1

327 11 8
                                    

عندما تسمع عبارة ( روحين في جسد ) قد يتودد قلبك من لطافة العبارة المقصود بها شدة تعلّق قلبين ببعض , لكن لو كان المعنى حقيقة حرفياً هل سترغب في التجربة ؟!

لم ارغب كذلك في التجربة لكن تلك القوى التي احتلّت جسدي اجبرتني , اعتزلت في منزلي معه .. ذلك الدخيل الذي يريد تجربة الحياة بجسدي .

.

يتمايل جسدي العاري بقوّة على الانغام التي تصدح في ارجاء المنزل خارج نطاق تحكمي , مستسلمة لما يفعل .

:" هل يمكنك التوقف اشعر بالارهاق ! ".

اترجاه لكنه يضحك بقوة مستعيراً صوتي ثم يقول وسط الانفاس المتسارعة :" لنحرك هذه العظام الصدِئة , اشعر بالتعب كذلك لكن الامر ممتع ! ".

:" إرتدي الملابس على الاقل , هذا مقرف ! ".

يجيب بينما يرقص بحماس اكثر :" لا ! هذا مريح , اشعر بالحرية ".

لكنه يتوقف فجأة عند احساسه بالسائل الدافئ يتدفق على وجنتاي ليمسحه متفاجئاً ثم يقول بأسف :" لِم تبكين ؟! أنا اسف ".

استعيد التحكم بجسدي لأسقط غير قادرة على الحراك , اغلق عيناي غارقة في النوم بتعب .

.

اشعر بصفعة على وجهي لأنهض فزِعة قائلة بصراخ غاضب :" مالذي تفعله الان ؟! ".

ترتفع يدي لتشد شعري بقوة لأعلم انه يحذرني من الصراخ , انهض متجاهلة اياه متجهة لدورة المياه , انظر للمرآة لأرى الهالات اسفل عيناي , اتنهد بقوة حسرة على حالي , اشعر بجسدي ينازع نفسه فأستسلم سريعاً عالمةً بأنه هو .

يحتلّ جسدي مع شعوري به ليقول فوراً :" لتخرجي اذا لم يعجبك الامر , فلا يمكن للانسان العيش وحيداً ".

ـ:" ابداً ".

اجيب بإختصار متجاهلة غرابة معرفته بالبشر , يرفع كتفاي بمعنى ' كما تريدين ' ليتجه نحو الدُّش , يخرج بعد الاستحمام محاولاً عدم الانزلاق بسبب جهله بكيفية التحكم بقدماي جيداً حتى الان .

يلقي المنشفة بعيداً بعد تجفيف شعري ليتجه مسرعاً للمطبخ بجسدي العاري مجدداً , يحمل البيض وكالعادة تتكسر في يداي لقوة احكامه عليها ثم يترك تحكم يداي لي لآخذها برقّة ثم اضعها على المقلاة بعد كسرها و سكب القليل من الزيت على المقلاة .

:" سأخرج اليوم للتبضّع ".

اخبره ليتحدث بغضب طفولي ككل مره اخبره بهذا :" وانا سأضل وحيداً هنا ؟  لااا !  ".

ينهض بجسدي ويتعمد الانزلاق لأقع على وجهي وبالتحديد انفي الذي بدأ ينزف بحدة

اصرخ عليه :" انظر ماذا فعلت !! ".

يرد بنفس الطفولية رغم علمي بأنه يفوقني سنّاً ربما بعشرين سنة :" هذا عقاب مقدماً ".

اتنهد بحسرة مجدداً ليترك التحكم لي , انهض بصعوبة واضمّد انفي .. فهذه ليست اول مرة يفعل هذا لي , ارتدي ملابسي لأستعد للخروج مع اخذي للنقود لكني اتوقف عندما اشعر بجسدي ينازع نفسه بقوة فأستسلم له

يترجى عندما يتمكّن من جسدي :" ارجووك , اسمحي لي بالخروج هذه المرة , لن احرجك اعدك ".

ـ:" هل تتوقع مني تصديقك بينما لا تستطيع حتى السير جيداً ؟ ".

اقول بملل فهذه قصيدة تُعاد كل اسبوع , يترجى من جديد :" ارجوك سأحاول , لا استطيع الجلوس وحيداً كأنني الهواء .. هذا يؤذيني ".

يتحدث بحزن واضح لأتردد بالموافقه فيشعر بترددي ويقول :" سأترك لك التحكم عندما يحدث شيء لا افهمه ولن اقحمك في محادثة مع اي احد ".

.

يخرج بعد موافقتي ممسكاً بالحقيبة لأهمس :" عليك الاحتراس فاللصوص كثيرة , حتى صاحب المتجر قد يكون لصاً ".

يومئ بخفة ويبتسم , اشعر بالادرينالين ينبعث بجسدي لأعرف بأنه متحمّس بخروجه , يستقل سيارة اجرة لنصل اخيراً للمتجر .

:" حسناً , اولاً إتجه لقسم المعلبات ".

آمر ليفعل سريعاً ثم نبدأ رحلة التبضّع التي انتهت بسلام , اتحدث بعد خروجنا :" احتاج لشراء الملابس لكن النقود لا تكفي ! ".

يجيبني :" عليك البحث عن عمل , وسأساعدك في هذا ! فأنا اعرف ان هذا الجسد الكسِل لن يتحرك الا بالأمر ".

اتحدث بغضب وحسرة :" انا حتماً لن اعمل وانت معي ".

اشعر ب شفتاي تعبس و نغزة ألم اصابت قلبي فجأه لأعرف بأنه مُحبط .. بل يائس !

اتحدث بسرعة محاولة تصحيح الفكرة :" الامر لا يستحق البحث , سأستعين بأمي إلى ان ينقضي الامر ".

نغزة اخرى تصيب قلبي ليتحدث بألم :" ماذا تقصدين بـ ينقضي الامر ؟ , الامر الذي لا يستحق هو لجوءك لأمك , عليك الاعتماد على نفسك ".

:" لنؤجِل هذا الامر لاحقاً ".

.

.

|

بلـوندلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن