثم ينبغي أن يشتغل بعد ركعتي الفجر ودعائه بالاستغفار والتسبيح إلى أن تقام الصلاة فيقول أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه سبعين مرةوسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر مائة مرة ثم يصلي الفريضة مراعيا جميع ما ذكرناه من الآداب الباطنة والظاهرة في الصلاة والقدوة فإذا فرغ منها قعد في المسجد إلى طلوع الشمس في ذكر الله تعالى كما سنرتبه فقد قال صلى الله عليه وسلم لأن أقعد في مجلسي أذكر الله تعالى فيه من صلاة الغداة إلى طلوع الشمس أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب حديث لأن أقعد في مجلس أذكر الله فيه من صلاة الغداة إلى طلوع الشمس أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب أخرجه أبو داود من حديث أنس وتقدم في الباب الثالث من العلم وروي أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى الغداة قعد في مصلاه حتى تطلع الشمس وفي بعضها ويصلي ركعتين حديث كان إذا صلى الغداة قعد في مصلاه حتى تطلع الشمس وفي بعضها ويصلي ركعتين أي بعد الطلوع أخرجه مسلم من حديث جابر بن سمرة دون ذكر الركعتين والترمذي من حديث أنس وحسنه من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة أي بعد الطلوع وقد ورد في فضل ذلك ما لا يحصى وروى الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيما يذكره من رحمة ربه يقول إنه قال يا ابن آدم اذكرني بعد صلاة الفجر ساعة وبعد صلاة العصر ساعة أكفك ما بينهما حديث الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيما يذكر من رحمة ربه أنه قال يا ابن آدم اذكرني من بعد صلاة الفجر ساعة وبعد صلاة العصر ساعة أكفك ما بينهما أخرجه ابن المبارك في الزهد هكذا مرسلا وإذا ظهر فضل ذلك فليقعد ولا يتكلم إلى طلوع الشمس بل ينبغي أن تكون وظيفته إلى الطلوع أربعة أنواع أدعية وأذكار ويكررها في سبحة وقراءة قرآن وتفكر أما الأدعية فكلما يفرغ من صلاته فليبدأ وليقل اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد وسلم اللهم أنت السلام ومنك السلام وإليك يعود السلام حينا ربنا بالسلام وأدخلنا دار السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ثم يفتتح الدعاء بما كان يفتتح به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قوله سبحان ربي العلي الأعلى الوهاب لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله أهل النعمة والفضل والثناء الحسن لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون حديث كان يفتتح الدعاء بسبحان ربي العلي الأعلى الوهاب تقدم ثم يبدأ بالأدعية التي أوردناها في الباب الثالث والرابع من كتاب الأدعية فيدعو بجميعها إن قدر عليه أو يحفظ من جملتها ما يراه أوفق بحاله وأرق لقلبه وأخف على لسانه وأما الأذكار المكررة فهي كلمات ورد في تكرارها فضائل لم نطول بإيرادها وأقل ما ينبغي أن يكرر كل واحد منها ثلاثا أو سبعا وأكثره مائة أو سبعون وأوسطه عشر فليكررها بقدر فراغه وسعة وقته وفضل الأكثر أكثروالأوسط الأقصد أن يكررها عشر مرات فهو أجدر بأن يدوم عليه خير الأمور ادومها وإن قل وكل وظيفة لا يمكن المواظبة على كثيرها فقليلها مع المداومة أفضل وأشد تأثيرا في القلب مع كثيرها مع الفترة ومثال القليل الدائم كقطرات ماء تتقاطر على الأرض على التوالي فتحدث فيها حفيرة ولو وقع ذلك على الحجر ومثال الكثير المتفرق ماء يصب دفعة أو دفعات متفرقة متباعدة الأوقات فلا يبين لها أثر ظاهر وهذه الكلمات عشرة الأولى قوله لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير حديث الفضل في تكرار لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير تقدم من حديث أبي أيوب تكرارها عشرا دون قوله يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير فإنها في اليوم والليلة للنسائي من حديث أبي ذر دون قوله وهو حي لا يموت وهي كلها عند البزار من حديث عبد الرحمن بن عوف فيما يقال عند الصباح والمساء وتقدم تكرارها مائة ومائتين وللطبراني الدعاء من حديث عبد الله بن عمر وتكرارها ألف مرة وإسناد ضعيف الثانية