الفصل التاسع عشر : إضطراب

1.2K 63 8
                                    

جلس على اريكته يُفكر كعادته بأحداث اليوم السيئة التي حدثت له ويحاول مواساة نفسه ببعض كلمات لا تُحدث فارقاً ، لم يكن حتى يُفكر بأمور جيدة حدثت في يومه لأنه ببساطة لاشيء جيد يحدث له ، لكن اليوم كان استثنائياً اخيراً فتح جزء اخر من ذاكرته ليستقبل افكاراً جيدة ، بالطبع انها ابتسامة تلك الفتاة او ربما الفتاة نفسها وليس ابتسامتها ، راح يُفكر فيما اذا كان سيُلاقيها مجدداً ، لم تُطل سحابة الافكار السعيدة البقاء فوق رأس إيريك حيث اخذ تفكيره منحىً اخر واخذ يُفكر بوجه الثعلب ومالذي يريده منه وما علاقة روجرز بكل هذا ؟ ، زفر بضيق وقال بصوت مسموع : غدا سيكون يوماً سيئاً للغاية
لايخرج إيريك كثيرا من غرفته هو يشعر بأنها هي والمخزن في المقهى المأمن الوحيد من هذا العالم المُوحش بنظره .
كان الطابق الذي يقطن فيه هاديء تماماً من اي صوت مما يُثير الريبة في قلبه وفي الوقت ذاته يشعره بالراحة راح يِفكر : من الغريب ان لا اسمع أي صوت من الغرفة بجواري منذ ان جئت الى هنا ولم ارى صاحبها ابداً كذلك!
في اثناء انشغاله بأمر تحليل تلك الغرفة صوت طرق الباب اوقفه وجعله يجفل بذعر ، كان خائفاً بالفعل من يكون ياتُرى ، تمنى ان لايكون موظف الاستقبال ليُضايقه فهو في اقصى درجات سعادته عندما يكون في غرفته ولا يريد لأحد افساد هذا عليه
صاح إيريك برجفه في صوته :الباب مفتوح !
لم يرغب ان ينهض لفتحة لكي لا يرتبك اكثر اثناء الحديث لذا فضل الجلوس
دخل من كان خلف الباب ليُصبح داخل الغرفة
تنهد إيريك بإرتياح عند رؤية تلك التجاعيد ، ربما هذا المُدير هو الشخص الوحيد الذي يرتاح عندما يراه ولا تشتد اعصابه عند الحديث إليه لكنه مازال محافظاً على حِرصه فهو لا يثق بأحد على أية حال فقال بتهكم : مالذي اتى بك ؟
لم ينتظر المدير طلب إيريك ليجلس بل سمح لنفسه بالجلوس بجواره : جئت لأُسدي لك النصيحة
قال بنبرة اختلجها شيءٌ من الإنزعاج : لا احتاجها
- بل تحتاجها ! ، الى متى ستستمر حياتك هكذا ، تبقى في هذه الغرفة طوال اليوم يجب ان تخرج ولو قليلاً وتخالط الناس هذا سيؤثر على صحتك ومُستقبلك
كلماته تلك اخترقت قلبه وكانت اشبه بسكاكين منها لكلمات ، ، كان يعرف ذلك ولطالما كان يخبر نفسه بهذا لكن سماع تلك الكلمات من شخص اخر آلمته بشدة !
لم يستطع الحديث كان يكافح ليُحافظ على رباطة جأشه
اردف المدير : اعرف بأن الإختلاط صعب عليك لكن لا ضير من المحاولة .
سحابة هدوء اجتاحت ارجاء المكان فترة ليقشعها المدير رادفاً : مارأيك ان تذهب لطبيب نفسي سيستطيع مساعدتك في التخلص من الاضطراب الذي تعانيه اعرف واحداً يُعتمد عليه
لم يكد ينتهي من جملته حتى انفجرت براكين إيريك التي كان يحاول جاهداً إخمادها فراح يصرخ : طبيب نفسي ؟!! ، أتقول بأنه علي الذهاب إليه ؟ ، انا بخير المشكله في هذا العالم وليست فيّ لما لا تذهبون جميعكم الى الطبيب وتتعالجون هذا هو الصواب
ثم نهض من اريكته وامسك بكتف الرجل العجوز الذي بدى مُستسلما ولا يبدو بأنه سيحاول اقناعه مجدداً ثم جذبه من رداءه واخرجه من الغرفة واغلق الباب واوصده بقوة من خلفه
ما إن هدأ ثوران البركان القابع في صدره بدأ يشعر بندم وحسرة على مافعله ، الشخص الوحيد الذي يعامله بطيب صرخ في وجهه وطرده من غرفته ، راح يُفكر لو كان شخصاً اخر من الحمقى الذين يسخرون منه يومياً لما امتلك الشجاعة ليصرخ في وجوههم بتلك الطريقة ، ضرب بقبضة يده الجدار بجواره بغضب لكن هذه المرة غضبه كان على نفسه ، سيخسر جميع من يعاملونه جيداً مادام يتصرف معهم بهذه الطريقة هذا إن وجدوا اساساً
ماتبقى من يومه الكئيب انقضى بالتفكير واللوم كما يفعل عادة ، ليحين موعد نومه الذي لم يكن يريد منه ان يأتي ابداً لأنه عندما يستيقظ سيكون امامه يومٌ طويل وكئيب وموحش ، بدأ يتمنى لو انه لا يستيقظ مُطلقاً وينام للأبد .

Prisoner of the room | سجين الغرفةWhere stories live. Discover now