حليفٌ من نوعٍ آخر

33 5 0
                                    

انطلق شينو برحلته الى إيطاليا حاملاً معه آمالاً كبيرة بأن يحظى بالشهرة والمكانة المناسبة ليتجه لإسبانيا، أرض الكرة الحقيقية، حيث أن سبب تأخره بالذهاب اليها هو أن منحة البَعثِ المَمنوحة اليه هي منحة رياضية إيطالية المصدر، الا انه قرر استغلال هذه الفرصة للتعرف على كرة القدم بين لاعبي موهوبين كاللاعبين الايطاليين، لم تكن تكاليف سفره الى هناك والاعتناء بطعامه مشمولةً بالمنحة الرياضية الممنوحة له، لذا اعتنى أصدقاءه ومن معه بالميتم بأمر المصاريف وساعدوه بجمعها ليكون قادراً على الذهاب هناك ومن ثم يتكفل أمره بنفسه، ومن هنا بدأت رحلته الحقيقية، لم يكن شينو لينسى يوماً اول لحظة له دخل بها الى جوف الطائرة، شعر وكأنه في حلم جميل، كانت نظراته تملأها السعاده والشعور بالغرابة في آن واحد، حيث أن كل ما يراه الآن هو غير مألوف عما عهد حيث نشأ وترعرع في الميتم، جلوسه على أحد مقاعد الطائره بحد ذاته كان معجزة تتحقق بالنسبة له، فبمجرد إقلاع الطائرة وإغلاقه لعيناه بدأ عقله يأخذه بأحلام وردية والى عوالم حيث هو بطل أين ما يظهر، وجميع المشجعين يصيحون صوتاً واحداً منادين بإسمه، شيئاً فشيئاً بدأ يشعر وكأن طعم النجاح قد أصبح بفمه، ولكن يال الاسف، جميع أحلامه الوردية تلك تحطمت وذهبت أدراج الرياح كما لو أنها أفكار عابثة بمجرد نزوله من الطائرة وبعد لمس قدمية لأرض إيطاليا، أرض جديدة وحاملة لأحلامة الكبيرة، تعرض شينو لنشال في المطار بينما هو يحاول أن يستوعب أين عليه الذهاب، حيث سُرقت منه محفظته وجواز سفره، فما إن حاول إخراج محفظته من جيبه الايسر ليتم ختم الجواز بالقبول، حتى اكتشف إختفاء محفظته....
يا إللهي، أهذا يحصل حقاً؟؟؟ شينو والتسأل يأكل رأسه... لما؟ لما يحصل ذلك معي أنا؟ والآن أيضاً في أكثر وقت حرج؟؟ ألا يحق لأمثالي أن يحلمو؟؟
شعر بتلك اللحظة بالوحدة القاتلة حيث أنه في بلد غريب عنه، لا يعرف أحداً فيها وهناك تنتظره عند قسم الاستقبال المسؤلة عن ختم زواجات السفر، ولكنه لا يملكه، شعر وكأنه شخص هارب، الا انه وبكل قوة قام بصفع نفسه على كلا خديّه بجدية تامة، وأقنع نفسه بأنه يجب أن يجد حلاً لما يحصل معه، لذا قام سريعاً بالوقوف على أحد المقاعد ليصبح مستوى نظره أعلى من الآخرين ويرى بشكل أفضل من حوله، وبعد أن دقق نظره، رأى شاباً يرتدي قبعة سوداء ومنزلاً رأسه بطريقه مشبوهة بها، شعر أن ذلك هو الشخص المنشود الذي سرقه، لذا هب مسرعاً بإتجاهه كالبرق، ثم لمح طفلاً يلعب بكرة فوجد زاوية مناسبة بإمكانه من خلالها أن يضرب الشاب بالكرة ويجعله يقف، وما إن ضرب الكرة نحو الشاب حتى التف ذلك الشاب بسرعة مخيفة وقام بركل الكرة بقوة بالهواء، حس شينو وكأن الكرة قد تفجرت أمامه، فتلك القوه وتلك الركلة لم تكونا مزحة أبداً بل هي ناجمة عن تدريبات وقوة جسدية وحسية هائلة، وبعدها بلحظات طارت القبعة عن رأس ذاك الشابً، عند إذنٍ رأى من في المطار وجه ذلك الشاب وبدأو بالإلتفاف حوله والصراخ من أجله، ومحاولات أخذ صورة معه وأيضا أخذ توقيعه، وهنا عجب شينو من هذا المنظر، فكيف لشخص كهذا أن يكون مشهوراً؟؟ ما الذي يجري؟؟
استوقف شينو أحد الشبان هناك وسأله عن هويه الشخص الذي تجمع الناس حوله فأجابه الشاب بحماس لا متناهي: انه كارلو، كابتن الفريق الايطالي وملك الهدافين في منتخبنا، الا تعرفه؟؟
شعر شينو بحمقه الشديد، وضحك ضحكة تدلّ على شعوره بالحنق تجاه ذاك الشاب، لم يدري ما يفعل الان، فهو حقاً خسر آخر آماله، إذ وبعد لحظات يتجه نحوه ذاك الشاب المشهور كارلو، بعد أن كان قد إعتذر للطفل الصغير عن ركل كرته بالهواء وأخذ صوره معه، ثم أنزل كارلو رأسه نحو شينو والناس جميعها تنظر اليه وتلتقط له الصور بكثره، ثم قال له: هي أنت...