قوله سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا باللهالعلي العظيم حديث الفضل في تكرار سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله أخرجه النسائي في اليوم والليلة وابن حبان والحاكم وصححه من حديث أبي سعيد الخدري استكثروا من الباقيات الصالحات فذكرها الثالثة قوله سبوح قدوس رب الملائكة والروح حديث تكرار سبوح قدوس رب الملائكة والروح لم أجد ذكرها مكررة ولكن عند مسلم من حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان يقولها في ركوعه وسجوده وقد تقدم ولأني الشيخ في الثواب من حديث البراء أكثر من أن تقول سبحان الملك القدوس رب الملائكة والروح الرابعة قوله سبحان الله العظيم وبحمده حديث تكرار سبحان الله وبحمده متفق عليه من حديث أبي هريرة من قال ذلك في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر الخامسة قوله أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأسأله التوبة حديث تكرار أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأسأله التوبة أخرجه المستغفري في الدعوات من حديث معاذ أن من قالها بعد الفجر وبعد العصر ثلاث مرات كفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر ولفظه وأنوب إليه وفيه ضعف وهكذا رواه الترمذي من حديث أبي سعيد في قولها ثلاثا وللبخاري من حديث أبي هريرة إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ولم يقل الطبراني أكثر ولمسلم من حديث الأعرابي لأستغفر الله في كل يوم مائة مرة تقدمت هذه الأحاديث في الباب الثاني من الأذكار السادسة قوله اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد حديث تكرار اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد لم أجد تكرارها في حديث وإنما وردت مطلقة عقب الصلوات وفي الرفع من الركوع السابعة قوله لا إله إلا الله الملك الحق المبين حديث تكرار لا إله إلا الله الملك الحق المبين أخرجه المستغفري في الدعوات والخطيب في الرواة عن مالك من حديث علي من قالها في يوم مائة مرة كان له أمان من الفقر وأمان من وحشة القبر واستجلب به الغنى واستقرع باب الجنة وفيه الفضل بن غانم ضعيف ولأبي نعيم في الحلية من قال ذلك في كل يوم وليلة مائتى مرة لم يسأل الله فيهما حاجة الا قضاها وفيه سليم الخواص وقال فيه أظنه عن علي الثامنة قوله بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم حديث تكرار بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم أخرجه أصحاب السنن وابن حبان والحاكم وصححه من حديث عثمان من قال ذلك ثلاث مرات حين يمسي لم يصبه فجأة بلاء حتى يصبح ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات لم يصبه فجأة بلاء حتى يمسي قال الترمذي حسن صحيح غريب التاسعة اللهم صل على محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم حديث تكرار اللهم صل على محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آل محمد ذكره أبو القاسم محمد بن عبد الواحد الغافقي في فضائل القرآن من حديث ابن أبي أوفى من أراد أن يموت في السماء الرابعة فليقل كل يوم ثلاث مرات فذكره وهو منكر قلت ورد التكرار عند الصباح والمساء من غير تعبير لهذه الصبغة رواه الطبراني من حديث أبي الدرداء بلفظ من صلى علي حين يصبح عشرا وحين يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة وفيه انقطاع العاشرة قوله أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون حديث تكرار أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم أعوذ بالله من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون أخرجه الترمذي من حديث معقل بن يسار من قال حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك الحديث ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة وقال حسن غريب ولابن أبي الدنيا من حديث أنس مثل حديث مقطوع قبله من قالها حين يصبح عشر مرات أجير من الشيطان إلى الصبح الحديث ولأبي الشيخ في الثواب من حديث عائشة ألا أعلمك يا خالد كلمات تقولها ثلاث مرات قل أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون والحديث عند أبي داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه فيما يقال عند الفزع دون تكرارها ثلاثا من حديث عبد الله بن عمرو فهذه العشر كلمات إذا كرر كل واحدة عشر مرات حصل له مائة مرة فهو أفضل من أن يكرر ذكرا واحدا مائة مرة لأن لكل واحدة من هؤلاء الكلمات فضلا على حياله وللقلب بكل واحد نوع تنبه وتلذذ وللنفس في الانتقال من كلمة إلى كلمة نوع استراحة وأمن من الملل فأما القراءة فيستحب له قراءة جملة من الآياتوردت الأخبار بفضلها وهو أن يقرأ سورة الحمد حديث فضل سورة الحمد أخرجه البخاري من حديث أبي سعيد بن المعلى أنها أعظم السور في القرآن ومسلم من حديث ابن عباس في الملك الذي نزل إلى الأرض وقال للنبي صلى الله عليه وسلم أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب وخواتم سورة البقرة لم تقرأ بحرف منها إلا أعطيته وآية الكرسي حديث فضل آية الكرسي أخرجه مسلم من حديث أبي بن كعب يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم قلت الله لا إله إلا هو الحي القيوم الحديث والبخاري من حديث أبي هريرة في توكيله بحفظ تمر الصدقة ومجيء الشيطان إليه وقوله إذا آويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي فإنه لن يزال عليك من الله حافظ الحديث وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنه قد صدقك وهو كذوب وخاتمة البقرة حديث فضل خاتمة البقرة متفق عليه من حديث أبي مسعود من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه وتقدم حديث ابن عباس قبله بحديث من قوله آمن الرسول وشهد الله حديث فضل شهد الله أخرجه أبو الشيخ وابن حبان في كتاب الثواب من حديث ابن مسعود من قرأ شهد الله إلى قوله الإسلام ثم قال وأنا أشهد بما شهد الله به وأستودع الله هذه الشهادة وهي لي عنده وديعة جيء به يوم القيامة فقيل له عبدي هذا عهد إلي عهدا وأنا أحق من وفى بالعهد أدخلوا عبدي الجنة وفيه عمر بن المختار روى الأباطيل قاله ابن عدي وسيأتي حديث علي بعده وقل اللهم مالك الملك الآيتين حديث فضل قل اللهم مالك الملك الآيتين أخرجه المستغفري في الدعوات من حديث علي أن فاتحة الكتاب وآية الكرسي والآيتين من آل عمران شهد الله إلى قوله الإسلام وقل اللهم مالك الملك إلى قوله بغير حساب معلقات ما بينهن وبين الله حجاب الحديث وفيه فقال الله لا يقرأ كل أحد من عبادي دبر كل صلاة إلا جعلت الجنة مثواه الحديث وفيه الحارث بن عمير وفي ترجمته ذكره ابن حبان في الضعفاء وقال موضوع لا أصل له والحارث يروي عن الأثبات الموضوعات قلت وثقه حماد بن زيد وابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي وروى له البخاري تعليقا وقوله تعالى لقد جاءكم رسول من أنفسكم إلى آخرها حديث فضل لقد جاءكم رسول من أنفسكم إلى آخرها أخرجه الطبراني في الدعاء من حديث أنس بسند ضعيف علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحترز به من كل شيطان رجيم ومن كل جبار عنيد فذكر حديثا وفي آخره فقل حسبي الله إلى آخر السورة وذكر أبو القاسم الغافقي في فضائل القرآن في رغائب القرآن لعبد الملك بن حبيب من رواية محمد بن بكار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لزم قراءة لقد جاءكم رسول من أنفسكم إلى آخر السورة لم يمت هدما ولا غرقا ولا حرقا ولا ضربا بحديدة وهو ضعيف وقوله تعالى لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق إلى آخرها حديث فضل لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لم أجد فيه حديثا يخصها لكن في فضل سورة الفتح ما رواه أبو الشيخ في كتاب من حديث أبي بن كعب من قرأ سورة الفتح فكأنما شهد فتح مكة مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث موضوع وقوله سبحانه الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا حديث فضل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا الآية أخرجه أحمد والطبراني من حديث معاذ بن أنس آية العز الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا الآية كلها وإسناده ضعيف الآية وخمس آيات من أول الحديد حديث