الجزءPart1

7.1K 681 1.4K
                                    

الفصل 1 (الدودة دودة)

هل أتعبتم نفسكم بالتفكير يوما، وأنتم تأكلون البامية ؟؟
بالكائنات التي شردتموها، قتلتموها، ثم وبلا رحمة التهمتم منازلها ؟؟
ألم يخطر ببالكم يوما، ماهية مشاعر الدودة الضئيلة، التي تقذفونها في القمامة إذا ما اكتشفتم مكانها؟
لم تشعرون بالقرف منا و تعاملوننا كالصراصير؟؟ رغم أننا من البامية وإلى البامية، لانقل قدرا عن أي مخلوق آخر، حتى البشر.
أليس لدى أفئدتكم ضمير أيها البشر المتوحشون؟

"كفي عن الصراخ -يادودة البامية- فأنت تزعجين يرقاتنا، وتسببين توقفهن عن انتاج السكر"

"أخرجنني من هنا، فأرتاح من هذا الأسر وترتحن من عويلي" أجبتها باكية، أرثو على حالي، وعلى حال منزلي المقسوم نصفين، وأطفالي الضائع ثمانية أعشارهم ، أكلم النملة الصغيرة التي تخطو على سيقان نبات النعناع العملاق، مع زميلاتها..

"وكأننا سندع وجبة لذيذة مثلك تلوذ بالفرار، لن نتركك ياحلوة حتى نمتص كل مواردك حية ثم نتغذى بجثمانك بعد رحيلك" أجابتني اللئيمة السوداء بتهكم..

مزقت نبرتها ماتبقى سليما من فؤادي المحطم، و تاه وجداني يسرد مامضى من حياتي وما اعتقدته قادما..

كل نقطة من المحيا تناوبت الظهور في ذاكرتي، منزلي وماتبقى من أطفالي، أنى يكون لهم مستقبل هنا، في هذا الأسر ؟

"عجلوا بالتهامي إذا وأريحوني من هذه الحياة" صحت مكلومة الفؤاد، محطمة الأمل، غائصة في خيبة الرجاء، أرثو اليوم الذي تسبب بإيصالي إلى هنا...

الفصل 2 (لفحات من الماضي)

أنا، دودة البامية، بنية البشرة ممشوقة القوام، لطالما نلت اهتمام الذكور لجمالي و كثرة أقدامي الهلامية، و طراوة بشرتي اللامعة، ومقدرتي الهائلة على قضم   البامية باستمرار..

كبرت على يد أمي، وأبي.. و دنت لي ثمار الحياة  اليانعة عندما أصبحت مستعدة لقضم باميتي، و صنع  منزلي الخاص..

وحينما أقبل "دودو" فارس أحلامي، أبيض وسيم، ذو أطراف هلامية، براقة دقيقة عديدة، و ابتسامة  جذابة، مغرية، و مهارة عالية في صنع أخاديد فنية  على أسطح البامية الخضراء.. 

لكن أنى للأحلام الوردية أن تدوم، وعجلة الحظ تركض نحوك حينا ثم تتركك بعد حين؛ فتركني دودو بعد أن ورطني بسبعة وتسعين طفلا -رزقت بهم قبل بضعة أسابيع- و لم يتعب نفسه حتى باختيار اسمائهم معي، فانتهى بي الأمر بتسميتهم بالأرقام حسب ترتيبهم في العمر..

و تلاشى خيال الفارس المغوار دودو من خيالي الوردي، تاركا لي وسط زحمة نعيق الأطفال، فرحل إلى تلك الدودة البيضاء، فقط لأنها تملك بامية أكبر من باميتي، وبشرة أبيض من بشرتي..

سهر وجداني الوحيد يدعو الله؛ أن يأتي المزارع السفاح، و يقطف باميتهم ليذهب بها حيث ذهب بجيراني..

مذكرات "دُوْدَةُ البَاْمِيَةِ" *مكتملة*حيث تعيش القصص. اكتشف الآن