ثم رفع شينو رأسه بإستغراب متسائلاً: أنا؟؟ تقصدني أنا؟؟
أجابه كارلو باسماً: أجل أقصدك أنت ألست شينو؟؟ الذي جاء من اليابان الى هنا لاحتراف الكرة أم أنني مخطأ في ذلك؟؟
فرد شينو بصخب ليسمعه: أجل أنا هو، ولكن من أين لك أن تعرفني؟؟
من ركلتك: قالها بثقة، نظر شينو بدهشة وكأنه يؤمن بأن ما قاله صحيح، ثم تابع كارلو وهو يضحك من كل قلبه: واااه أحقاً صدقت ذلك؟ ههه مستحيل!
كنت أمزح يا صاح، الامر فقط أني أعرف صورتك حيث أنك الوافد الجديد لفريقنا، تلك المنحة الايطالية هي لك، لذا أعرفك من هذا الامر لا أكثر، ولكن لما قمت بركل تلك الكرة بإتجاهي؟ أكنت تحاول إختبار قدراتي وحسيّ الكروي أم ماذا؟؟
أجابه شينو وهو مرتبك قليلاً: لا الامر ليس كذلك أنا حتى لا أعرفك..
قاطعه كارلو مصدوماً وقال: واااااه ماذا؟ لا تعرفني؟ يا اللهي ما الذي يجري في العالم هذه الايام؟ كابن الفريق الذي ستنضم اليه ولا تعرفني أنت حقاً شيئا آخر...حسناً إن كنت لا تعرفني إذن لما ركلتها علي؟
هلا جعلتني أكمل رجاءاً؟؟
هز كارلو رأسه وأشار له بيده ليكمل بينما هو يوقع للمعجبين...
ثم تابع شينو حديثه، وأخبره كيف سرق منه جواز سفره ومحفظته وكل ما يملك من نقود...
اذ بكارلو ينظر يميناً ثم قام بإطلاق ضحكة صاخبة للغايه فقال له وهو يربت على كتفه: أه عزيزي، بالفعل إنك غرّ وصغير للغاية، أترى ذلك الرجل هناك؟ إنه يدعى رجل أمن وقد أمسك بذلك النشال، وقد كان ينادي عليك منذ بعض الوقت، حقاً إنك مضحك إذهب اليه وأحضر أشياءك ثم إلحق بي سوف أخذك معي الى حيث وجهتك بما أننا متجهان الى ذات المكان..
شعر شينو لحظتها بالخجل الشديد ولم يدري بما يرد، فقد ظهر أمام كارلو هذا بمظهر الاحمق المحض، مما كسر غروره الشديد، وما إن أنهى كافة أموره المتعلقة بالمطار، لحق بكارلو الذي ما زال محاصراً بعدد كبير من المعجبين، فسأله شينو: كيف لك أن تحتمل ملاحقتهم لك كل هذا الوقت؟؟
رد عليه كارلو وهو ينظر اليه بنظره شبه مرعبه قائلاً: هذا هو تماماً سبب ارتداءي لتلك القبعة، حتى لا يتعرف علي أحد، ولكن الشكر يعود لشخص ما حيث دفعها لتطير عن رأسي...
ضحك شينو ورد قائلاً: اوه أعتذر، ولكن الأمر جميل، الا ترى ذلك معي؟ أعني الشهره، إنظر كم يحبوك ويريدون البقاء معك..
رد عليه كارلو بضحكه خبيثة: اووه هذا الان فقط ولكن ما إن تنتشر إشاعه، لا تدري لما يصبح الجميع همجيين نحوك... ااااه فعلاً إنك مبتدأ، هيا الان اركب علينا الذهاب لقد تعبت....
دخل شينو الى السيارة الفخمة، ثم وقف كارلو امام مشجعيه ومحبيه قائلاً: إعذروني أحبتي علي التوجه الى الملعب الآن للتمرن قليلاً، والا فسد جسدي ولن يعود نافعلاً لي ولكم .. اعطى مشجعيه غمزة قاتلة ثم ركب بسرعه الى جانب شينو وانطلق السائق بهم نحو الملعب الكبير الذي يتدرب فيه نخبة من إختيروا ليصبحو لاعبي كرة قدم جديرين، كانت المناظر من حول شينو تشعل فيه الحماسه أكثر فأكثر، لكن أكثر ما جذبه وجعل عيناه تلمعان بمجرد رؤيته هو الملعب الأخضر الواسع، شعر بتسارع نبضات قلبه، أراد النزول حالاً للعب وركل الكرة بين قدميه مراراً، في تلك اللحظة شعوره بالوحدة كان قد تلاشى تماماً وكأنه وجد ما كان يبحث عنه، فهدوء تلك الخضرة والكرة التي تتأرجح بين أقدام اللاعبين أشعره بالطمأنينة والاعتياد، حيث أن صديقه المعتاد لم يتركه أبداً، مما دفعه للابتسام بهدوء، بعدها وصلا أمام مبنى الملعب، وهناك رأى كارلو السعادة الغامرة على وجه شينو، رأى بعينيه ذاك الحماس للكرة الذي يمكن له أن يجعل لاعب الكرة يصنع المعجزات، وما إن دخلا الى حجرة المدرب حتى اللتف لينظر نحو شينو بنظرات غضب واستنفار، رفع المدرب لوسيفير يديه وراء ظهره وقال بعنجهية لاذعة: هل أنت هو شينو؟ اللاعب القادم من اليابان؟؟.... يتبع

بطل اللحظات الاخيرةWhere stories live. Discover now