فضل خمس آيات من أول الحديد ذكر أبو القاسم الغافقي في فضائل القرآن من حديث علي إذا أردت أن تسأل الله حاجة فاقرأ خمس آيات من أول سورة الحديد إلى قوله عليم بذات الصدور ومن آخر سورة الحشر من قوله لو أنزلنا هذا القرآن على جبل إلى آخر السورة ثم تقول يا من هو كذا افعل بي كذا وتدعو بما تريد وثلاثا من آخر سورة الحشر حديث فضل ثلاث آيات من آخر سورة الحشر أخرجه الترمذي من حديث معقل بن يسار وقد تقدم قبل هذا وللبيهقي في الشعب من حديث أبي أمامة بسند ضعيف من قرأ خواتيم سورة الحشر في ليل أو نهار فمات من يومه أو ليلته فقد أوجب الله له الجنة وإن قرأ المسبعات العشر التي أهداها الخضر عليه السلام إلى إبراهيم التيمي رحمه الله ووصاه أن يقولها غدوة وعشية فقد استكمل الفضل وجمع له ذلك فضيلة جملة الأدعية المذكورة فقد روي عن كرز بن وبرة رحمه الله وكان من الأبدال قال أتاني أخ لي من أهل الشام فأهدى لي هدية وقال يا كرز اقبل مني هذه الهدية فإنها نعمت الهدية فقلت يا أخي ومن أهدى لك هذه الهدية قال أعطانيها إبراهيم التيمي قلت أفلم تسأل إبراهيم من أعطاه إياها قال كنت جالسا في فناء الكعبة وأنا في التهليل والتسبيح والتحميد والتمجيد فجاءني رجل فسلم علي وجلس عن يميني فلم أر في زماني أحسن منه وجها ولا أحسن منه ثيابا ولا أشد بياضا ولا أطيب ريحا منه فقلت يا عبد الله من أنت ومن أين جئت فقال أنا الخضر فقلت في أي شيء جئتني فقال جئتك للسلام عليك وحبا لك في الله وعندي هدية أريد أن أهديها لك فقلت ما هي قال أن تقولقبل طلوع الشمس وقبل انبساطها على الأرض وقبل الغروب سورة الحمد وقل أعوذ برب الناس وقل أعوذ برب الفلق وقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون وآية الكرسي كل واحدة سبع مرات وتقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر سبعا وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم سبعا وتستغفر لنفسك ولوالديك والمؤمنين وللمؤمنات سبعا وتقول اللهم افعل بي وبهم عاجلا وآجلا في الدين والدنيا والآخرة ما أنت له أهل ولا تفعل بنا يا مولانا ما نحن له أهل إنك غفور حليم جواد كريم رءوف رحيم سبع مرات وانظر أن لا تدع ذلك غدوة وعشية فقلت أحب أن تخبرني من أعطاك هذه العطية العظيمة فقال أعطانيها محمد صلى الله عليه وسلم حديث كرز بن وبرة من أهل الشام عن إبراهيم التيمي أن الخضر علمه المسبعات العشرة وقال في آخرها أعطانيها محمد صلى الله عليه وسلم ليس له أصل ولم يصح في حديث قط اجتماع الخضر بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا عدم اجتماعه ولا حياته ولا موته فقلت أخبرني بثواب ذلك فقال إذا لقيت محمدا صلى الله عليه وسلم فاسأله عن ثوابه فإنه يخبرك بذلك فذكر إبراهيم التيمي أنه رأى ذات يوم في منامه كأن الملائكة جاءته فاحتملته حتى أدخلوه الجنة فرأى ما فيها ووصف أمورا عظيمة مما رآه في الجنة قال فسألت الملائكة فقلت لمن هذا فقالوا للذي يعمل مثل عملك وذكر أنه أكل من ثمرها وسقوه من شرابها قال قال فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم ومعه سبعون نبيا وسبعون صفا من الملائكة كل صف مثل ما بين المشرق والمغرب فسلم علي وأخذ بيدي فقلت يا رسول الله الخضر أخبرني أنه سمع منك هذا الحديث فقال صدق الخضر صدق الخضر وكل ما يحكيه فهو حق وهو عالم أهل الأرض وهو رئيس الأبدال وهو من جنود الله تعالى في الأرض فقلت يا رسول الله فمن فعل هذا أو عمله ولم ير مثل الذي رأيت في منامي هل يعطى شيئا مما أعطيته فقال والذي بعثني بالحق نبيا إنه ليعطى العامل بهذا وإن لم يرني ولم ير الجنة إنه ليغفر له جميع الكبائر التي عملها ويرفع الله تعالى عنه غضبه ومقته ويأمر صاحب الشمال أن لا يكتب عليه خطيئة من السيئات إلى سنة والذي بعثني بالحق نبيا ما يعمل بهذا إلا من خلقه الله سعيدا ولا يتركه إلا من خلقه الله شقيا وكان إبراهيم التيمي يمكث أربعة أشهر لم يطعم ولم يشرب فلعله كان بعد هذه الرؤيا فهذه وظيفة القراءة فإن أضاف إليها شيئا مما انتهى إليه ورده من القرآن أو اقتصر عليه فهو حسن فإن القرآن جامع لفضل الذكر والفكر والدعاء مهما كان بتدبر كما ذكرنا فضله وآدابه في باب التلاوة وأما الأفكار فليكن ذلك إحدى وظائفه وسيأتي تفصيل ما يتفكر فيه وكيفيته في كتاب التفكر من ربع المنجيات ولكن مجامعه ترجع إلى فنين أحدهما أن يتفكر فيما ينفعه من المعاملة بأن يحاسب نفسه فيما سبق من تقصيره ويرتب وظائفه في يومه الذي بين يديه ويدبر في دفع الصوارف والعوائق الشاغلة له عن الخير ويتذكر تقصيره وما يتطرق إليه الخلل من أعماله ليصلحه ويحضر في قلبه النيات الصالحة من أعماله في نفسه وفي معاملته للمسلمين والفن الثاني فيما ينفعه في علم المكاشفة وذلك بأن يتفكر مرة في نعم الله تعالى وتواتر آلاته الظاهرة والباطنة لتزيد معرفته بها ويكثر شكره عليها أو في عقوباته ونقماته لتزيد معرفته بقدرة الإله واستغنائه ويزيد خوفه منها ولكل واحد من هذه الأمور شعب كثيرة يتسع التفكر فيها على بعض الخلق دون البعض وإنما نستقضي ذلك في كتاب التفكر ومهما تيسر الفكر فهو أشرف العبادات إذ فيه معنى الذكر لله تعالى وزيادة أمرين أحدهما زيادة المعرفة إذ الفكر مفتاح المعرفة والكشف والثاني زيادة المحبة إذ لا يحب القلب إلا من اعتقد تعظيمه ولا تنكشف عظمة الله سبحانه وجلاله إلا بمعرفة صفاته ومعرفة قدرته وعجائب أفعاله فيحصل من الفكر المعرفة ومن المعرفة التعظيم ومن التعظيم المحبة والذكر أيضا يورث الأنس وهو نوع من المحبة ولكن المحبة التي سببها المعرفةأقوى وأثبت وأعظم ونسبة محبة العارف إلى أنس الذاكر من غير تمام الاستبصار كنسبة عشق من شاهد جمال شخص بالعين واطلع على حسن أخلاقه وأفعاله وفضائله وخصاله الحميدة بالتجربة إلى أنس من كرر على سمعه وصف شخص غائب عن عينه بالحسن في الخلق والخلق مطلقا من غير تفصيل وجوه الحسن فيهما فليس محبته له كمحبة المشاهد وليس الخبر كالمعاينة فالعباد المواظبون على ذكر الله بالقلب واللسان الذين يصدقون بما جاءت به الرسل بالإيمان التقليدي ليس معهم من محاسن صفات الله تعالى إلا أمور جميلة اعتقدوها بتصديق عن وصفها لهم والعارفون هم الذين شاهدوا ذلك الجلال والجمال بعين البصيرة الباطنة التي هي أقوى من البصر الظاهر لأن أحدا لم يحط بكنه جلاله وجماله فإن ذلك غير مقدور لأحد من الخلق ولكن كل واحد شاهد بقدر ما رفع له من الحجاب ولا نهاية لجمال حضرة الربوبية ولا لحجبها وإنما عدد حجبها التي استحقت أن تسمى نورا وكاد يظن الواصل إليها أنه قد تم وصوله إلى الأصل سبعون حجابا قال صلى الله عليه وسلم إن لله سبعين حجابا من نور لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل ما أدرك بصره حديث إن لله سبعين حجابا من نور الحديث تقدم في قواعد العقائد وتلك الحجب أيضا مترتبة وتلك الأنوار متفاوتة في الرتب تفاوت الشمس والقمر والكواكب ويبدو في الأول أصغرها ثم ما يليه وعليه أول بعض الصوفية درجات ما كان يظهر لإبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم في ترقيه وقال فلما جن عليه الليل أي أظلم عليه الأمر رأى كوكبا أي وصل إلى حجاب من حجب النور فعبر عنه بالكوكب وما أريد به هذه الأجسام المضيئة فإن آحاد العوام لا يخفى عليهم أن الربوبية لا تليق بالأجسام بل يدركون ذلك بأوائل نظرهم فما لا يضلل العوام لا يضلل الخليل عليه السلام والحجب المسماة أنوارا ما أريد بها الضوء المحسوس بالبصر بل أريد بها ما أريد بقوله تعالى الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح الآية ولنتجاوز هذه المعاني فإنها خارجة عن علم المعاملة ولا يوصل إلى حقائقها إلا الكشف التابع للفكر الصافي وقل من ينفتح له بابه والمتيسر على جماهير الخلائق الفكر فيما يفيد في علم المعاملة وذلك أيضا مما تغزر فائدته ويعظم نفعه فهذه الوظائف الأربعة أعني الدعاء والذكر والقراءة والفكر ينبغي أن تكون وظيفة المريد بعد صلاة الصبح بل في كل ورد بعد الفراغ من وظيفة الصلاة فليس بعد الصلاة وظيفة سوى هذه الأربع ويقوى على ذلك بأن يأخذ سلاحه ومجنته والصوم هو الجنة التي تضيق مجاري الشيطان المعادي الصارف له على سبيل الرشاد وليس بعد طلوع الصبح صلاة سوى ركعتي الفجر وفرض الصبح إلى طلوع الشمس وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضى الله عنهم يشتغلون في هذا الوقت بالأذكار حديث اشتغاله بالأذكار من الصبح إلى طلوع الشمس تقدم حديث جابر بن سمرة عند مسلم في جلوسه صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر في مجلسه حتى تطلع الشمس وليس فيه ذكر اشتغاله بالذكر وإنما هو من قوله عما تقدم من حديث أنس وهو الأولى إلى أن يغلبه النوم قبل الفرض ولم يندفع إلا بالصلاة فلو صلى لذلك فلا بأس به الورد الثاني ما بين طلوع الشمس إلى ضحوة النهار وأعني بالضحوة منتصف ما بين طلوع الشمس إلى الزوال وذلك بمضي ثلاث ساعات من النهار إذا فرض النهار اثنتي عشرة ساعة وهو الربع وفي هذا الربع من النهار وظيفتان زائدتان إحداهما صلاة الضحى وقد ذكرناها في كتاب الصلاة وأن الأولى أن يصلي ركعتين عند الإشراق وذلك إذا انبسطت الشمس وارتفعت قدر نصف رمح ويصلي أربعا أو ستا أو ثمانيا إذا رمضت الفصال وضحيت الأقدام بحر الشمس فوقت الركعتين هو الذي أراد الله تعالى بقوله يسبحن بالعشي والإشراق فإنه وقت إشراق الشمس وهو ظهور تمام نورها بارتفاعها عن موازات البخارات والغبارات التي على وجه الأرضفإنها تمنع إشرافها التام ووقت الركعات الأربع هو الضحى الأعلى الذي أقسم الله تعالى به فقال والضحى والليل إذا سجى وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه وهم يصلون عند الإشراق فنادى بأعلى صوته ألا إن صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال حديث خرج على أصحابه وهم يصلون عند الإشراق فنادى بأعلى صوته إلا إن صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال أخرجه الطبراني من حديث زيد بن أرقم دون قوله فنادى بأعلى صوته وهو عند مسلم دون ذكر الإشراق فلذلك نقول إذا كان يقتصر على مرة واحدة في الصلاة فهذا الوقت أفضل لصلاة الضحى وإن كان أصل الفضل يحصل بالصلاة بين طرفي وقتي الكراهة وهو ما بين ارتفاع الشمس بطلوع نصف رمح بالتقريب إلى ما قبل الزوال في ساعة الاستواء واسم الضحى ينطلق على الكل وكأن ركعتي الإشراق تقع في مبتدأ وقت الإذن في الصلاة وانقضاء الكراهة إذ قال صلى الله عليه وسلم إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان فإذا ارتفعت فارقها حديث إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان فإذا ارتفعت فارقها تقدم في الصلاة فأقل ارتفاعها أن ترتفع عن بخارات الأرض وغبارها وهذا يراعى بالتقريب الوظيفة الثانية في هذا الوقت الخيرات المتعلقة بالناس التي جرت بها العادات بكرة من عيادة مريض وتشييع جنازة ومعاونة على بر وتقوى وحضور مجلس علم وما يجري مجراه من قضاء حاجة لمسلم وغيرها فإن لم يكن شيء من ذلك عاد إلى الوظائف الأربع التي قدمناها من الأدعية والذكر والقراءة والفكر والصلوات المتطوع بها إن شاء فإنها مكروهة بعد صلاة الصبح وليست مكروهة الآن فتصير الصلاة قسما خامسا من جملة وظائف هذا الوقت لمن أراده أما بعد فريضه الصبح فتكره كل صلاة لا سبب لها وبعد الصبح الأحب أن يقتصر على ركعتي الفجر وتحية المسجد ولا يشتغل بالصلاة بل بالأذكار والقراءة والدعاء والفكر الورد الثالث من ضحوة النهار إلى الزوال ونعني بالضحوة المنتصف وما قبله بقليل وإن كان بعد كل ثلاث ساعات أمر بصلاة فإذا انقضى ثلاث ساعات بعد الطلوع فعندها وقبل مضيها صلاة الضحى فإذا مضت ثلاث ساعات أخرى فالظهر فإذا مضت ثلاث ساعات أخرى فالعصر فإذا مضت ثلاث أخرى فالمغرب ومنزلة الضحى بين الزوال والطلوع كمنزلة العصر بين الزوال والغروب إلا أن الضحى لم تفرض لأنه وقت انكباب الناس على أشغالهم فخفف عنهم الوظيفة الرابعة في هذا الوقت الأقسام الأربعة وزيد أمران أحدهما الاشتغال بالكسب وتدبير المعيشة وحضور السوق فإن كان تاجرا فينبغي أن يتجر بصدق وأمانة وإن كان صاحب صناعة فبنصح وشفقة ولا ينسى ذكر الله تعالى في جميع أشغاله ويقتصر من الكسب على قدر حاجته ليومه مهما قدر على أن يكتسب في كل يوم لقوته فإذا حصل كفاية يومه فليرجع إلى بيت ربه وليتزود لآخرته فإن الحاجة إلى زاد الآخرة أشد والتمتع به أدوم فاشتغاله بكسبه أهم من طلب الزيادة على حاجة الوقت فقد قيل لا يوجد المؤمن إلا في ثلاث مواطن مسجد يعمره أو بيت يستره أو حاجة لا بد له منها وقل من يعرف القدر فيما لا بد منه بل أكثر الناس يقدرون فيما عنه بد أنه لا بد لهم منه وذلك لأن الشيطان يعدهم الفقر ويأمرهم بالفحشاء فيصغون إليه ويجمعون ما لا يأكلون خيفة الفقر والله يعدهم مغفرة منه وفضلا فيعرضون عنه ولا يرغبون فيه الأمر الثاني القيلولة وهي سنة يستعان بها على قيام الليل كما أن التسحر سنة يستعان به على صيام النهار فإن كان لا يقوم بالليل لكن لو لم ينم لم يشتغل بخير وربما خالط أهل الغفلة وتحدث معهم فالنوم أحب له إذا كان لا ينبعث نشاطه للرجوع إلى الأذكار والوظائف المذكورة إذ في النوم الصمت والسلامة وقد قال بعضهم يأتي على الناس زمان الصمت والنوم فيه أفضل أعمالهم وكم من عابد أحسن أحواله النوم وذلك إذا كان يرائى بعبادته ولا يخلص فيها فكيف بالغافلالفاسق قال سفيان الثوري رحمه الله كان يعجبهم إذا تفرغوا أن يناموا طلبا للسلامة فإذا كان نومه على قصد طلب السلامة ونية قيام الليل كان نومه قربة ولكن ينبغي أن يتنبه قبل الزوال بقدر الاستعداد للصلاة بالوضوء وحضور المسجد قبل دخول وقت الصلاة فإن ذلك من فضائل الأعمال وإن لم ينم ولم يشتغل بالكسب واشتغل بالصلاة والذكر فهو أفضل أعمال النهار لأنه وقت غفلة الناس عن الله عز وجل واشتغالهم بهموم الدنيا فالقلب المتفرغ لخدمة ربه عند إعراض العبيد عن بابه جدير بأن يزكيه الله تعالى ويصطفيه لقربه ومعرفته وفضل ذلك كفضل إحياء الليل فإن الليل وقت الغفلة بالنوم وهذا وقت الغفلة باتباع الهوى والاشتغال بهموم الدنيا وأحد معنى قوله تعالى وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن اراد أن يذكر أي يخلف أحدهما الآخر في الفضل والثاني أنه يخلفه فيتدارك فيه ما فات في أحدهما الورد الرابع ما بين الزوال إلى الفراغ من صلاة الظهر وراتبته وهذا أقصر أوراد النهار وأفضلها فإذا كان قد توضأ قبل الزوال وحضر المسجد فمهما زالت الشمس وابتدأ المؤذن الأذان فليصبر إلى الفراغ من جواب أذانه ثم ليقم إلى إحياء ما بين الأذان والإقامة فهو وقت الإظهار الذي أراده الله تعالى بقوله وحين تظهرون وليصل في هذا الوقت أربع ركعات لا يفصل بينهن بتسليمة واحدة حديث صلاة أربع بعد الزوال بتسليمة واحدة وفيه أنها فيها تفتح أبواب السماء وأنها ساعة يستجاب فيها الدعاء فأحب أن يرفع لي فيها عمل صالح أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث أبي أيوب وقد تقدم في الصلاة في الباب السادس وهذه الصلاة وحدها من بين سائر صلوات النهار نقل بعض العلماء أنه يصليها بتسليمة واحدة ولكن طعن في تلك الرواية ومذهب الشافعي رضي الله عنه أنه يصلي مثنى مثنى كسائر النوافل ويفصل بتسليمة حديث صلاة الليل والنهار مثنى مثنى أخرجه أبو داود وابن حبان من حديث ابن عمر وهو الذي صحت به الأخبار وليطول هذه الركعات إذ فيها تفتح أبواب السماء كما أوردنا الخبر فيه في باب صلاة التطوع وليقرأ فيها سورة البقرة أو سورة من المئين أو أربعا من المثاني فهذه ساعات يستجاب فيها الدعاء وأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرتفع له فيها عمل ثم يصلي الظهر بجماعة بعد أربع ركعات طويلة كما سبق أو قصيرة لا ينبغي أن يدعها ثم ليصل بعد الظهر ركعتين ثم أربعا فقد كره ابن مسعود أن تتبع الفريضة بمثلها من غير فاصل ويستحب أن يقرأ في هذه النافلة آية الكرسي وآخر سورة البقرة والآيات التي أوردناها في الورد الأول ليكون ذلك جامعا له بين الدعاء والذكر والقراءة والصلاة والتحميد والتسبيح مع شرف الوقت الورد الخامس ما بعد ذلك إلى العصر ويستحب فيه العكوف في المسجد مشتغلا بالذكر والصلاة أو فنون الخير ويكون في انتظار الصلاة معتكفا فمن فضائل الأعمال انتظار الصلاة بعد الصلاة وكان ذلك سنة السلف كان الداخل يدخل المسجد بين الظهر والعصر فيسمع للمصلين دويا كدوى النحل من التلاوة فإن كان بيته أسلم لدينه وأجمع لهمه فالبيت أفضل في حقه فإحياء هذا الورد وهو أيضا وقت غفله الناس كإحياء الورد الثالث في الفضل وفي هذا الوقت يكره النوم لمن نام قبل الزوال إذ يكره نومتان بالنهار قال بعض العلماء ثلاث يمقت الله عليها الضحك بغير عجب والأكل من غير جوع والنوم بالنهار من غير سهر بالليل والحد في النوم أن الليل والنهار أربع وعشرون ساعة فالاعتدال في نومه ثمان ساعات في الليل والنهار جميعا فإن نام هذا القدر بالليل فلا معنى للنوم بالنهار وإن نقص منه مقدارا استوفاه بالنهار فحسب ابن آدم إن عاش ستين سنة أن ينقص من عمره عشرون سنة ومهما نام ثمان ساعات وهو الثلث فقد نقص من عمره الثلث ولكن لما كان النوم غذاء الروح كما أن الطعام غذاء الأبدانوكما أن العلم والذكر غذاء القلب لم يمكن قطعه عنه وقدر الاعتدال هذا والنقصان منه ربما يفضي إلى اضطراب البدن إلا من يتعود السهر تدريجا فقد يمرن نفسه عليه من غير اضطراب وهذا الورد من أطول الأوراد وأمتعها للعباد وهو أحد والآصال التي ذكرها الله تعالى إذ قال ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال وإذا سجد لله عز وجل الجمادات فكيف يجوز أن يغفل العبد العاقل عن أنواع العبادات الورد السادس إذا دخل وقت العصر دخل وقت الورد السادس وهو الذي أقسم الله تعالى به فقال تعالى والعصر هذا أحد معنيي الآية وهو المراد بالآصال في أحد التفسيرين وهو العشي المذكور في قوله وعشيا وفي قوله بالعشي والإشراق وليس في هذا الورد صلاة إلا أربع ركعات بين الأذان والإقامة كما سبق في الظهر ثم يصلي الفرض ويشتغل بالأقسام الأربعة المذكورة في الورد الأول إلى أن ترتفع الشمس إلى رءوس الحيطان وتصفر والأفضل فيه إذ منع عن الصلاة تلاوة القرآن بتدبر وتفهم إذ يجمع ذلك بين الذكر والدعاء والفكر فيندرج في هذا القسم أكثر مقاصد الأقسام الثلاثة الورد السابع إذا اصفرت الشمس بأن تقرب من الأرض بحيث يغطى نورها العبارات والبخارات التي على وجه الأرض ويرى صفرة في ضوئها دخل وقت هذا الورد وهو مثل الورد الأول من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس لأنه قبل الغروب كما أن ذلك قبل الطلوع وهو المراد بقوله تعالى فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وهذا هو الطرف الثاني المراد بقوله تعالى فسبح وأطراف النهار قال الحسن كانوا أشد تعظيما للعشى منهم لأول النهار وقال بعض السلف كانوا يجعلون أول النهار للدنيا وآخره للآخرة فيستحب في هذا الوقت التسبيح والاستغفار خاصة وسائر ما ذكرناه في الورد الأول مثل أن يقول أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأسأله التوبة وسبحان الله العظيم وبحمده مأخوذ من قوله تعالى واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار والاستغفار على الأسماء التي في القرآن أحب كقوله استغفر الله إنه كان غفارا أستغفر الله إنه كان توابا رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين ويستحب أن يقرأ قبل غروب الشمس والشمس وضحاها والليل إذا يغشى والمعوذتين ولتغرب الشمس عليه وهو في الاستغفار فإذا سمع الأذان قال اللهم هذا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دعاتك كما سبق ثم يجيب المؤذن ويشتغل بصلاة المغرب وبالغروب قد انتهت أوراد النهار فينبغي أن يلاحظ العبد أحواله ويحاسب نفسه فقد انقضى من طريقه مرحلة فان ساوى يومه أمسه فيكون مغبونا وإن كان شرا منه فيكون معلونا فقد قال صلى الله عليه وسلم لا بورك لي في يوم لا أزداد فيه خيرا حديث لا بورك لي في يوم لا أزداد فيه خيرا تقدم في العلم في الباب الأول إلا أنه قال علما بدل خيرا فإن رأى نفسه متوفرا على الخير جميع نهاره مترفها عن التجشم كانت بشارة فليشكر الله تعالى على توفيقه وتسديده إياه لطريقه وإن تكن الأخرى فالليل خلفه النهار فليعزم على تلافي ما سبق من تفريطه فإن الحسنات يذهبن السيئات وليشكر الله تعالى على صحة جسمه وبقاء بقية من عمره طول ليله ليشتغل بتدارك تقصيره وليحضر في قلبه أن نهار العمر له آخر تغرب فيه شمس الحياة فلا يكون لها بعدها طلوع وعند ذلك يغلق باب التدارك والاعتذار فليس العمر إلا أياما معدودة تنقضي لا محالة جملتها بانقضاء آحادها 1

احياء علوم الدين ج 1Donde viven las historias. Descúbrelo ahora